< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- التنبيه التاسع ( حكم تعارض الاستصحابين وتعارض الاستصحاب مع غيره )- تنبيهات الاستصحاب- مبحث الاستصحاب.

كان كلامنا في الشبهة المحصورة وأنه هل يمكن - كأمكان - أن يرخصنا الشارع في كلا الطرفين، وقلنا إنَّ ذلك ممكن ثبوتاً وقد بينا ذلك ولكن هناك مانع اثباتي قد بيّنه السيد الشهيد(قده) بشكل كما بيناه نحن بشكلٍ آخر.

إن قلت:- كيف يمكن الترخيص في كلا الطرفين والحال إنَّ رواية عبد الله ابن سنان تدل على أنَّ البراءة قابلة للجريان في كل طرفٍ فالترخيص ثابتٌ في كل طرف وهذا يتنافى مع ما ذكرتموه من وجود المانع الاثباتي، ونص الرواية:- ( قال أبو عبد الله عليه السلام:- كل شيء يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال أبداً حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه )[1] ، وقد يقال إنَّ هذه الرواية هي نصّ في الشبهة المحصورة وهي جوّزت تطبيق أصل الحل في كلا الطرفين في الشبهة المحصورة فكيف تقولون يوجد مانع اثباتي، بل لا يوجد مانع اثباتي وإنما الامر بالعكس فاثباتاً قد دلت بعض الروايات على ثبوت الرخصة في كلا الطرفين كهذه الرواية.

قلت:- إنَّ هذه الرواية ليست نصّاً في الشبهة المحصورة وإنما يمكن أن يقال إنها ناظرة إلى الشبهة البدوية، والمقصود منها وهو أنَّ كل لحمٍ مثلاً إذا كان فيه حرام وهو غير المذكى وفيه حلال وهو المذكى فإذا دعيت إلى مأدبة مثلاً وكان فيها لحمٌ وشككت أنه مذكى أو غير مذكى فهو لك حلال، فالرواية ناظرة إلى البناء على أصالة التذكية وليست ناظرة إلى الشبهة المحصورة، فهي لا تريد أن تقول ( إذا كان على المأدبة لحم حلال ولحم حرام ولا تميز الحرام من الحلال فلك أن تأكل منه إلى أن تعلم الحرام منه بعينة رغم كون هذه شبهة محصورة )، وإنما تريد أن تقول ( إذا كان في اللحم نحوان أحدهما مذكى والآخر غير مذكى وفي يوم من الأيام وجدت لحماً ولا تدري أنه مذكى أو ليس بمذكى فابنٍ على أنه حلال إلى أن تعرف أن غير مذكى )، فهذه الرواية ناظرة إلى جعل أصل الحلّية في الأشياء في حالة الشك لا في حالة كون الشبهة محصورة، فنحن نفسرها بهذا التفسير، وإذا لم يكن هذا المعنى هو المقصود فلا أقل من احتماله وبذلك تعود الرواية مجملة فلا تضرنا، لأننا فيما سبق قلنا إنَّه على مستوى الإمكان يمكن الترخيص في كلا طرفي الشبهة المحصورة ولكن على مستوى الوقوع لا مثبت للترخيص في كلا الطرفين فإنَّ أدلة الحلّية لا تشمل ذلك للمنافاة بالنظر العرفي بين الحرمة المعلومة في أحد الطرفين وبين الترخيص في كليهما، وهذا يصير قرينة على الانصراف إلى الشبهة البدوية.

إن قلت:- إنَّ الرواية قالت:- ( كل شيء فيه حلال وحرام ) وظاهر كلمة ( فيه ) الواردة في الرواية وجود كلا القسمين بالفعل.

قلت:- إنَّ كلمة ( فيه ) تجتمع مع الشبهة البدوية أيضاً، فيصح أن نقول اللحم في الدنيا فيه حالال وحرام وعلى هذا الأساس ابنِ على حلّية اللحم المشكوك إلى أن تجزم بكونه من القسم الحرام.

والنتيجة النهائية من خلال ما ذكرنا:- إنَّ الأصول الترخيصية يمكن تطبيقها على جميع الأطراف كإمكانٍ ولكن على مستوى الوقوع فيوجد ما يمنع من ذلك، إما بالبيان الذي ذكره السيد الشهيد(قده) أو بالبيان الذي ذكرناه، وأما ورواية عبد الله بن سنان فهي لا تتنافى مع ما انتهينا إليه.

هذا كله بالنسبة إلى اجراء الأصول الترخيصية في كلا الطرفين، أما على مستوى الوقوع فلم يثبت ذلك.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo