< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- موارد أخرى لتقديم بعض الأدلة على بعضها الآخر - تعارض الادلة.

هل يمكن نفي الاحتمال الثالث:-

وحاصل ما يراد بيانه تحت هذا العنوان هو أننا عرفنا أنه لا يمكن اثبات أحد الحكمين بخصوصه فإنه من دون مرجح ولا كلا الحكمين للمضادة بينهما، والسؤال:- هل يمكن نفي الاحتمال الثالث بدليل الحكم الأول أو بدليل الحكم الثاني؟، فإنه يوجد عندنا حكمان حسب الفرض أحدهما وجوب صلاة الجمعة والآخر حرمتها ويوجد بينهما تعارض ولا يمكن اثبات الوجوب كما لا يمكن اثبات الحرمة، والسؤال:- هل يمكن بدليل وجوب صلاة الجمعة أو بدليل حرمتها نفي الاحتمال الثالث الذي هو الاستحباب أو الكراهة أو لا يمكن ذلك؟

والجواب:- إنه قد يجاب بإمكان ذلك، وذلك بأحد توجيهاتٍ ثلاثة:-

التوجيه الأول:- أن يقال إنَّ الحكم الثابت بلحاظ الواقع هو إما الوجوب - الذي هو الاحتمال الأول - أو الحرمة - الذي هو الاحتمال الثاني - وعلى تقدير كليهما يمكن نفي الاحتمال الثالث، فإذا كان دليل وجوب الجمعة هو الصحيح فكراهة الجمعة تكون منتفيةً بنفس دليل وجوب الجمعة، وإذا كان دليل حرمة الجمعة هو الصحيح فالكراهة منتفية أيضاً بهذا الدليل، وعليه فنحن نتمكن أن ننفي الاحتمال الثالث بأحد هذين الدليلين.

والجواب عنه واضح حيث يقال:- إنَّ هذا التوجيه مقبول لو كان أحد الحكمين ثابتاً بنحو الجزم واليقين - يعني إما الوجوب هو الثابت جزماً أو الحرمة هي الثابتة جرماً - ولكن لا يمكن الحصول على هذا الجزم فإنَّ اقصى ما عندنا هو ثبوت رواية في المقام لا أنه يوجد جرم، فإذا كان الموجود هو رواية فيحتمل أن تكون الرواية الأولى كاذبة كما يحتمل أن تكون الرواية الثانية كاذبة أيضاً، فكلتاهما يحتمل أنهما كاذبتان، نعم إذا كان يوجد جزمٌ ويقين فأحدهما سوف يكون ثابتاً وبه ينتفي الاحتمال الثالث - وهو الكراهة أو الاستحباب - وأما إذا فرض أنَّ أقصى ما عندنا هو رواية وهي متعارضة مع روايةٍ أخرى فلعل كلتا الروايتين كاذبتان وعليه فلا يمكن نفي الاحتمال الثالث.

اللهم إلا إذا فرض أننا نطمئن بصدق أحد الاحتمالين، فإذا كان الاطمئنان موجوداً فحينئذٍ يمكن من خلاله نفي الاحتمال الثالث، ولكن يصعب تحقق مثل هذا الاطمئنان وإن تحقق فهو نادر.

وعليه فلا يمكن أن ننطلق من نفس الدليلين لننفي الاحتمال الثالث إلا إذا فرض حصول اطمئنان شخصي بصدق أحد هذين الاحتمالين فآنذاك يمكن من خلاله نفي الاحتمال الثالث.

التوجيه الثاني:- ما ذكره الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية[1] ، وحاصله:- إنَّ أحد الخبرين نعلم بكذبه جزماً؛ إذ لا يمكن صدق كلا الخبرين أحدهما يقول بحرمة صلاة الجمعة والآخر يقول بوجوبها، فنحن نعلم بنحو القطع الإجمالي بكذب احدهما، وأما الخبر الثاني فلا محذور في شمول دليل الحجية له فإنَّ شمول دليل الحجية يكون ممتنعاً فيما لو كان شاملاً لكليهما لأنَّ أحدهما كاذب جزماً، أما بعد أن أخرجنا أحدهما من الحساب فلا مانع حينئذٍ من شمول دليل الحجية للثاني، وإذا شمله أمكننا بواسطته نفي الاحتمال الثالث - وهو كراهة صلاة الجمعة أو استحبابها - من خلال حجية أحد هذين الخبرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo