< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

42/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - قاعدة لا ضرر – شرائط جريان الأصول العملية - مبحث الأصول العملية.

قال السيد الشهيد(قده) في بيان ما ذكره:- ( إنَّ هذه الزيادة في رواية زرارة لا توجب تغييراً في المقدار الذي نقلها الحذّاء فلعل الحذّاء لم يكن يقصد نقل أزيد مما نقله وليس في كلامه شهادة بعدم هذه الزيادة التي هي مطلب آخر مستقل )[1] .

وفي التعليق نقول:- صحيح أنَّ فقرة ( لا ضرر ولا ضرار ) هي حكم آخر ولكن ليس هو حكم آخر مستقل لا ربط بسابقه، وإنما هذه الزيادة هي تعليل للحكم السابق، والتعليل من المناسب أن يتصدَّى الشخص العاقل لنقله مادام الحكم معللاً به، وهذا علّة له، فمن المناسب نقل العلّة إلى جنب الحكم المعلَّل، نعم إذا كانت أحكاماً استقلالية متعددة فهنا نسلّم أنه ليس ظاهر حال الناقل أنه ينقل كل ما سمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو من الامام عليه السلام وإنما البعض يريد أن ينقل الكل والبعض الآخر يريد أن ينقل النصف والبعض الآخر يريد أن ينقل الربع، فهذا مقبول في الأحكام المستقلة، وأما في موردنا فإنَّ ( لا ضرر ) جاءت كتعليلٍ للحكم السابق، ومادامت تعليلاً له فمن المناسب للعاقل الحكيم أن ينقل التعليل ولا يفصل بيه وبين المعلَّل فينقل المعلل دون نقل العلَّة، فإذاً ما ذكره السيد الشهيد(قده) قابل للمناقشة من هذه الناحية.

ونحن وإن لم نؤيد ما ذكره السيد الشهيد(قده) ولكن في نفس الوقت لا نؤيد ما ذكره شيخ الشريعة(قده) من أنَّ المستفاد من كلمات المشهور أنه عند الدوران بين أصالة عدم الزيادة وأصالة عدم النقيصة تقديم أصالة عدم الزيادة ولذلك ذكروا هذه القاعدة ونسبوها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهذا معناه أنهم يبنون عند المعارضة بين هاتين الأصالتين على أصالة عدم الزيادة، فنحن لا نؤيده من هذه الزاوية وذلك: -

أولاً: - لعل المشهور ذهبوا إلى أنَّ رواية الحذّاء ليست معتبرة لوجود الصيقل كما نحن ذكرنا ذلك، فتبقى الرواية الوحدة هي موثقة ابن بكير عن زرارة وهي مشتملة على فقرة لا ضرر، فتبقى من دون معارضٍ، فلذلك اختار المشهور ثبوت قضية لا ضرر ولا ضرار ونسبوها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأنَّ معارض هذه الرواية ساقط عن الاعتبار.

ثانياً: - إنه حتى لو سلّمنا أنَّ المشهور اعتبر رواية الحذّاء سنداً كما اعتبرها شيخ الشريعة ولكن مع ذلك يمكن أن نقول إنهم قدّموا موثقة ابن بكير لنكتة أخرى لا من باب تقديم أصالة عدم الزيادة على أصالة عدم النقيصة، وهي أنَّ الروايات الناقلة لقضية لا ضرر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليست واحدة بل هي أكثر وقد نقلها ابن بكير عن زرارة وهذا هو النقل الأول، وأيضاً نقلها عبد الله بن مسكان عن زرارة وهذا هو النقل الثاني هو يؤكد ويدعم النقل الأول، ويوجد نقل ثالث وهو أنَّ الشيخ الصدوق(قده) قد نقلها مستقلةً في عبارته المتقدمة التي قال فيها:- ( وكيف يحرم المسلم ميراث الكافر مع قول النبي صلى الله عليه وآله لا ضرر ولا إضرار في الإسلام )، فإذا أردنا أن نقدّم أصالة عدم النقيصة فهذا يستلزم ثبوت ثلاث غفلات - غفلة عبد الله بن بكير عن زرارة فهو غفل وذكر هذه الجملة، والغفلة الثانية هي لعبد الله بن مسكان فهو غفل ونقل هذه العبارة عن زرارة والحال أنها ليست موجودة، وكذلك غفل الشيخ الصدوق(قده) وذكر هذه العبارة أيضاً - فإذاً المرجّح هو أصالة عدم النقيصة، يعني أنَّ النقيصة في محلّها، يعني حينما زيدت هذه العبارة في صحيحة زرارة فهي بسبب الغفلة، وبهذا يلزم حدوث ثلاث غفلات، فالأمر يدور بين ثلاث غفلات من هذه الزاوية وبين غلفة واحدة من زاوية رواية الحذّاء التي رواها الصيقل فذاك غفل فأنقصها، فيدور الأمر بين أن يكون الصيقل عن الحذّاء قد غفل فأنقصها وحذفها وبين أن غفل هؤلاء الثلاثة وزادوها غفلةً، فيقدّم وجودها لأنَّ احتمال حصول ثلاث غفلات ضعيف في مقابل غفلةٍ واحدة من قبل الحذّاء حيث انقص، فلعل المشهور بنوا على هذا من باب أنهم لاحظوا هذه القضية وهي أنه توجد ثلاث غفلات في مقابل غفلة واحدة، لا أنهم بنوا على ذلك من باب ما ذكره شيخ الشريعة حيث قال أنهم بنوا على أنَّ أصالة عدم الزيادة مقدّم على أصالة عدم النقيصة وذلك نسبوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وجود هذه الفقرة وإنما يحتمل أن مستندهم ليس هو تقديم أصالة عدم الزيادة في مقابل أصالة عدم النقيصة بل المستند أنه لا تقدّم هذه الأصالة على تلك الأصالة أو بالعكس وإنما يوجد عندهم تردّد وتوقّف ولكن في هذا المورد قدموا أصالة عدم الزيادة لا بما هي بل للزوم ثلاث غفلات في مقابل غفلة واحدة، وهذا الاحتمال موجود، فإذا ما أفاده شيخ الشريعة(قده) قابل للتأمل.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo