< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/07/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- موارد أخرى لتقديم بعض الأدلة على بعضها الآخر - تعارض الادلة.

التعارض المستقر:-

والمقصود منه -كما قلنا - ما إذا لم يمكن الجمع العرفي بين الدليلين، وله نحوان، فتارةً يكون التعارض بين المتباينين، وأخرى يكون بين الدليلين اللذين تكون النسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه، فتارةً يقول المتكلم ( يجب الدعاء في يوم كذا ) ثم يقول ( لا يجب الدعاء في يوم كذا ) - أي في نفس ذلك اليوم - فهذا تعارض مستقر بنحو التباين، وأخرى يقول ( اكرم العالم ) ثم يقول ( تكرم الرجل غير الهاشمي ) فهنا النسبة بين العالم وغير الهاشمي هي نسبة العموم والخصوص من وجه؛ إذ العالم قد يكون غير هاشمي وقد يكون هاشمياً، وكذلك غير الهاشمي قد يكون عالماً وقد لا يكون عالماً، وهذا تعارض مستقر بينهما بنحو العموم والخصوص من وجه، وكلامنا يقع أولاً فيما إذا كان التعاض مستقراً، ومرَّةً نتكلم في مقتضي القاعدة الأولية، وأخرى فيما تقتضيه الاخبار.

حكم التعارض المستقر بمقتضى القاعدة الأولية:-

إنَّ مقتضى القاعدة الأولية بناءً على الطريقية - لا على الموضوعية أو بالأحرى السببيَّة - هو التساقط، ويمكن أن يقال في توجيه ذلك:- إنه إذا لم نقل بالتساقط فالاحتمالات الأخرى في ذلك هي خمسة وكلها باطلة:-

الأول:- أن يكون دليل حجية الأمارة شاملاً لكلتا الأمارتين المتعارضتين معاً.

وهذا واضح البطلان؛ إذ المفروض أنَّ بينهما يوجد تعارض وتنافي فيلزم من ذلك ثبوت المتعارضين وحجيتهما معاً، وحينئذٍ أحدهما يقول هذا الشيء الفلاني واجب والآخر يقول إنه مستحب، فيصير الشيء الواحد واجباً ومستحباً وهذا غير ممكن.

الثاني:- أن يكون دليل الحجية شاملاً لأحدهما دون الآخر.

وهذا باطل أيضاً؛ لأنه ترجيح بلا مرجح، إذا لماذا دليل الحجية يشمل هذه الامارة فتكون حجة ولا يشمل تلك فلا يكون حجة؟!!

الثالث:- أن يكون كل منهما حجة بشرط ترك الآخر.

وهذا باطل أيضاً، لأنَّ لازمه أنه لو تركهما المكلف معاً للزم أن يكون كل واحدٍ منهما حجة والمفروض أنهما متنافيان فأحدهما واجب والآخر مستحب وكيف يجتمع الوجوب مع الاستحباب؟!!

الرابع:- أن يكون كل واحدٍ منهما حجة بشرط الأخذ به، فهذه الرواية حجة بشرط الأخذ بها، وتلك الرواية حجة بشرط الأخذ بها.

وهذا باطل أيضاً، لأنَّ لازمه أنه إذا ترك المكلف كلتا الروايتين فلا تكون الرواية الأولى حجة ولا تكون الرواية الثانية حجة، وهذا غير محتمل؛ إذ المفروض أنَّ أحدهما حجة، فلا نحتمل أنه عند تركهما معاً تنتفي الحجية عن الأولى كما تنتفي الحجية عن الثانية.

الاحتمال:- أن يكون هناك حجية واحدة مجعولة بنحو التخيير إما للدليل الأول أو للدليل الثاني، وبالتالي يكون كل واحدٍ منهما حجة بنحو التخيير.

وهذا الاحتمال إن قلنا بأنه معقول في حدّ نفسه - فإنه قد يقال إنَّ هذا في حدّ نفسه ليس بمعقول فإنَّ الحجية إما أن تكون تعيينية أو تكون منتفية عنهما معاً أو تكون ثابتة لأحدهما بالخصوص أما أن تكون بنحو التخيير فهذا شيء مرفوض – ولكن نقول إنه لا يمكن استفادة ذلك من دليل حجية الأمارة فإنَّ مفاده هو الحجية التعيينية لهذا الدليل أو الحجية التعيينية لذاك الدليل أو الحجية التعيينية لكليهما أما أن يكون مفاد حجية هو التخيير فهذا باطل، فمفاده هو اثبات الحجية لهذا بالخصوص أو لذاك بالخصوص أو للاثنين معاً أما الحجية التخييرية فهي عادةً ليست مفاداً لدليل الحجية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo