< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تتمة الاحتمال الثالث في حجية القطع والتعليق عليه - الأقوال في حجية القطع - حجية القطع.

وفي مقام التعليق على ما ذكره السيد الشهيد(قده) نقول: - نسلَّم أنَّ حق الطاعة ثابت لله عزّ وجل في حقنا في امتثال التكاليف القطعية - التي هي القدر المتيقن من حق الطاعة - وهكذا الظنية والاحتمالية، ولكن ما هو التوجيه الفني لأحقيته بالعقوبة؟

إنَّ لهذا عدَّة آراء: -

الرأي الأول: - ما تقدم، وهو أنَّ ذلك من باب شكر المنعم، فتجب اطاعته من باب شكر المنعم، والقدر المتيقن هو حالة القطع بالتكليف، فهو قد أنعم علينا حيث أوجدنا ورزقنا من كافة النعم، ومادام اعطانا هذه النعم التي لا تحصى فحينئذٍ يثبت له حق الاطاعة مع استحقاق العقوبة لو خالفناه.

وفي مقام التعليق عليه نقول: - صحيح أنه تعالى منعمٌ علينا ويلزم اطاعته لكن هذا لا يبرر معاقبتنا عند المخالفة، فإنَّ هذا قد يكون محل تأمل وليس بواضح، وهذا نظير ما لو جاء شخص ثري وتفضّل على فقيرٍ بنعمٍ كثيرة لكن الفقير خانه بعد ذلك ولم يطعه في أمرٍ ما - كأن سرق بعض أمواله أو ما شاكل ذلك - فهل له أن يعاقبه على ذلك لأنه قد انعم عليه سابقاً؟! إنَّ هذا أول الكلام وهو ليس بواضح.

الرأي الثاني: - إنَّ الله تعالى هو خالقنا ومقتضى كونه خالقاً لنا ومعطينا النعم أن نطيعه ولا نعصيه، فالخالقية تقتضي وجوب الاطاعة وعدم العصيان.

وجوابه: - إنَّ الخالقية تقتضي أن لا نعصيه، أما أنَّ له الحق في معاقبتنا فهذا أول الكلام، فإنَّ خالق الشيء فبمجرد كونه خالقاً له لا يبرر جواز معاقبته لمخلوقه، وعليه فهذا الرأي لا يمكن المصير إليه.

إلا اللهم أن نقول: - بما أنه خالقنا فبالتالي هو منعمٌ علينا، فنضيف المنعمية إلى الخالقية.

ولكن نقول: - إنَّ هذا عودٌ إلى الوجه الأول، ويرد عليه ما يرد على الاول من أنَّ المنعمية لا تقتضي صحة العقوبة وإنما هي أول الكلام، نعم هي تقتضي أن يتعامل العبد بشكلٍ حسنٍ مع المنعم أما كونه يستحق العقوبة عند المخالفة فصحة ذلك هي أول الكلام.

الرأي الثالث:- ما ذكره السيد الطباطبائي(قده)[1] ، وهو أنَّ الله عزَّ وجل مالكنا ونحن مملوكون له، ومقتضى المالكية أن يتصرف المالك في المملوك كما يشاء.

وفي التعليق عليه نقول: - إنَّ إيجاد الشيء لا يقتضي جواز تصرف الموجد فيما اوجده كما يشاء، فلو فرض أني أوجدت دجاجاً بأن أخذت البيض ووضعته في آلة التفقيس فصار دجاجاً، فهنا هل يصح لي أن اتصرف به كيفما أشاء بأن اضعه في النارّ مثلاً؟! إنه يجوز على أي السيد الطباطبائي(قده) لأني أنا الموجدٌ لهذا الشيء وموجد الشيء له الحق في التصرف فيما أوجده بما يشاء، ولكن هذا مرفوضٌ أشدَّ الرفض.


[1] تفسير الميزان، السيد الطباطبائي، ج1، ص21، في تفسير سورة الحمد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo