< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تعارض الادلة.

العامل الرابع:- ضياع القرائن.

والمقصود أنه قد يتحقق التعارض بين الخبرين أحياناً بسبب ضياع القرينة ولو كانت القرينة ثابتة لما تحقق التعارض، ومن أمثلة ذلك صحيحة يعقوب من شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( سألته عن الرجل يسلم في بيع أو تمرٍ عشرين ديناراً ويقرض صاحب السلم عشرة دنانير أو عشرين ديناراً، قال:- لا يصلح إذا كان قرضاً يجرّ شيئاً فلا يصلح ... )[1] ، وفي مقابلها توجد طائفة من الروايات دلت على أنه يجوز القرض إذا جرّ نفعاً كقول أبي جعفر عليه السلام:- ( خير القرض ما جرَّ منفعةً )، فتتحقق المعارضة بين صحيحة يعقوب بن شعيب التي لا تجوز القرض مع النفع وبين هذه الطائفة التي تجوز القرض مع النفع، ولكن وجه دفع التعارض أن نقول:- إنَّ المقصود من الطائفة الثانية هو حالة عدم وجود اشتراطٍ في القرض، كما لو اقرضني شخصٌ مقداراً من المال إلى شهرٍ وبعد حلول الاجل أرجعت له مقدار ذلك المال مع زيادةٍ من باب مجازاة الاحسان بالاحسان، فالطائفة الثانية حينما قالت ( خير القرض ما جرَّ نفعاً ) تقصد الدين مع عدم شتراط النفع وهذا شيء مسلّم نعرفه من الخارج، وأما الصحيحة الأولى فهي جزماً تقصد حالة اشتراط الزيادة مع القرض ولكن ضاعت القرائن على ذلك، فسبب تحقق التعارض هنا هو ضياع القرائن، ومن الواضح أنه ليس من اللازم أن تكون القرينة لفظية بل قد تكون القرينة حالية وهي لا تنقل من باب كونها حالية.

العامل الخامس:- النقل بالمعنى.

لا اشكال في أنَّ نقل الروايات بالمعنى كان أمراً متداولاً في ذلك الزمان، ومادام النقل هو بالمعنى فقد يسبب ذلك تعارضاً في بعض الأحيان، فقد ورد في صحيحة محمد بن مسلم:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- اسمع الحديث منك فأزيد وأنقص، قال:- إن كنت تريد معانية فلا بأس )، وورد في رواية داود بن فرقد:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- إني اسمع الكلام منك فاريد أن ارويه كما سمعته منك فلا يجيئ، قال:- فَتعمَّد ذلك؟ قلت:- لا، قال:- تريد المعاني؟ قلت:- نعم، قال:- لا بأس )[2] ، فالامام عليه السلام هنا جوّز النقل بالمعنى.

ومن الروايات التي نقلت بالمعنى - من دون أن يذكر ذلك في الرواية - موثقة بن بكير:- ( سأل زرارة أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر فأخرج كتاباً زعم أنه املاء رسول الله صلى الله عليه وآله:- إنَّ الصلاة في وبر كل شيءٍ حرامٍ أكلُهُ فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شيءٍ منه فاسد ... )[3] ، فهذه الرواية منقولة بالمعنى جزماً، والدليل على ذلك ركاكة تعابيرها؛ إذ لا يحتمل أن يعبر الامام عليه السلام بمثل هذا التعبير الركيك، فإنها قالت:- ( إنَّ الصلاة في وبر كل شيءٍ حرامٍ أكلُهُ فالصلاة في وبره وشعره ... ) وهذا تعبير ركيك، لأنه من المناسب أن يعبر ويقول ( إنَّ الصلاة في وبر كل شيءٍ حرامِ اكلُهُ فاسدة، فالصلاة في وبره ... ) فيضيف كلمة ( فاسدة ) بعد كلمة ( أكلُهُ )، ولا معنى لأنَّ يعبر ويقول ( إنَّ الصلاة في وبر كل شيءٍ حرامٍ اكلُهُ فالصلاة في وبره وشعره وجلده ... ) فإنَّ قوله ( فالصلاة في وبره وشعره ... ) تكرارٌ مخل، ومن هنا نجزم بأنَّ هذا النقل هو نقلٌ لكلام الامام عليه السلام بالمعنى وإلا فحاشى للامام عليه السلام أن يعبر بمثل هذا التعبير.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo