< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تعارض الادلة.

ولعل أوّل من اشار إلى كبرى انقلاب النسبة - وأنه نلاحظ النسبة الجديدة - هو الشيخ النراقي(قده)[1] وقد قبل بها، وأما تلميذه الشيخ الأعظم(قده)[2] فقد ذكرها مع التفصيل، وأما الشيح الآخوند فقد رفضها[3] ، وعليه فهذه المسألة وقعت مورداً للردّ والبدل.

وممن صار إليها الشيح النائيني(قده) وتلميذه[4] السيد الخوئي(قده)[5] :- حيث أصرّا على ثبوت هذه الكبرى وأنها بديهية وواضحة.

وحاصل ما ذكر في توجيه هذه الكبرى:- انَّ العام الأول بعد أن تخصّص بالخاص سوف يكون حجَّة في الباقي فقط وليس في مجموع مدلول العام، ومادام العام الأول قد تضيقت حجيته إلى ما عدى الخاص فسوف تكون النسبة بينه وبين العام الثاني ليست هي النسبة السابقة بل يكون العام الأول اخص من العام الثاني - إذ خرج نصف مدلوله بالخاص فصارت حجيته خاصة ومضيقة وفي الدائرة الضيقة - فتنقلب النسبة بشكلٍ قهريٍ، ولا معنى لملاحظة العام الأول بعرضه العريض فإنه ليس بحجة في تمام مدلوله إذ فرض خروج نصف مدلوله بالخاص فكيف يكون حجة في تمام مدلوله؟! بل جزماً هو حجة فقط في غير ما خرج بالخاص، وعليه يلزم ملاحظة النسبة بين العام الثاني والعام الأول بعد خروج مقدارٍ منه بسبب الخاص، وهذه قضية واضحة لا تحتاج إلى دليل.

إن قلت:- صحيحٌ أنَّ العام الأول بعد تخصيصه بالخاص تصير دائرة حجيته اضيق وبذلك تنقلب النسبة بينه وبين العام الثاني ولكن لماذا خصصت العام الأول أولاً بالخاص بل عليك أن لا تخصصه، نعم إذا خصصته بالخاص يكون ما ذكرته صحيحاً فإنَّ العام الأول سوف يصير حجة في الباقي، ولكن نقول عليك أن لا تخصصه بالخاص فيكون العام الأول حجة في تمام مدلوله وبذلك لا تنقلب النسبة فيبقى التعارض بين العام الأول والعام الثاني ثابتاً.

قلت:- إنَّ مسألة التخصيص ليست بأيدينا، بل مادامت النسبة بين العام الأول وبين الخاص هي نسبة العموم والخصوص المطلق فجزماً سوف يحصل التخصيص شئنا أم أبينا - ولأجل هذا قال العلمان انَّ قضية انقلاب النسبة هي قضية مسلَّمة واضحة لا تحتاج إلى دليل - لأنَّ العام الأول بعد أن تخصَّص بالخاص سوف يبقى حجَّةً في الدائرة الضيقة فتؤخذ النسبة بينه وبين العام الثاني.

وفيه:- إنَّ قضية التعارض هل هي من شؤون حجية العام في مدلوله أو أنها لا ترتبط بذلك؟، وبتعبيرٍ آخر:- صحيح أنَّ العام الأول من حيث الحجية أضيق من العام الثاني ولكنه من حيث المدلول ليس بأضيق من مدلول العام الثاني، والتعارض هل هو من شؤون الدلالة الحجَّة فلا معارضة كما قالا أو أنه من شؤون الظهور بقطع النظر عن حجيته؟ إنَّ هذه قضيةٌ أخرى وهي أول الكلام وهما لم يشيرا إليها، وكلامهما إنما يصح فيما إذا قلنا بأنَّ التعارض بين العام الأول والعام الثاني هو من شؤون الدلالة الحجَّة، فإنه في مفروض كلامنا أنَّ العام الأول دلالته ليست حجَّة في تمام مدلوله حتى يتعارض مع العام الثاني، أما إذا قلنا بأنَّ التعارض هو من شؤون دلالة العام بقطع النظر عن حجَّية تلك الدلالة فلا ينفع ما ذكراه.


[1] عوائد الأيام، النراقي، العائدة رقم 40.
[5] مصباح الأصول، الخوئي، ج3، ص388.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo