< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/07/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- تعارض الادلة.

ومن امثلة اجتماع المطلق والعام الروايتان الواردتان في بول الحيوان:- وهما صحيحة ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال:- ( كلّ شيءٍ يطير فلا بأس ببوله وخرئه )[1] ، وصحيحة عبد الله بن سنان التي تقول:- ( قال أبو عبد الله عليه السلام:- اغسل ثوبك من ابوال ما لا يؤكل لحمه )[2] ، فهاتان الصحيحتان تتعارضان فيما لو كان الطائر لا يجوز أكل لحمه كالنسر، فإنه إذا كان من هذا القبيل فماذا نحكم على بوله؟

إنه بحسب مقتضى صحيحة عبد الله بن سنان التي تقول:- ( اغسل ثوبك من ابوال ما لا يؤكل لحمه ) يكون بول هذا الطائر - أي النسر - نجساً لأنه غير مأكول اللحم وحينئذٍ يلزم غسل الثوب عنه، ولكن بحسب مقتضى صحيحة ابي بصير التي تقول:- ( كل شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه ) هو طهارة بوله لأنه يطير، وفي مثل هذه الحالة تحصل معارضة بين المطلق الذي يقتضي لزوم الغسل - وهو صحيحة عبد الله بن سنان إذ لا يحتوي أداة عموم - وبين العموم - وهو صحيحة ابي بصير الذي يشتمل على كلمة ( كل شيء يطير ) الذي مقتضاه هو الطهارة وعدم لزوم الغسل - فماذا نصنع في مثل هذه الحالة؟

ذكر الشيخ الأعظم(قده)[3] :- انه يقدَّم العموم على الاطلاق، والوجه في ذلك:- هو أنَّ دلالة اداة العموم وظهورها في العموم هو ظهورٌ تنجيزي ثابت بالفعل وليس معلقاً على شيءٍ، فالصحيحة التي قالت ( كلّ شيءٍ يطير فلا بأس ببوله وخرئه ) فيها ظهورٌ ثابتٌ بالفعل في طهارة بول وخرؤ الطائر، وهذا بخلاف المطلق فإنَّ ظهوره ظهورٌ تعليقي فهو معلَّقٌ على عدم بيان الخلاف، وحيث إنَّ العموم صالحٌ لبيان الخلاف فلا ينعقد حينئذٍ الاطلاق أو لا أقل لا يجوز الأخذ به.

وقد تبنى الشيخ النائيني(قده)[4] هذا الرأي أيضاً.

وأشكل عليه الشيخ الخراساني(قده)[5] وقال:- إنَّ ظهور المطلق وإن كان معلّقاً على عدم بيان الخلاف ولكن ليس على عدم البيان إلى الابد وإنما عدم البيان عند الخطاب، فإذا فرض أنَّ الخطاب لم يكن مقترناً بالبيان كفى ذلك في انعقاد الاطلاق، وعليه فمتى ما انقطع الكلام المطلق وانتهى فحينئذٍ سوف ينعقد المطلق، وبذلك يكون كلا الظهورين- أي ظهور العام وظهور المطلق - ثابتاً فتحصل المعارضة بينهما.

وما افاده الشيخ الخراساني(قده) هو المناسب:- يعني أنَّ ظهور المطلق معلّق على عدم البيان حين الخطاب، وإلا لو كان المقصود أنه معلَّق على عدم البيان ولو فيما بعد للزم عدم جواز التمسك بأيّ مطلقٍ من المطلقات الصادرة في عهد الائمة عليه السلام؛ إذ يحتمل صدور المقيدٍ من الامام التالي وهذا لا يمكن الالتزام به، وعليه فالمقصود هو عدم المقيّد حين الخطاب وليس إلى الابد، وإذا كان المقصود هو هذا فهو متحقّق، فإنه حين الخطاب لا يوجد القيد المقيّد للاطلاق، فينعقد حينئذٍ الاطلاق وينعقد العموم أيضاً فتقع المعارضة بينهما، فماذا نصنع في مثل هذه الحالة؟


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo