< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/06/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تعارض الادلة.

العامل الثاني:- الدس والتزوير؛ إذ كان بعض الناس في فترة المعصومين عليهم السلام يأخذون الكتب التي اثبتت فيها روايات اصحابنا ويدسون فيها ما يريدون، وكانت هذه الظاهرة بارزة بشكلٍ قوي في جانب العقائد، بيد أنَّ أصحابنا المتقدمون حاولوا تجريد كتب روايات اصحابنا من ذلك ولأجله خلت روايات العقائد من الأمور المزورة، ولكن بقيت بعض الأمور المزورة ثابتة في باب الاحكام.

وقد تقول:- لماذا شن علمئنا حملة شديدة في تصفية الروايات المزورة وفرزها في باب العقائد أكثر مما فعلوا في باب روايات الفقه؟

قلت:- لعل ذلك لأجل أهمية العقائد وخوفاً على الشيعة من تصدع عقائدهم بسبب هذه الأمور الموضوعة، ولذلك صار اهتمامهم أكثر في تهذيب كتب العقائد من هذه الاحاديث الموضوعة، ونذكر في هذا المجال ما رواه الشيخ الكلشي حيث روى عن يونس:- ( أنه عرض بعض الأصول الحديثية لاصحاب الصادق عليه السلام على الامام الرضا عليه السلام فأنكر بعضها. قال يونس - وافيت العراق فوجدت بها قطعةً من أصحاب أبي جعفر عليه السلام ووجدت أصحاب أبي عبد الله متوافرين فسمعت منهم وأخذت كتبهم فعرضتها من بَعدُ على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبي عبد الله عليه السلام وقال لي:- إن أبا الخطّاب كذب على أبي عبد الله عليه السلام لعن الله أبا الخطّاب وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون في هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أبي عبد الله عليه السلام ... )[1] .

العامل الثالث:- ملاحظة ظرف السائل والمنطقة التي يعيش فيها، والمقصود أنَّ الامام عليه السلام تارةً يجيب بجواب يتناسب مع الظرف الذي يعيش فيه السائل بينما يجيب السائل الآخر بجوابٍ مختلفٍ تبعاً للظرف الذي يعيش فيها السائل الثاني، ويمكن أن نمثلّ لهذا بالكر، فإنَّ روايات الكرّ قد اختلفت، فبعضها قالت الكر هو ستمائة رطل وبعض الآخر قالت هو ألف ومائتا رطل، فهنا يمكن أن نقول بما أنَّ الرطل المكي ضعف الرطل العراقي فإذا كان السائل من أهل مكة فالامام عليه السلام سوف يجيبه بأنَّ الكر هو ستمائة رطل، وأما إذا كان السائل من اهل العراق فسوف يجيبه بأنَّ الكرّ ألف ومائتا رطل، فحنيما نرى مثل هذا الاختلاف بين الروايات فلا يبعد أنَّ الامام عليه السلام راعى حال السائل، وهذا ما يمكن ملاحظته في مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام فهي ذكرت أنَّ مقدار الكرّ ألف ومائتا رطل[2] ، بينما في صحيحة محمد بن مسلم ذكرت أنّ مقداره ستمائة رطل[3] .

ومن امثلة ذلك رواية سلمة بن محرز قال:- ( إن كان تمتع حتى إذا كان يوم النحر طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم رجع إلى منى ولم يطف طواف النساء فوقع على اهله فذكره لاصحابه، فقالوا:- فلان قد فعل مثل ذلك فسأل أبا عبد الله عليه السلام فأمره أن ينحر بَدَنة، قال سلمة:- فذهبت إلى أبي عبد الله عليه السلام فسألته فقال:- ليس عليك شيء، فرجعت إلى أصحابي فأخبرتهم بما قال لي، قال فقالوا:- اتّقاك واعطاك من عينٍ كَدِرَة، فرجعت إلى أبي عبد الله عليه السلام فقلت:- إني لقيت اصحابي فقالوا اتقاك وقد فعل فلان مثل ما فعلت فأمرته أن ينحر بدنة؟ فقال:- صدقوا ما اتقيتك ولكن فلان فعله متعمداً وهو يعلم وأنت نفعلته وأنت لا تعلم فهل كان بلغك ذلك؟ قلت:- لا والله ما كان بلغني، فقال:- ليس عليك شيء )، فهذه الرواية واضحة في أنَّ الامام عليه السلام يراعي حال السائل بالشكل الذي بيّناه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo