< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/05/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- التنبيه التاسع ( حكم تعارض الاستصحابين وتعارض الاستصحاب مع غيره )- تنبيهات الاستصحاب- مبحث الاستصحاب.

وما هو الدليل على تقدم الأصل السببي على الأصل المسبَّبي؟

والجواب:- إنَّ ذلك لوجوه:-

الأول:- الاجماع.

ويمكن أن نقول إنَّ هذا الاجماع يمكن أن يورث الاطمئنان للفقيه.

ونحن نذكر أمثلة لتقدم الأصل السببي على الأصل المسبَّبي وهي ما يلي:-

الأول:- من شك في بقاء طهارة ثوبه أو بدنه وحان وقت الصلاة فهنا نقول له إنَّ الحالة السابقة كانت هي طهارة الثوب أو البدن فيجري استصحاب طهارة الثوب أو البدن، والحال أنه يوجد في المقابل استصحابٌ وهو أننا إذا صلينا وانتهينا من الصلاة نشك هل فرغت ذمتنا أو لا وهذا شكٌّ في فراغ الذمَّة بعد اليقين باشتغالها ومقتضى الاستصحاب بقاء اشتغال الذمة، وحينئذٍ يكون عندنا استصحابان الأول استصحاب بقاء طهارة البدن أو الثوب والثاني استصحاب بقاء شغل الذمَّة وهنا لايشكل فقيه أو متفقه في تقدم الاستصحاب الأول الذي هو أصل سببي على الثاني الذي هو أصل مسبَّبي بل يُعدُّ هذا من أوليات الفقه.

الثاني:- الكرية، كما لو كان عندنا ماء بمقدار كرٍّ وأخذنا مقداراً منه مقداراً ثم كانت اليد متنجسة وأردنا تطهيرها بهذا الكر وذلك بادخالها فيه فحينئذٍ نشك هل هو باقٍ على الكرية أو لا وبالتالي نشك هل طهرت اليد بادخالها فيه أو لا فهنا سوف نحكم باستصحاب الكرّية وبالتالي نحكم بطهارة اليد ولا يوجد فقيهٌ يشك في ذلك.

الثالث:- استصحاب اطلاق الماء، فلو كان الماء الموجود في الابريق مثلاً مطلقاً وأردنا أن نستنجي به ولكن شككنا هل تحوّل إلى ماءٍ مضاف أو لا فهنا لا اشكال في أننا نستصحب اطلاق الماء وبالتالي نحكم بحصول التطهير به ولا يوجد من يتوقف في ذلك.

الرابع:- ما لو فرض أنَّ شخصاً مات فتركته سوف يرثها أولاده ولكن كان واحداً منهم في بلادٍ بعيدةٍ مقطوعة الاخبار فهل يجب علينا عزل حصة له بمقدار سهمه لو كان حياً؟ إنه لا إشكال جواز تقسيم التركة على الورثة ولكن في مثل هذه الحالة يلزم عزل مقدار حصته، فالاستصحاب السببي - وهو استصحاب الحياة - هنا يجري، وفي مقابلة يوجد استصحاب مقابل حيث نقول إنه قبل فترةٍ لم يستحق هذا الابن شيئاً ولو لعدم موت الأب ولكن الآن نشك هل يستحق أو لا فحينئذٍ نستصحب الحياة وبالتالي لابد وأن تعزل حصته إلى أن يحصل اليقين بموته.

الخامس:- ما لو استطاع المكلف مالياً إلى الحج ولكنه يشك هل هو مشغول الذمة لبعض أخوته أو اصدقائه بدينٍ أو لا، فهو يشك في أصل شغل الذمة فإن كان مشغول الذمة بالدين فعلية أن يدفع مقدار الدين وفي مثل هذه الحالة لا يكون مستطيعاً للحج وإن لم يكن مديناً فالاستطاعة متحققة ففي مثل هذه الحالة ماذا يفعل؟ إنه يجري استصحاب براءة الذمة من الدين للصديق أو الأخ لأنَّ الحالة السابقة كانت هي براءة الذمة من الدين وعليه فسوف يكون مستطيعاً للحج ويثبت عليه وجوبه من دون أن يعارض باستصحاب البراءة من الحج، بل مادام يوجد عنده مقدار الاستطاعة فالحج واجباً عليه ولا يجري استصحاب البراءة من الحج لأنَّ شغل الذمَّة للأخ أو الصديق قد نفيناه بالاستصحاب، فاستصحاب براءة الذمَّة للصديق الذي هو أصل سببي يجري وبجريانه يبقى الاستصحاب المسبَّبي - وهو وجوب الحج - على حاله من دون أن يعارض بهذا الاستصحاب.

هذه شواهد لكون المسألة اجماعية أو بديهية وقس عليها ما سواها.

نعم قد نرى العكس أي قد يقال بعدم تقدم الأصل السببي على المسببي في موردين:-

الأول:- ما ذكره الشيخ الطوسي(قده) في الخلاف[1] في أنَّ العبد إذا غاب ولم يعلم خبره لم تجب فطرته على سيده، والحال أنَّ المناسب تقدم الأصل السببي فيلزم الحكم بالوجوب ولكن الشيخ حكم بعدم الوجوب.

الثاني:- ما ذكره المحقق الحلي في المعتبر، حيث نقل ذلك عن الشيخ الطوسي(قده) ودافع عنه بقوله:- ( وقولهم الأصل البقاء معارضٌ بأنَّ الأصل عدم الوجوب )[2] .

ومقصوده أنه إذا قال قائل إنَّ الأصل هو بقاء العبد حياً فإنَّ حالته السابقة هي الحياة فهذا معارضٌ بأنَّ الأصل هو براءة ذمّة المولى فإنَّ الحالة السابقة عدم شغل الذمَّة لأنَّ الفطرة لم تكن واجبة قبل ليلة العيد فالذمَّة بريئة فنستصحب براءة الذمَّة.


[1] الخلاف، الطوسي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo