< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/10/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الاخبار العلاجية - تعارض الادلة.

وقد يشكل على مقبولة ابن حنظلة باشكالين:-

الاشكال الأول:- إنها ذكرت مرجحين آخرين قبل الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة، فهي جعلت الترجيح بالكتاب ومخالفة القوم في مرحلة ثانية أما في المرحلة الاولى فقد جعلت الترجيح بصفات الراوي والشهرة هو المرجح الاول، وحينئذٍ يأتي الاشكال وهو أنه كيف تترجح صفات الراوي أو الشهرة على موافقة الكتاب الكريم ومخالفة العامة بل لابد وأن تجعل موافقة الكتاب الكريم ومخالفة العامة هي المرحج الأول فإنَّ من الأمور البديهية؟

الاشكال الثاني:- إنها جعلت موافقة الكتاب الكريم ومخالفة العامة مرحجاً واحداً حيث جمعتهما في صفٍ واحد ولم تجعلهما مرجحان، وهذا الجمع يشكل عليه أيضاً، فإنَّ المناسب هو أن يعدّ كل واحدٍ منهما مرجحاً برأسه لا أنَّ المجموع بقيد المجموع هو مرجحٌ واحد؟

أما الجواب عن الاشكال الأول فنقول:- لابد من مراجعة المقبولة، وإذا رجعنا إليها فيمكن أن يقال إنها ذكرت الصفات لا لأجل ترجيح أحد الروايتين على الاخرى وإنما ذكرتها لأجل ترجيح أحد الحاكمين على الآخر إذا اختلفا في الحكم حيث يرجح أحدهما على أساس الصفات، فالصفات قدَّمة على الكتاب الكريم ومخالفة العامة من باب أنها مرجحات للحاكم لا أنها مرحجات للرواية والرواي، فلاحظ كيف قالت:- ( سألته أبا عبد الله عليه السلام في رجلين من اثصحابنا بينهما منازعة فتحاكما ... فإن كان كل واحد اختار رجلاً من اصحابنا فرضيا أن يكون الناظرين في جقهما واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلف في حديثكم، فقال:- الحكم ما حكم به اعدلهما وأفقههما وأصدقهما وأورعهما )، فهذه الصفات هي مرجح للحاكم إذا اختلف الحاكمان في الحكم وهذا خارجٌ عن محل كلامنا لا أنه مرجح لإحدى الروايتين على الأخرى، ولا يلزم من كون الصفات المرجحة للحاكمين أن تكون مرحجة للراويين أيضاً فإنَّ هذه الملازمة ليست موجودة، وعليه فهذا الاشكال مندفع.

وأما بالنسبة إلى الشهرة:- فهي وأن ذكرت في المقبولة أولاً ولكنها ذكرت كمميّزٍ للحجة عن اللا حجة ولم تذكر كمرجحٍ لأحد الروايتين على الاخرى، فإنَّ الشهرة إذا كانت روائية - بين الرواة - فهي توجب الاطمئنان بالرواية وبالتالي تصبح حجَّةً بخلاف المعارضة لها حيث يصبح الاطمئنان على عكسها، فصارت الشهرة مميزةً للحجية عن اللا حجة، فلاحظ تعبير المقبولة فإنها قالت:- ( الحكم ما حكم به اعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث ... فقلت:- إنهما عدلان مرضيان عندنا، قال:- فينظر إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه عند اصحابك فيؤخذ به ويترك الشاذ )، فهنا الأمر بالأخذ بالشهرة أي الشهرة الموجبة للقطع بالرواية، لأنها قالت:- ( فينظر إلى ما كان من روايتهما ... المجمع عليه عند أصحابك )، والرواية المجمع عليها عند الاصحاب هي التي حصل الجزم بحجيتها وصارت قطعية فأُخِذ بها من باب قطيعة صدروها عن الائمة عليه السلام، بخلاف الشاذ الذي ليس بمشهور عند الاصحاب فإنه بالعكس.

فإذاً قدم الامام عليه السلام الشهرة وصفات الرواي من باب أنه يوجب القطع كما أوضحنا، فالصفات ذكرت كمرجحٍ في باب الحاكمين وأما الشهرة فقد ذكرت من باب أنَّ الشهرة هي شهرة روائية ومجمع عليها بين الاصحاب فتوجب القطع بصحة الرواية، وعليه فلا مشكلة من هذه الناحية.

وأما الاشكال الثاني فجوابه أن يقال:- إنَّ المقبولة في ذيلها عدّت مخالفة العامة مرجّحاً مستقلاً من دون أن تقرنه بموافقة الكتاب الكريم فإنها قالت:- ( قلت:- جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنًّة ووجدا أحد الخبرين موافقاً لعامة والآخر مخالفاً لهم بأيّ الخبرين يؤخذ؟ فقال:- ما خالف العامة ففيه الرشاد، فقلت:- جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعاً؟ قال:- ينظر إلى ما هم إليه أميل حكاهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر )، فهنا جعل مخالفة العامة شيئاً مستقلاً لا يرتبط بالمرجّح الآخر الذي هو موافقة الكتاب الكريم.

والنتجية من كل هذا:- إننا تمكن أن نقول إنَّ الاشكالات على مقبولة عمر بن حنظلة مدفوعة ولا بأس بالتمسك بها.

وأما المرجح الرابع:- فيمكن أن يستدل له بالروايات التالية:-

الرواية الأولى:- رواية الحسين بن المختار عن بعض اصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- (أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ؟ قال:- كنت آخذ بالأخير، فقال لي:- رحمك الله)[1] ، فقد يقال إنَّ هذه الرواية تدل على أنَّ المتأخر زماناً يؤخذ به.

الرواية الثانية:- مارواه هشام بن شالم عن أبي عمرو الكناني:- ( قال لي أبو عبد الله عليه السلام:- يا أبا عمرو أرأيت لو حدثتك بحديث أو أفتيتك بفتيا ثم جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو افتيتك بخلاف ذلك بأيهما كنت تأخذ؟ قلت:- بأحدثهما وأَدَع الآخر، فقال:- قد اصبت يا أبا عمرو، أبى الله إلا أن يعبد سرّاً، أما والله إن فعلتم ذلك إنه لخيرٌ لي ولكم، أبى الله عزَّ وجل لنا في دينه إلا التقية )[2] .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo