< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/08/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- حكم التعارض على مقتضى القاعدة الثانوية - تعارض الادلة.

اللسان الثاني:- ما دل على أنَّ الخبر إذا كان مخالفاً للكتاب الكريم فهو زخرف - يعني حتى إذا لم يكن له معارض - ومن هذا القبيل صحيحة أيوب بن الحر وموثقة أيوب بن راشد وصحيحة هشام بن الحكم.

أما صحيحة أيوب بن الحر:- قال:- ( سمعت أبا عبد الله عليه السلامي قول:- كل شيء مردود إلى الكتاب والسنَّة وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف )[1] ، وعلى منوالها موثقة أيوب بن راشد عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف )[2] ، وأما الصحيحة فهي ما رواه هشام بن الحكم وغيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( خطب النبي صلى الله عليه وآله بمنى فقال:- أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم اقله )[3] .

وعلى هذا تكون الأمور المعتبرة في الخبر على نحوين:-

النحو الأول:- أمورٌ معتبرةٌ في حجية الخبر بقطع النظر عن وجود المعارض له أو عدمه وإنما حجية الخبر مشروطه بهذا الشرط فلابد أن لا يكون الخبر مخالفاً لكتاب الله فالمخالف لكتاب الله ليس بحجة وإن لم يكن له معارض.

النحو الثاني:- أمورٌ معتبرةٌ في حجية الخبر عند التعارض وأيهما هو المقدَّم عند المعارضة، وهنا قد يقال يُقدَّم الخبر الموافق للكتاب.

أما اللسان الأول فقد يقال تجاهه:- إنَّ هذه الطائفة لا تنفي حجية الخبر إذا كان مضمونه مخالفاً لكتاب الله عزّ وجل وإنما تنفي صدوره، فهي تقول هذا الخبر المخالف للكتاب لم يصدر منّا.

ومادام هذا القسم من الروايات ينفي الصدور فسوف تأتي شبهةٌ هنا ويقال:- إنَّ هذه الروايات معارضة بشهادة الراوي، فإنَّ الراوي يشهد بأنَّ هذا الخبر الذي رواه قد صدر، وعلى هذا الأساس سوف تصير النتيجة هي أنَّ كل خبرٍ مخالف لكتاب الله عزَّ وجل لم يصدر إلا هذا الخبر الذي رواه هذا الشخص الثقة وذاك الخبر الذي رواه الشخص الثاني الثقة ...، فيصير المورد من موارد التخصيص.

وفي التعليق على هذه الشبهة نقول:-

أولاً:- إنَّ عملية الخصيص تتم فيما إذا كان الذي يشهد بصدور هذه الرواية هو الامام عليه السلام دون الراوي، فإنَّ الامام عليه السلام هو الذي قال ( كل خبر مخالف للكتاب لم يصدر منّا ) فمن حق الامام الذي أصدر هذا القانون أن يقول أيضاً ( إلا هذا الخبر أو ذلك الخبر ) بحيث يكون التخصيص من قبله ولا معنى لأن يكون التخصيص والشهادة من قبل الراوي، إذ الكلام الأول قد صدر من الامام عليه السلام فمن المناسب أن يكون تخصيص الكلام الأول منه أيضاً.

ثانياً:- إنَّ اللسان المذكور آبٍ عن التخصيص عرفاً، فإنه إذا قيل ( ما خالف كتاب الله فهو باطل - أو هو زخرف، أو ما شاكل ذلك - ) فهذا لا يقبل العرف تخصيصه؛ إذ يصير المعنى أنَّ كل ما خالف كتاب الله فهو زخرفٌ وباطلٌ إلا هذا المخالف للكتاب، وهذا لا معنى له؛ إذ مادام المخالف للكتاب زخرفاً فالزخرف عرفاً لا يقبل التخصيص فإنَّ كل زخرفٍ هو مردودٌ، وكل مخالفٍ المفروض أنه زخرفٌ، فكل مخالفٍ هو زخرفٌ مردودٌ.

ثالثاً:- إنَّ هذه الطائفة لم ترد لبيان عدم الصدور وإنما هي كناية عن نفي الحجية، فصحيح أنَّ الامام عليه السلام قال ما خالف كتاب الله فهو زخرف أو لم يصدر منّا أو على الجدار أو ما شاكل ذلك ولكنه لم يقصد بيان عدم الصدور وإنما يقصد الكناية عن نفي الحجية عرفاً، فهو يريد أن يقول المخالف للكتاب ليس بحجة، فالمقصود هو نفي الحجية وليس المقصود معناه الظاهري حتى يقال إنه قابل للتخصيص بشهادة الراوي أو غير ذلك فإنَّ كل هذا الكلام لا يأتي بعد فرض كون المقصود العرفي هو نفي الحجية، وهذه قضية يجدر الالتفات إليها، فليس من المناسب دائماً أن نأخذ بظواهر الكلان بل لكلام العرب كناية وما شاكل ذلك، والمقصود هنا هو الكناية عن عدم الحجية عرفاً.


[3] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج27، ص111، أبواب صفات القاضی، باب9، ح15.، ط آل البيت.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo