< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/03/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه السادس من تنبيهات الاستصحاب ( استصحاب الكلي والفرد المردد )- مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

وقبل بيان النقطة الرابعة نقول:- إنَّ المستصحب مرّة يكون أمراً كلياً وأخرى فرداً، وإذا كان فرداً فتارةً يكون فرداً معيناً وأخرى يكون فرداً مردّداً، واستصحاب الكلي من القسم الأول أو الثاني يجرى من دون إشكال وكذلك استصحاب الفرد، وإنما الكلام في استصحاب الفرد المردّد، ومثاله ما لو فرض أنَّ شخصاً نذر إن كان زيد قد دخل المسجد وبقي إلى الظهر فسوف أقرأ سورة البقرة وإن كان دخل عمرو وبقي إلى الظهر فأقرأ سورة الفيل وهو يعلم أنَّ أحدهما قد دخل دون الثاني، ففي مثل هذه الحالة لا يستصحب الكلي لأنَّ الأثر لم يترتب عليه وإنما الأثر مترتب على الجزئي - وهو زيد وبقاءه إلى الظهر أو عمرو- فاستصحاب الفرد أيضاً لا يجري لأنك أيّ فردٍ تستصحب فهل تستصحب زيد فأنت لا يقين لك بدخوله المسجد حتى تستصحب بقاءه إلى الظهر، وكذلك عمرو فأنك لا تعلم بدخوله المسجد حتى تستصحب بقاءه إلى الظهر، فاستصحاب الفرد المردّد هو هذا.

والجواب: - المناسب عدم جريانه، وذلك لأنَّ المراد باستصحاب بقاء زيد فجوابه واضح فإنَّ وزيداً لم أعلم بدخوله في المسجد صباحاً حتى اشك في بقائه إلى الظهر، فلا يوجد يقين بالحدوث حتى يجري الاستصحاب، وهكذا الحال في عمرو، فالاستصحاب في الفرد المردد لا يجري.

إن قلت: - نحن نستصحب بقاء ذلك الداخل إلى الظهر.

وجوابه: - إن هذا استصحاب للكلي - الانسان - وليس استصحاباً للفرد المردّد والمفروض أنَّ الأثر يترتب على الجزئي وليس على الكلي - لا على عنوان الداخل أو عنوان الفرد أو عنوان الانسان - وإنما هو مترتب على عنوان زيد أو عمرو، والمفروض أنه لا يقين لي بدخول زيد لا بدخول عمروٍ، فاستصحاب الفرد المردّد لا يجري.

إن قلت: - يوجد طريق آخر لإثبات جريان الاستصحاب فيه، وذلك بأن نقول: نحن نستصحب الداخل إلى المسجد واقعاً، فنحن نشك أن الداخل في المسجد واقعاً هل خرج أو هو باقٍ إلى الظهر فنستصحب بقاءه.

وجوابه واضح: - إنَّ الداخل واقعاً هو الفرد المعيّن، فهذا استصحابٌ للفرد المعين وليس استصحاباً للفرد المردّد، فعلى هذا الأساس استصحاب بقاء ذلك الداخل صباحاً واقعاً وإن جرى ولكنه ليس استصحاباً للفرد المردّد وإنما هو استصحابٌ للفرد المعيّن، وعلى هذا الاساس استصحاب الفرد المردّد لا يجري لو فرض ترتب أثرٍ عليه للنكتة المذكورة.

إن قلت: - إذا كان استصحاب الفرد لا يجري فكيف يجري استصحاب الكلي من القسم الثاني فإنَّ استصحاب الكلي من القسم الثاني يجري مسلّماً من دون إشكال فكيف يجري هو ولا يجري استصحاب الفرد المردّد؟

والجواب: - إنَّ المستصحب في الكلي هو كلي الانسان المردّد فرده بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع وليس الفرد.

فإذاً الفارق بين استصحاب الكلي من القسم الثاني وبين استصحاب الفرد المردّد واضح، فإنه في استصحاب الكلي من القسم الثاني المستصحب هو الكلي والكلي هو الانسان مثلاً أو عنوان الداعي فنستصحب الكلي، فالأثر مترتب على العنوان الكلي لا على الأفراد، بخلافه في استصحاب الفرد المردّد فإنَّ الأثر مترتب على الفرد.

وبهذا اتضح أنه إذا كان أحد الفردين مقطوع البقاء والآخر مقطوع الارتفاع لا يجري الاستصحاب.

وأما إذا كان أحدهما محتمل الارتفاع فحينئذٍ لماذا لا يجري الاستصحاب؟

والجواب: - إنَّ محتمل الارتفاع نحن لا نقطع بدخوله حتى يجري الاستصحاب فيه.

فإذاً لا الفرد محتمل الارتفاع يجري فيه الاستصحاب ولا الفرد مقطوع البقاء أو مقطوع الارتفاع يجري فيه الاستصحاب لأن كل واحدٍ مهما لا نعلم بحدوث دخوله حتى يجري الاستصحاب بلحاظه.

إن قلت: - سلّمنا أنَّ استصحاب الفرد المردَّد لا يجري ولكن يوجد شيء يمكن التعويض به عنه وذلك بالتمسك بفكرة العلم الاجمالي، حيث نعلم أنَّ أحدهما قد دخل المسجد فالأثر يترتب إذاً من باب العلم الاجمالي وليس من باب استصحاب الفرد المردّد.

والجواب: - المفروض أنَّ الأثر يترتب على بقاء الفرد المردّد وليس على حدوث الفرد، والعلم الاجمالي متعلّق بالحدوث لا بالبقاء، فالعلم الاجمالي لا ينفعنا، وعليه فلا يصلح الاستعانة بالعلم الاجمالي.

ومن خلال هذا كله تكون النتيجة هي أنَّ استصحاب الفرد المردّد لا يجري لا بنفسه ولا من خلال العلم الاجمالي، وإنما الذي يجري إما هو استصحاب الكلي أو استصحاب الجزئي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo