< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/04/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تقدم الامارة على أصل البراءة، تقدم الامارة على اصلي الاحتياط والتخيير- التنبيه الثامن( وجه تقدم الامارات على الاستصحاب ) - تنبيهات الاستصحاب- مبحث الاستصحاب.

تقدم الامارة على أصل البراءة: -

كنا في التنبيه الثامن وكان عنوانه وجه تقدم الامارات على الاستصحاب، وكان الكلام يدور فيه حول وجه تقدم الامارة على الاستصحاب، ولكن نحن عقدنا هنا عنواناً آخر تحت هذا التنبيه أيضاً وهو تقدم الامارة على أصل البراءة، وقد يقول قائل: - لماذا عقدتم هذا العنوان الآخر فإنَّه ليس محلاً لكلامنا الآن ولم يعقد هذا التنبيه لأجله؟ والجواب: - ما دمنا قد تعرضنا إلى وجه تقدم الامارة على الاستصحاب فلا بأس من تتميم هذا البحث ببحث وجه تقدم الأمارة على البراءة لأنَّ البراءة أيضاً هي أصلٌ كالاستصحاب.

وأما الجواب في وجه تقدّم الامارة على أصل البراءة نقول: -

أولاً: - إنَّ نفس النكتة التي ذكرناها في تقدم الامارة على الاستصحاب تأتي هنا أيضاً، فيقال إنَّ الامارة على الوجوب أو الحرمة إنما تتقدم على أصل البراءة من باب أنها قد شرّعت في مورد أصل البراءة وكأنَّ دليل الامارة على الوجوب أو الحرمة يقول لا تأخذ بأصل البراءة وإنما خذ بالأمارة الدالة على الوجوب أو التحريم، فتتقدم عليه من باب أنَّ حجيتها قد شرّعت في مورد جريان أصل البراءة ولازم ذلك تقدمها عليه.

ثانياً: - لو لم تتقدم الامارة الدالة على الوجوب أو التحريم على أصل البراءة للزم أن لا يبقى مورد لحجية الامارة ويصير تشريعها لغواً، ونفس هذا المحذور يصير قرينةً على أنها مقدّمة على أصل البراءة.

إن قلت: - إنَّ هذا المحذور كما يلزم من طرف الأمارة يلزم من طرف أصل البراءة أيضاً، لأنه لو تقدمت الامارة على أصل البراءة سوف يلزم لغوية تشريعه، فالمحذور موجودٌ من كلا الطرفين؟!

قلت: - إنَّ الأصل يبقى له مورد يمكن جريانه فيه وهو حالة عدم وجود أمارةٍ في البين، كالتدخين حرامٌ أو ليس بحرام والشيء الفلاني حرامٌ أو ليس بحرام ... وهكذا، فهناك أمورٌ كثيرة مشكوكة الحرمة ولا توجد أمارة في موردها، وعليه يبقى المجال واسعاً لأصل البراءة ولا يلزم هذا المحذور.

تقدم الامارة على أصل الاحتياط والتخيير: -

إنه قد يتساءل ويقال: إذا كان عندنا أمارة على الحرمة فسوف لا يجري أصلي الاحتياط والتخيير – الاحتياط في موارد العلم الإجمالي مثلاً والتخيير في موارد الدوران بين المحذورين- فكيف نوجه تقدّم الامارة على هذين الأصلين؟

وفي الجواب نقول:- إنَّ أصل الاحتياط لو كان ثابتاً وهكذا أصل التخيير فهما أصلان عقليان، يعني أنَّ العقل يحكم في موارد الدوران بين المحذورين بالتخيير، وهكذا يحكم بالاحتياط في موارد الشك في المكلف به مع العلم بالتكليف كما لو لم نعلم في ظهر يوم الجمعة أنَّ الواجب هو صلاة الظهر أو الجمعة ففي مثل هذه الحالة العقل يحكم بالاحتياط بالجمع بينهما، ومن المعلوم إنَّ العقل إنما يحكم بالتخيير في مورد الدوران بين المحذورين إذا لم تكن هناك حجّة شرعية في البين وأما مع وجودها فلا تصل النوبة إلى حكمه، فالعقل حكمه ضيّق من البداية، ومع وجود الأمارة على وجوب الجمعة مثلاً أو الظهر سوف لا يحكم العقل آنذاك بالتخيير أو بلزوم الاحتياط لوجود الحجَّة الشرعية.

تقدم الامارة على أصل الطهارة: -

إذا فرض أننا نشك في نجاسة شيء ولكن قامت الامارة كخبر الثقة بوقوع النجاسة فيه فهنا توجد أمارة على تنجّس الشيء وسوف لا يجري أصل الطهارة بل تتقدم الامارة الدالة على النجاسة عليه - بعد الالتفات إلى أنَّ أصل الطهارة يقول ( كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه نجس ) - وأنا لا أعلم بأن هذا الشيء نجس، ولكن لماذا تقدم الامارة الدالة على النجاسة على أصل الطهارة؟

والجواب: - إنَّ أصل الطهارة يجعل الطهارة فيما إذا لم يعلم الشخص بحال الشيء وأنه طاهر أو نجس، أما إذا فرض قيام الأمارة على نجاسته فهذا معناه أنَّ الشرع المقدّس قد جعلني عالماً ومتيقناً بالنجاسة فلا تصل النوبة حينئذٍ إلى أصل الطهارة فإنَّ أصل الطهارة قد جعله الشرع المقدّس دليلاً مثبتاً للطهارة في حالة عدم وجود ما يدل على النجاسة، وحيث إنَّ الأمارة تشهد بالنجاسة فحينئذٍ تكون هي المقدمة ويكون المكلف بمثابة العالم بنجاسة الشيء فلا يجري أصل الطهارة.

وبهذا انتهينا من التنبيه الثامن.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo