< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

45/04/28

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الحج/شرائط وجوب حجة الإسلام /الرجوع الى الكفاية في الاستطاعة البذلية

 

(مسألة 35): لا يمنع الدين من الوجوب في الاستطاعة البذلية، نعم لو كان حالا وكان الديان مطالبا مع فرض تمكنه من أدائه لو لم يحج ولو تدريجا ففي كونه مانعا أولا وجهان.

تقدم البحث عنها في فروع المسألة المتقدّمة.

(مسألة 36): لا يشترط الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة البذلية.

يشترط الرجوع الى الكفاية في الاستطاعة الماليّة ـ وسيأتي البحث عنها في المسألة (58) ـ بحيث لا يحتاج الى التكفّف ولا يقع في الشدة والحرج فيما يعيش به ويصرفه على نفسه وعياله عند رجوعه من السفر؛ لأدلّة نفي الحرج، ولخبر ضعيف عن أبي ربيع الشامي ـ في شرط الرجوع الى الكفاية ـ عن الصادق (عليه السلام) قال: سئل عن قوله عز وجل: «من استطاع إليه سبيلا» قال: ما يقول فيها هؤلاء؟ فقيل له: يقولون الزاد والراحلة، فقال عليه السلام: قد قيل ذلك لأبي جعفر عليه السلام، فقال: هلك الناس إذا كان من له زاد وراحلة لا يملك غيرهما، أو مقدار ذلك مما يقوت به عياله، ويستغني به عن الناس فقد وجب عليه أن يحج بذلك، ثم يرجع فيسأل الناس بكفه لقد هلك إذا. فقيل له: فما السبيل عندك؟ فقال السعة في المال. وهو: أن يكون معه ما يحج ببعضه، ويبقى بعض يقوت به نفسه وعياله.[1]

قال (عليه السلام) هلك الناس اذا كانت الاستطاعة بمجرد الزاد والراحلة، ثم يرجع فيسأل الناس بكفّه. فقيل له فما السبيل؟ قال السعة في المال؛ أي نفقه الذهاب والاياب، والرجوع الى الكفاية بأن يكون معه ما يحج ببعضه ويبقي بعضاً يقوت به نفسه وعياله بحيث اذا رجع لا يسأل الناس.

وأما في الاستطاعة البذليّة ذكر المصنف (قدس سره) أنه لا يشترط فيها الرجوع الى الكفاية.

وفيه: ان كان كسبه منحصرا في أيام الحج بحيث لو لم يشتغل في تلك الأيام لوقع في ضيق وحرج ولم يحصل على مئونة سنته في بقية الأيام، فإذا سافر الى الحج حينئذ ولم يرجع الى الكافية، كان حجّه حرجيّاً فيسقط وجوبه. فاذن يعتبر الرجوع الى الكافية في الحجّ البذلي أيضاً. وعلى هذا، لا فرق في الاستطاعة الماليّة والبذليّة فيما اذا كان كسبه منحصرا في تلك الأيام، وكل واحدة منهما مشروطة بالرجوع الى الكفاية. فنحن نخالف اطلاق كلام المصنف (قدس سره) في هذا المسألة.

(مسألة 37): إذا وهبه ما يكفيه للحج لأن يحج وجب عليه القبول على الأقوى، بل وكذا لو وهبه وخيّره بين أن يحج به أو لا، وأما لو وهبه ولم يذكر الحجّ لا تعييناً ولا تخييراً فالظاهر عدم وجوب القبول كما عن المشهور.

ذكر المصنف (قدس سره) صوراً ثلاثة في هذه المسألة.

الصورة الاولى: اذا وهب له ما يكفيه للحج لأجل أن يحج به، فيجب عليه القبول لأنه مقدمة للواجب وتحصل الاستطاعة.

الصورة الثانية: اذا وهب له على وجه التخيير بين أن يحج بها وبين أن يزور الامام الرضا (عليه السلام) بها وبين أن يتحفّظ بها ويستثمرها، فيجب عليه القبول أيضاً وتحصل الاستطاعة.

الصورة الثالثة: اذا وهب له مطلقاً أي لا لأجل أن يحج به، فلا يجب عليه القبول ولم تحصل الاستطاعة.

ولكن المحقق الخوئي (قدس سره) خالف المصنف (قدس سره) في الصورة الثانية فقال: لا يجب عليه القبول؛ لأن التخيير يرجع الى أن البذل للحج مشروط بعدم صرف المبذول لزيارة الامام الرضا (عليه السلام) وبعدم التحفّظ والاستثمار به، فلا يجب عليه تحصيل الشرط حينئذ.

الأقوال في المسألة:

قال صاحب الجواهر (قدس سره): إنّما الكلام في وجوب الحج بالبذل بأن يبذل له ما يكفيه للحج لأجل أن يحج به، وهو ايقاع لا يحتاج الى قبول ـ كإبراء الدين والطلاق ـ ولكن الهبة هي عقد وتمليك ويحتاج الى ايجاب وقبول. وعليه، اذا تمّ قبول الهبة حصلت الاستطاعة فيجب عليه الحج وإلّا ففي جميع الصور لا يجب عليه الحج.

وجزم صاحب المدارك (قدس سره) بعدم الفرق بين البذل والهبة في أحد كتبه، وتنظّر في كتاب آخر.

فتحصل أن الأقوال في المسألة ثلاثة: القول بالتفصيل بين وجوب الحج في صورتين وعدمه في الأخرى وهو قول المصنف (قدس سره). والقول بعدم الوجوب في جميع الصور وهو قول صاحب الجواهر (قدس سره). والقول بالوجوب في الجميع وهو قول صاحب المدارك (قدس سره).

نقول: لسان نصوص البذل مثل «حج به»، «حج به رجل من اخوانه»، «دعاه قوم أن يحجوه»، «عرض عليه الحج» هو لسان ايقاع لا يتوقف على القبول. وهذا بخلاف لسان روايات الهبة بأنها عقد يحتاج فيها الى ايجاب وقبول، وانشاء الواهب التمليك هو جزء العقد ـ أي هو ايجاب فقط ـ ويحتاج الى قبول. فقول صاحب المدارك (قدس سره) غير صحيح. وكذا قول صاحب العروة من التفصيل فهو غير صحيح أيضاً.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo