< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/10/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الاخبار العلاجية - تعارض الادلة.

وفي الجواب عن هاتين الروايتين نقول:- إنهما قابلتان للمناقشة دلالةً وسنداً:-

أما دلالةً:- فصحيح أنهما دلتا على لزوم الأخذ بالمتأخر ولكن هل يؤخذ به بما هو متأخر أو لأجل أنَّ الامام عليه السلام شخَّص كون المتأخر صادراً للتقيه فحثه على الأخذ من باب أنه صادر عن تقية، فنحن نقول إنَّ الامام عليه السلام بعد أنَّ شخص أنَّ الثاني هو الصادر للتقية لذلك ارتضى منه الأخذ به واستحسن منه ذلك لا من باب أنَّ الأخذ بالتأخر بما هو متأخر يكون مرجحاً للأخذ بالرواية، وعليه فيلزم أن يذكر هذا الخبر في أخبار التقية لا أن يذكر في هذا العنوان، وإذا لم ندّع الجزم بكون هذا هو المقصود فلا أقل من وجاهته، وبذلك تعود هذه الروايات مجملة لا يمكن التمسك بها لاثبات هذا المرجح - وهو الترجيح بالمتأخر زماماً بما هو متأخر -.

وأما من ناحية السند:- فالرواية الأولى مرسلة حيث ورد في سندها:- ( الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا )، وأما الرواية الثانية فسندها يشتمل على أبي عمرو الكناني وهو لم يوثق، وعليه فلا يمكن الاستناد إلى هاتين الروايتين لاثبات الترجيح بالأخذ بالمتأخر من باب الأخذ بالمتأخر بما هو متأخر.

وقد يطرح اقتراح في تصحيح سند الرواية الثانية:- وهو أنَّ السيد البروجردي(قده) ذكر في جامع أحاديث الشيعة سنداً معتبراً للرواية الثانية، وهو ينقلها عن صاحب الوسائل عن البرقي في محاسنه عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن سالم ويذكر نفس المتن السابق وحسب نقله لا يوجد أبي عمرو الكناني في سندها فنتغلب على مشكلة الكناني بلحاظ هذه الرواية من خلال هذا الطريق، والسند هو:- ( البرقي في المحاسن عن أبيه عن محمد بن عمير عن هشان بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام:- ... ثم ذكر نص الحديث )[1] ، فحسب نقل جامع أحاديث الشيعة عن صاحب الوسائل أنَّ هشام بن سالم ينقل عن الامام عليه السلام من دون وجود الكناني في السند، وحينئذٍ تغلب على مشكلته.

وفي الجواب نقول:- إنه بناءً على هذا سوف يحصل عندنا نقلان عن صاحب الوسائل أحدهما يشتمل على هشام بن سالم عن الكناني وهو الموجود في الوسائل الموجود بأدينا الآن، وثانيهما الذي نقله السيد البروجردي(قده) الذي لا يشتمل على الكناني، وبالتالي سوف يتعارض النقلان فتبقى مشكلة ضعف السند على حالها.

ومن خلال هذا كله اتضح أنَّ المرجحات التي يمكن الاعتماد عليها اثنان وهما موافقة الكتاب الكريم ومخالفة العامة، وأما ما زاد على ذلك فلا مثبت له.

هذا كله بالنسبة إلى أخبار الترجيح.

وأما أخبار التخيير:- فهي متعددة، ولكن قبل أن نذكرها نلفت النظر إلى أول ما فيها أنها معارضة لمعتبرة الراوندي، فإنَّ معتبرة الراوندي دلت على الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة فتصير أخبار التخيير معارضةً لها، وربما نرجح اخبار التخيير عليها ونحمل معتبرة الراوندي على الاستحباب ونقول إنَّ ذكر المرجحين فيها هو من باب استحباب الترجيح بهما ولكن إذا لم تُرِد العمل بهما فلا محذور في ذلك ولك الحق في أن تُعمِل التخيير كما صنع الشيخ الخراساني(قده) حيث أخذ باخبار التخيير وحمل أخبار الترجيح -كمعتبرة الراوندي - على الاستحباب، ومن أخبار التخيير ما يلي:-

الرواية الأولى:- موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( سألته عن رجل اختلف عليه رجلاًن من أهل بيته في أمرٍ كلاهما يرويه أحدهما يأمره بأخذه والآخر ينهاه عنه كيف يصنع؟ قال:- يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو في سعة حتى يلقاه )[2] .

ومضمونها أنه وقعت قضية عند أسرةٍ واختلف اثنان من أهل الخبرة فيها - أي من أهل الرواية - فصار أحدهما يأمره بفعل ذلك الشيء والآخر ينهاه عن فعله فسأل سماعة الامام عليه السلام عن هذه الحالة فقال عليه السلام هو في سعة حيث قال:- ( يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو في سعة ) بعد تفسير قوله عليه السلام ( هو في سعة ) بكونه مخيراً بالعمل بأيّ واحدةٍ من الروايتين إلى أن يلقى من يخبره بالرواية التي يلزم الأخذ بها.

فإذاً هي تدل على التخيير مادام لا يوجد من يعيّن له الرواية الصحيحة.


[1] جامع أحاديث الشيعة، البروجردي، السيد حسين، ج1، ص323. ب6 المعنون بعنوان ( باب ما يعالج به تعارض الروايات من الجمع والترجيح وغيرهما )، وهو نقلها عن الوسائل، ج11، ص462.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo