< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

44/11/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- التنبيه الخامس- تنبيهات - الاخبار العلاجية - تعارض الادلة.

ذكرنا أنَّ السيد الشهيد( قده) قال إنَّ المناسب عند تعارض طائفتين من الروايات أن نقسم كل طائفة منهما إلى مراتب بحسب قوة الدلالة وضعفها فإنَّ الدلالة على أربعة أنحاء، الدلالة الصريحة، والدلالة الظاهرة، ودلالة الاطلاق، ودلالة امضاء الارتكاز الموجود في ذهن السائل، فنجعل الروايات ذات الدلالة الصريحة في مرتبةٍ أولى، ثم نجعل الروايات الظاهرة في مرتبةٍ ثانية، ثم نجعل الروايات المطلقة في مرتبةٍ ثالثة، ثم نجعل الروايات التي تمضي الارتكاز الموجود في ذهن السائل في مرتبةٍ رابعة، فلو فرض أنَّ الطائفة الاولى من الروايات الدالة على النجاسة تحتوي على ثلاث مرابت مثلاً صريحة وظاهرة ومطلقة، بينما الطائفة الثانية التي الدلة على الطهارة تحتوي مرتبتان صريحة وظاهرة، فعلى مبنى المشهور سوف تتعارض كلتا الطائفتين من دون النظر إلى الرتب الموجودة فيهما وإنما تتعارض الطائفة الاولى الدالة على النجاسة بكامل مراتبها مع الطائفة الثانية الدالة على الطهارة بكامل مراتبها وتتساقطان وبعد التساقط نرجع إلى اصل الطهارة إن كان المورد من الشك في الطهارة والنجاسة أو إلى غيره من الاصول إذا كان المورد غير ذلك، وأما على مبنى السيد الشهيد(قده) سوف تتعارض المرتبة الأولى الصريحة من الطائفة الاولى الدالة على النجاسة مع المرتبة الأولى الصريحة من الطائفة الثانية الدالة على الطهارة وتتساقطان، ثم تتعارض المرتبة الثانية الدالة بالظهور على النجاسة من الطائفة الاولى مع المتربة الثانية الدالة بالظهور على النجاسة من الطائفة الثانية وتتساقطان أيضاً، فتبقى المرتبة الثالثة من الطائفة الأولى والتي تدل على النجاسة بالاطلاق من دون معارضٍ فنأخذ بها ونحكم بالنجاسة، وعليه سوف تتغير النتجية بين مسلك المشهور ومسلك السيد الشهيد(قده).

وقد ضرب السيد الشهيد(قده) مثالاً تطبيقياً لذلك:- حيث ذكر إنه توجد في باب نجاسة الخمر وطهارته طائفتان من الروايات الأولى تدل على نجاسته والثانية تدل على طهارته.

أما الدالة على النجاسة فيمكن تقسيمها إلى أربعة مراتب، المرتبة الأولى ما دل على النجاسة بالصراحة، من قبيل موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر، قال:- تغسله ثلاث مرات. وسئل أيجزيه ان يصب فيه الماء؟ قال:- لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرات )[1] ، فالامام عليه السلام هنا أمر الشخص أن يدلك الاناء بيده ثم يغسله ثلاث مرات، فهي صريحة في نجاسة الخمر وإلا كان يكفي صب الماء في الاناء ثم فراغه منه من دون حاجةٍ إلى الدلك وتثليث الغسلات، فاضافة الدلك وتثليلث الغسلات يوجب صراحة هذه الرواية في نجاسة الخمر.

وأما المرتبة الثانية فهي التي تأمر بغسل إناء الخمر من دون اضافة الدلك ولا تثليث الغسلات، من قبيل موثقة عمّار الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( لا تصلّ في ثوبٍ قد أصابه خمرٌ أو مسكرٌ حتى يغسل )[2] ، وهي ظاهرة في النجاسة.

وأما المرتبة الثالثة فهي تدل بالاطلاق على النجاسة، من قبيل صحيحة الحلبي:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دواءٍ عُجِنَ بالخمر، فقال:- لا والله ما أحب أن أنظر إليه فكيف اتداوى به، إنه بمنزلة شحم [ لحم ] الخنزير )[3] ، فإنَّ الامام عليه السلام قال:- ( إنه بمنزلة شحم [ لحم ] الخنزير ) واطلق ذلك فنتمسك باطلاق التنزيل، ومقتضى اطلاق التنزيل أنَّ الخمر كشحم - أو كلحم - الخنزير في النجاسة، فتثبت النجاسة باطلاق التنزيل.

وأما المرتبة الرابعة فهي الدلالة على النجاسة بامضاء الارتكاز الثابت في ذهن السائل، من قبيل صحيحة عبد الله بن سنان:- ( سأل أبي أبا عبد الله عليه السلام وأنا حاضر إني أعير الذمّي ثوبي وأنا أعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيردّه علي فأغسله قبل أن أصلي فيه؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام:- صلِّ فيه ولا تغلسه من أجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن أنه نجّسه )[4] ، فهنا الامام عليه السلام أمضى الارتكاز الموجود في ذهن السائل، لأنَّ الظاهر من الرواية أنَّ المرتكز في ذهن السائل هو أنَّ الخمر نجسٌ لأنه قال للإمام:- ( وأنا أعلم أنه يشرب الخمر )، فالمرتكز في ذهنه هو نجاسة الخمر والامام عليه السلام سكت عن هذا الارتكاز ولم يردَّه فيدل ذلك على امضائه وأنَّ الخمر نجسٌ، فالدلالة صارت بامضاء الارتكاز، وهذه الدلالة هي أضعف الدلالات الأربع.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo