< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الأصول

45/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الرأي الثاني في قبح الفعل المتجرى به - مبحث التجري - حجية القطع.

 

ويوجد احتمالان في مقصود الشيخ النائيني(قده): -

الاحتمال الأول: - ما يظهر من اجود التقريرات، وحاصله:- إنّ التجري يكشف عن سوء سريرة المتجري وأما الفعل المتجرى به فلا يكون قبيحاً، وبالتالي لا يستحق العقوبة، قال:- ( هو مجرد كشف الفعل عن سوء السريرة وشقاوة الفاعل ... لا موجباً لكون التجري في حكم المعصية في استحقاق العقاب )[1] .

ويرده:- إنَّ هذا ليس شيئاً جديداً يغاير ما ذكره الشيخ الأعظم(قده) فإنَّه قد بنى على ذلك حيث قال:- ( إنَّ المتجري لا اشكال في استحقاقه الذم من جهة انكشاف خبث باطنه وسوء سريرته بذلك وأما استحقاقه للذم من حيث الفعل المتجرى في ضمنه ففيه اشكال )[2] ، وسيرد عليه ما أورد على الشيخ الأعظم(قده) سابقاً.

الاحتمال الثاني:- ما جاء في فوائد الأصول، وحاصله:- إنَّ الفعل المتجرى به بقطع النظر عن صدوره من الشخص القاطع بالحرمة هو ليس بقبيح فإنه شرب للماء؛ إذ المفروض واقعاً أنه شربٌ للماء ولكن المتجري قطع اشتباهاً أنه خمرٌ فشربه، فبقطع النظر عن تناول هذا السائل من قبل القاطع لا يتصف الشيء بالقبح لأنه في واقعه شربٌ للماء، نعم هو قبيح من حيث صدوره من شخصٍ قاطعٍ بالحرمة، وعليه فسوف يصير القبح فاعلياً لا فعلياً، لأنَّ الفعلي هو شرب الماء فلا يكون هناك قبح فعلي، نعم بما أنه صدر من شخصٍ قاطعٍ بالحرمة اشتباها يكون آنذاك قبيحاً.

فهذا الفعل حينما نضيفه إلى الشخص القاطع فحيث إنه صادر منه فبهذا اللحاظ يكون قبيحاً وإلا فهو ليس بقبيح لأنه شرب للماء[3] .

وفي مقام التعليق نقول:- إنَّ ما ذكر - من أنه إذا غضضنا النظر عن صدور هذا الشرب من المتجري القاطع بأن هذا المائع خمر هو ليس بقبيح لأنه شربٌ للماء - صحيح ولكنه لا يختص بمورد التجري، بل جميع الأفعال حينما تصدر من شخصٍ لو قطعنا النظر عن حيثية صدورها منه هي لا تتصف بالحسن ولا بالقبح إلا فعلاً واحداً وهو العدل والظلم، فكل ما انطبق عليه أنه عدلٌ فهو حسنٌ بقطع النظر عن الفاعل، وكل ما انطبق عليه أنه ظلمٌ فهو قبيحٌ بقطع النظر عن الفاعل، بل مادام هو عدلٌ فهو حسن، ومادام هو ظلمٌ فهو قبيح، ولا يمكن سلب الحسن عن العدل أبداً وإلا لم يكن حسناً، كما لا يمكن سلب القبح عن الظلم أبداً وإلا لم يكن ظلماً، أما بقية الأفعال فكلها تتصف بالحسن أو القبح بسبب الإضافات والنسبة، ومثاله شرب الخمر، فإنه إذا صدر من شخصٍ لأجل العلاج - لو افترضنا أنَّ علاجه متوقف على تناول الخمر - فسوف يتصف بالحسن، وأما إذا لاحظناه بالقياس إلى شخصٍ لا يحتاج إلى العلاج به فيكون حينئذٍ قبيحاً، وأما إذا غضضنا النظر عن كلتا الجهتين - وقلنا هو ليس للعلاج ولا للشرب لأجل أمورٍ الأخرى - فلا يتصف شربه بالحسن ولا بالقبح.

فإذاً الأفعال دائماً تتصف بالحسن والقبح إلا ضفتي العدل والظلم وأما بقطع النظر عن هاتين الصفتين فكل الأفعال لا تتصف بالحسن ولا بالقبح إلا بسبب الإضافة والحيثيات، وعليه فما ذكره الشيخ النائيني(قده) قابل للنظر.


[2] فرائد الأصول، الشيخ الأعظم، ج1، ص45.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo