< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التنبيه السابع من تنبيهات الاستصحاب ( وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة )- مبحث الاستصحاب - الأصول العملية.

ونلفت النظر إلى أنه ليس المقصود من وحدة الموضوع وحدته في عالم الخارج وإنما لابد وأن يكون الموضوع وكذلك المحمول واحداً بقطع النظر عن الوجود الخارجي، مثلاً هذا الماء كان كراً فينبغي أن تكون القضية المشكوكة واحدة أيضاً - يعني هل هذا الماء كراً أو ليس بكر - فنحن توجد عندنا قضية متيقنة ونشك في بقائها فهنا يجري الاستصحاب.

واعتبر الشيخ الأعظم(قده) في الرسائل وحدة الموضوع والمحمول أيضاً ولكن استدل له بما يشبه البرهان الفلسفي حيث قال:- إذا لم يكن الموضوع واحداً فيلزم إما انتقال العرض إلى غير موضوعه فيما إذا حصل موضوعٌ ثانٍ فيلزم انتقال ذلك العرض الثابت للموضوع الأول إلى موضوعٍ ثانٍ وهذا غير ممكن، إذ من الواضح أنَّ كل عرضٍ متقوّمٌ بموضوعه وليس متقوماً بموضوعٍ آخر، وإذا فرض أنَّه لم ينتقل إلى موضوعٍ آخر فقد زال موضوعه وهذا معناه أنَّ العرض بقي من دون موضوع وهو غير ممكن أيضاً، وعليه فيلزم اعتبار وحدة الموضوع حتى يكون العرض ثابتاً للموضوع، والعرض هنا مثل النجاسة كما لو قلنا هذا الماء نجس فالنجاسة هي العرض، فلو فرض أنَّ الماء تغير فالنجاسة التي هي عرضٌ للموضوع الأول سوف تثبت للموضوع الثاني وهو غير ممكن، إذ من المعلوم أنَّ كل عرضٍ متقوّمٌ بموضوعه، وأما إذا بقي العرض ولم ينتقل إلى موضوعٍ ثانٍ يلزم من ذلك بقاء العرض من دون موضوع وهو غير ممكن أيضاً، قال:- ( ثم الدليل على اعتبار هذا الشرط في جريان الاستصحاب واضح لأنه ... إما أن يبقى في غير محلٍ وموضوع وهو محال، وإما أن يبقى في موضوع غير الموضوع السابق ومن المعلوم أنَّ هذا ليس ابقاءً لنفس ذلك العارض وإنما هو حكم بحدوث عارض مثله في موضوع جديد فيخرج الاستصحاب ... وبعبارة أخرى: بقاء المستصحب لا في موضوع محال وكذا في موضوعٍ آخر إما لاستحالة ... )[1] .

ويرد عليه: -

أولاً: - يوجد طريق قصير لإثبات المطلوب من دون حاجة إلى هذا التطويل، وهو التمسك بكلمة النقض، فإنه لا يصدق النقض من دون وحدة الموضوع والمحمول.

ثانياً: - إنَّ ما ذكره يتم في الأمور التكوينية والنقض التكويني دون النقض الاعتباري، ونحن نريد أن نقول إنه مع وحدة الموضوع يلزم النقض اعتباراً لا النقض حقيقةً حتى نحتاج إلى هذا البرهان، فإنَّ هذا البرهان يتم في الأمور التكوينية الحقيقية ونحن نقول إنه مع وحدة الموضوع والمحمول لا يمكن الابقاء ولكن لا يمكن الابقاء اعتباراً دون البقاء الحقيقي، فإنَّ الأحكام أمورٌ اعتبارية وكل الحديث في عالم الاعتبار لا عالم الحقيقة، وعليه فلا داعي لما ذكره.

كما أنَّ الجوهر لا يحتاج إلى العرض، مثل زيدٍ فلو شككنا أنه باقٍ على قيد الحياة أو لا فهذا جوهرٌ - وليس عرضاً - وهو لا يحتاج إلى محل، فلا يلزم محذور بقاء العرض من دون محل أو يلزم محذور بقاءه في معروضٍ آخر فإن هذا يتم فيما إذا كان المستصحب من قبيل الأعراض أما إذا كان المستصحب من قبيل الجواهر فلا يتم ما أفاده، كما لا يتم ما أفاده لو فرض أنَّ المستصحب كان من الأمور العدمية التي لا تحتاج إلى محلٍ كعدم زيد.

وهذا بخلاف ما ذكرناه من توجيهٍ وهو النقض، فإنَّ النقض لا يصدق إلا مع وحدة الموضوع والمحمول، وهذا يتم حتى في الجواهر وفي الأمور العدمية.

وقد يشكل على اشتراط بقاء الموضوع ويقال: - إنَّ لازم اشتراط بقاء الموضوع عدم جريان الاستصحاب في الموارد التي لا نحرز فيها بقاء الموضوع، كما إذا شككنا في بقاء عدالة زيد والمفروض أنَّنا نشك في أصل وجود زيدٍ ونحتمل عدمه، فعلى هذا الأساس كيف نستصحب العدالة والحال أننا لا نجزم ببقاء زيدٍ في عالم.

والجواب: - نحن نشترط وحدة الموضوع - ووحدة المحمول - لا بقاءه خارجاً، وينبغي التفريق بين هذين المطلبين، فعلى هذا الأساس يجري استصحاب عدالة زيدٍ حتى إذا لم نجزم ببقائه في عالم الوجود، فمادام هو عادل سابقاً ونشك في بقاء عدالته فسوف يجري استصحاب عدالته.

نعم إذا كان الأثر يترتب على العدالة والوجود معاً - لو فرض ذلك - فبالإمكان حينئذٍ التغلب على المشكلة بإجراء استصحابين، استصحاب بقاء زيدٍ في عالم الوجود لأنه كان موجوداً ونشك في وجوده الآن فنستصحب بقاءه، وكذلك نجري استصحاب بقاء عدالته، وأما إذا كان الأثر مترتباً على العدالة فقط دون الوجود فنستصحب العدالة فقط ولا يلزم حينئذٍ احراز الوجود.


[1] كتبا المكاسب، الأنصاري، ج3، ص290.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo