< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- التنبيه التاسع ( حكم تعارض الاستصحابين وتعارض الاستصحاب مع غيره )- تنبيهات الاستصحاب- مبحث الاستصحاب.

وفي التعليق على التمسك بفكرة الحكومة نقول:-

أولاً:- إن تمَّ فهو يتم فيما إذا كان الأصل السببي يدل على جعل العملية ومفاده هو جعل العلمية كالاستصحاب فإنَّ المجعول فيه هو العلمية، يعني أنَّ الشاك في البقاء جعله الشرع عالماً بالبقاء، ففي مثله يمكن أن يقال إذا صار المكلف عالماً بأنَّ الماء باقٍ على الطهارة فسوف يرتفع الشك المسبَّبي لأنه عالمٌ بطهارة الماء فيلزم بالتبع أن يعلم بطهارة اللباس ويرتفع الشك حينئذٍ، ولا تتم فكرة الحكومة في الأصل الذي لم تجعل فيه العلمية كالأصول الأخرى التي لا يتستفاد منها جعل العلمية كأصل البراءة.

إن قلت:- كيف استفدنا من روايات الاستصحاب أنَّ المجعول في باب الاستصحاب هو العلمية؟

قلت:- إنَّ الامام عليه السلام قال:- ( لا تنقض اليقين بالشك ) ويمكن أن يقال إنَّ المستفاد من هذا التعبير أنك أيها المكلف بَعدُ باقٍ على اليقين وأنت بحكم المتيقّن والعالم، وهذا هو معنى جعل العلمية.

فإذاً فكرة الحكومة إذا تمت فهي تتم فقط وفقط في باب الاستصحاب، فالاستصحاب السببي بما أنَّ المجعول فيه هو العلمية فسوف يكون حاكماً على الاستصحاب المسبَّبي.

ثانياً:- يمكن أن يقال صحيح إنَّ المجعول في الاستصحاب هو العلمية لكنها العلمية من زاوية الجري العملي وليس من زاوية الانكشاف، فيراد أن يقال للمكلف أنت متيقنٌ في مقام الجري العملي فجريك العملي يلزم أن يكون كجري العالم ببقاء الطهارة لا أنَّك عالمُ بالواقع أعني الطهارة نفسها حتى يكون ذلك حاكماً على استصحاب بقاء النجاسة في اللباس الذي غسل بالماء الذي يشك في بقاء طهارته.

فنحن نسلّم بأنَّ المجعول في باب الاستصحاب هو العلمية ولكن من قال أنها العلمية من حيث المتيقّن والمتعلّق أعني الطهارة، لأنَّ الماء كان طاهراً أولاً فالمقصود من لا تنقض اليقين أنه لا تنقضه في مقام الجري العملي وأنَّ تعاملك معه يكون تعامل المتيقن بالطهارة في مقام الجري العملي، لا أنك متيقنٌ بالطهارة حتى يلزم حكومة الأصل السببي على المسبَّبي يعني أنَّ الأصل السببي يرفع الشك ويجعل المكلّف متيقناً بطهارة اللباس، فإذا كان الأمر كذلك فلا يمكن أن يستفاد من حديث ( لا تنقض اليقين بالشك ) حكومة الاستصحاب السببي على المسبَّبي.

ثالثاً:- لو سلّمنا أنَّ المجعول في باب الاستصحاب هو العلمية بمعنى الكاشفية ولكن نقول إنَّ العلم بالشيء لا يستلزم العلم بلوازمه، وليس جعل العلمية يستلزم جعل العلمية بلحاظ اللوازم، فالعلمية بالسبب يوجب العلمية بالمسبَّب أما أنه جعلتك عالماً بالسبب فهذا جعلٌ واعتبارٌ لا يلزم منه جعل العلم بالمسبَّب فإنَّ مسألة الجعل ترتبط بالمولى وهو جعلني عالماً بالسبب ولكن هذا لا يلزم منه جعل العلمية بلحاظ المسبَّب، إذ الجعل هو اعتبار وفي باب الاعتبار نقتصر على مورد الاعتبار ولا نتعدى إلى لوازم متعلّق الاعتبار، وعلى هذا الأساس جعل العلمية بطهارة الماء لا يلزم منه جعل العلمية بزوال النجاسة عن اللباس فإنَّ الجعل هو اعتبار وفي باب الاعتبار لابد من الاقتصار على مقدار الاعتبار، يعني بالتالي الاعتبار يكون من زاوية المدلول المطابقي - وهو متعلّق الاعتبار - ولا يلزم من ذلك جعل العلمية باعتبار اللوازم التي نريدها مثل طهارة اللباس مثلاً. وعليه فسوف يبقى المجال مفتوحاً أمام المسبَّب وهو نجاسة اللباس فيجري استصحاب نجاسته ولا تثبت بذلك الحكومة.

والخلاصة:- إنَّ العلميَّة الحقيقية بالسبب توجب العلمية الحقيقية بالمسبَّب، أما اعتبار العلمية بالسبب لا يلزم منها اعتبار العلمية بلحاظ المسبَّب.

ثالثاً:- إنَّ الحكومة تعني النظر على ما فسّروها وهذا يستدعي وجود دليلين حتى يكون أحدهما ناظراً إلى الآخر، وفي المقام لا يوجد دليلان وإنما يوجد دليل واحد وهو ( لا تنقض اليقين بالشك )، وهو كما ينطبق على الأصل السببي - يعني استصحاب طهارة الماء - ينطبق على الأصل المسبَّبي - يعني على استصحاب نجاسة اللباس - لا أنهما دليلان حتى يكون أحدهما ناظراً إلى الآخر.

أما من يفسّر الحكومة برفع الموضوع فنقول إنَّ استصحاب طهارة الماء يرفع استصحاب النجاسة ويكون هذا صحيحاً، فهذا اشكالٌ على مبناهم حيث فسَّروا الحكومة بالنظر.

إن قلت:- إنَّ دليل ( لا تنقض اليقين بالشك ) انحلالي، فهو كما ينطبق على السبب فيقال ( لا تنقض اليقين بالشك) كذلك ينطبق على المسبَّب فيقال ( لا تنقض تنقض اليقين بالشك )، فتوجد عندنا قضايا متعدّدة بلسان ( لا تنقض اليقين بالشك )، فلو كان عندنا ألف موردٍ لليقين والشك فتوجد عندنا ألف قضية انحلالية كل واحدةٍ تقول في كل مورد ( لا تنقض اليقين بالشك ) وتكون القضية السببيَّة التي هي ( لا تنقض اليقين بالشك ) الجارية في السبب ناظرة إلى القضية المسببيَّة التي هي ( لا تنقض اليقين بالشك ) الجارية في المسبَّب.

قلت:- إنَّ النظر لا معنى له في القضايا الانحلالية، وإنما هو وجيه في القضايا الاستقلالية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo