< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تعارض الادلة.

في التعليق نقول:- لا يلزم المحذور الذي ذكره، فنحن عند نقل كلامه ذكرنا أنه يوجد عندنا ثلاثة أنحاء من الأدلة، الأول يقول:- ( إذا بلغ الماء قدر كرٍّ فلا ينجسه شيء ) فهو يجعل المدار على الكرّية، والثاني يقول:- ( إذا تغير الماء بأحد أوصاف النجاسة فقد تنجس ) وهذا يجعل المدار على الغير، والثالث يقول:- ( الماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة ) وهو يجعل المدار في التنجس على مجرّد الملاقاة، وهو قال إذا لم نطبق كبرى انقلاب النسبة فسوف نخرج بنتائج غير صححية وعليه فلابد من تطبيقها، ولكن نحن نقول:- نحن لا نطبق فكرة انقلاب النسبة ولكن رغم ذلك لا تحصل لدينا نتيجة غريبة ومرفوضة، وذلك بأن نقول: إنَّ الطائفة الثالثة التي قالت ( الماء القيل يتنجس بالملاقاة ) هي جعلت المدار في تنجّس الماء على الملاقاة وهي روايات كثيرة، فيمكن أن يقال إنَّ هذه الروايات يمكن أن يفهم منها أنَّ نفس القلَّة هي من موجبات التنجّس تغيّر الماء أو لم يتغيّر، وبذلك تصير هذه الطائفة مخصّصة للطائفة الثانية وسوف تكون النتيجة هي أنَّ التغير موجبٌ للتنجّس إن لم يكن الماء أقلَّ من كرّ وإلا كان نجساً بنفسه من دون حاجةٍ إلى تغير.

وبعد هذا نأتي إلى الطافتين الأولى والثانية، فالطائفة الأولى تجعل المدار في النجاسة وعدمها على الكرّية، والطائفة الثانية تجعل المدار على التغيّر في غير الأقل من الكر - حسب ما اتنهت إليه النتيجة - وفي مثل هذه الحالة نقول إذا لم يمكن التوفيق بينهما فسوف يتساقطان في مادّة المعارضة ونأخذ بكل طائفةٍ في مادّة الافتراق أما مادّة المعارضة فنرجع فيها إلى الأصول الثانوية، ففي موردنا إذا كان لدينا ماء كرّ فهو حسب الطائفة الأولى لا يتنجّس بالملاقاة تغير أو لم يتغير، وأما الطائفة الثانية فهي تقول إنَّ المدار على التغير سواء كان الماء كرّاً أو ليس بكر، وهنا توجد مادة افتراق وتوجد مادّة معارضة، ومادة الافتراق من جانب الطائفة الاولى هي حالة ما إذا كان هناك ماء كر ليس بمتغير فهنا نحكّم فيه الطائفة الأولى من دون معارضة، ثم نأتي إلى الطائفة الثانية ونقول: إذا فرض أنه كان يوجد لدينا ماء كر ومتغيّر فالمناسب أنه إذا كان متغيراً وكراً فهذه هي مادة المعارضة وفي مثل هذه الحالة قد نرجّح حيثية الطائفة الثانية لنكتةٍ وأخرى ونقول إنَّ المستفاد من الطائفة الثانية هو أنَّ حيثية التغير بما هي هي - أي سواء كان في الماء الكثير أم القليل - توجب النجاسة فنحكم بالتنجّس.

فإذاً في مادة الكرّ من دون تغير داخلة تحت الطائفة الاولى من دون معارضٍ فيكون طاهراً، وأما إذا كان كراً متغيراً فحينئذٍ يصير هو مادة المعارضة بين الطائفتين، فإن قلنا بأنَّ المفهوم من الطائفة الثانية هو أنَّ حيثية التغير بما هي هي - أي سواء كان الماء أقل من كر أو كان كراً - موجبة للنجاسة كما هو ليس ببعيد فحينئذٍ نحكم بالتنجّس.

وعليه خرجنا بنتيجةٍ مقبولةٍ من دون الاستعانة بفكرة انقلاب النسبة.

المورد الثاني[1] :- الدوران بين العام والمطلق.

إذا ورد عام ومطلق وكان بينهما معارضة - أي نسبة العموم من وجه - فحينئذٍ هل نجمع بينهما بتقديم العام على المطلق ونقول إنَّ العرف يجمع بينهما بتقديم العام على المطلق من باب أنَّ العام اقوى دلالةً من المطلق؛ إذ الفارق بين العموم والاطلاق هو أنَّ العموم يستند إلى اداة العموم مثل كلمة ( كل ) بينما الاطلاق يستند إلى مقدمات الحكمة، وحيث إنَّ دلالة العام اقوى فيقدم على الاطلاق، ولعل من هذه الباب ما إذا تعارض الاستصحاب وأصل البراءة فالمعروف تقديم الاستصحاب ولكن اختلف في نكتة التقديم.

وقد ذكر الشيخ النائيني(قده) جهاً للتقديم وحاصله:- إنَّ دليل الاستصحاب يقول ( لا تنقض اليقين بالشك ) يعني أنت في حالة الشك محكومٌ عليك باليقين شرعاً - لأنه يبني على جعل العلمية في الاستصحاب - بخلاف أصل البراءة فإنه ليس فيه جعلاً للعلمية فيتقدَّم الاستصحاب على البراءة من باب أنَّ المجعول فيه هو العلمية فينفي موضوع البراءة ويزيله أي يكون حاكماً عليه.

وقد يبيَّن وجهاً آخر للتقديم ويقال:- نسلّم أنَّ الاستصحاب إذا اجتمع مع البراءة فهو الذي يكون مقدماً ولكن لا لأجل كون المجعول فيه هو العلمية وإنما ذلك لنكتةٍ أخرى وهي اشتمال دليل حجية الاستصحاب على كلمة ( أبداً ) حيث ورد فيه:- ( ولا ينقض اليقين بالشك أبداً )، فكلمة ( أبداً ) تعطيه قوةً في الدلالة والظهور في الشمول لجميع الموارد والتي منها مورد اجتماع الاستصحاب مع البراءة فيكون هو المقدَّم.


[1] هذا هو المورد الثاني من الموارد التي وقع فيها كلام وهل هي من موارد الجمع العرفي أو لا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo