< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

45/05/05

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الحج/شرائط وجوب حجة الإسلام /رجوع الباذل عن بذله

 

(مسألة41): يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام، وفي جواز رجوعه عنه بعده وجهان، ولو وهبه للحج فقبل فالظاهر جريان حكم الهبة عليه في جواز الرجوع قبل الإقباض ، وعدمه بعده إذا كانت لذي رحم ، أو بعد تصرف الموهوب له.

تقدم الكلام بأن يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل أن يدخل المبذول له في الإحرام لأن الناس مسلطون على أموالهم، وكذلك في الهبة فان حكمها جواز الرجوع فيها اذا كانت لغير رحم ولم يتصرف بها. وأما في جواز رجوعه بعد الإحرام وجهان: أحدهما جواز الرجوع والثاني عدمه، ولم يختار المصنف (قدس سره) أحدهما.

وقد ناقش المحقق الخوئي (قدس سره) الوجه الثاني بأن عدم جواز الرجوع يتوقف على الإلتزام بوجوب الإتمام وهذا غير صحيح، لأن الإستطاعة شرط للحج حدوثاً وبقاء، وعدم استمرار الباذل في البذل يكشف عن عدم استطاعة المبذول له من أول الأمر.

والقول بوجوب الاتمام يكون فيما اذا كان الحج ندبياً وأمّا هنا فقد قصد الحج الواجب ولم يكن عليه واجب، فاذن لا يجب عليه الإتمام بزوال الإستطاعة.

وأمّا لو فرض وجوب الاتمام على المبذول له ليس معناه عدم جواز الرجوع، بل يجوز له الرجوع ولكن يكون ضامناً بما يفعله المبذول له من نفقة الأعمال. فالضمان على الباذل لا يستلزم عدم رجوعه في البذل، غاية الأمر يكون ضامناً لما يخسره المبذول له في الأعمال.

المناقشة في كلام المحقق الخوئي (قدس سره)

ولكن نحن نخالف المحقق الخوئي (قدس سره) فنقول: إذا كان رجوع الباذل في بذله وكذا رجوع الواهب في هبته جائز، فما هو دليل الضمان حتى على فرض وجوب الإتمام؟

إذا كانت قاعدة اليد ـ على اليد ما أخذت حتى تؤدّي ـ هي دليل الضمان، فلا تجري في المقام لأن الباذل رجع في ماله ولم يأخذ منه شيئاً.

وكذا إذا كانت قاعدة الغرور هي دليل الضمان، فلا تجري في المقام أيضاً لإقدام المبذول له على الدخول في الحج والإحرام مع علمه بأن يجوز للباذل والواهب الرجوع في البذل والهبة.

وأما قاعدة الغرور فهي ثابتة ولكن دليلها ليس فقط منحصراً بالرواية المنسوبة الى النبوي بأن المغرور يرجع على من غره كما قال ذلك بعض الأعاظم كصاحب الجواهر (قدس سره) والمحقق الكركي (قدس سره)، بل الدليل هو بعض النصوص الواردة في تدليس الزوجة للزوج المعلّلة بأنها غرّته وخدعته من جهة ارائة نفسها حرّة بينما هي أمة أو من جهة ارائة نفسها بيضاء بينما هي سمراء، وأيضا الدليل هو الإجماع وتسالم الأصحاب والسيرة العقلائيّة على ان من غرّ غيره يضمن.

فإذن إذا كانت قاعدة اليد والغرور هما دليلا ضمان الباذل أو الواهب، فلا تجريان في المقام.

وأما اذا كان الأمر بالعمل هو دليل الضمان، فهو غير صحيح أيضاً، لأن الأمر بالعمل يكون مضموناً فيما اذا كان نفعه يرجع الى الآمر، وفي المقام ليس كذلك نظراً لرجوع نفع العمل ـ أي الحجّ البذلي ـ الى المبذول له لا الآمر، وكذلك الأمر بحجّ الموهوب له فان النفع راجع الى الموهوب له لا الواهب الذي أمره بالحج بالمال الموهوب.

ولو سلّمنا بأن يجوز له الرجوع في البذل والهبة، ويثبت عليه ضمان ما يخسره المبذول له في الأعمال كما قال المحقق الخوئي (قدس سره)، لكن هذا لم يثبت في جميع الأحوال كما لو استطاع المبذول له ماليّاً بعد الإحرام والإتيان بعمرة التمتع ورجع الباذل في بذله أو الواهب في هبته، فانه يجب عليه الرجوع حيئذ الى أحد المواقيت والإحرام منه والإتيان بعمرة التمتع لنفسه وثم يأتي بحجّ التمتع، وأن العمرة المأتي بها قبل الرجوع تبطل بسبب رجوع الباذل والواهب.

وأما اذا كانت السيرة العقلائيّة هي دليل الضمان، فلم نسلمّ بوجود هكذا سيرة من العقلاء.

(مسألة42): إذا رجع الباذل في أثناء الطريق ففي وجوب نفقة العود عليه أو لا وجهان

ذكر المصنف (قدس سره) بأن يأخذ المبذول له نفقة الذهاب من المال المبذول له، ولكن إذا رجع الباذل في اثناء الطريق وقبل أن يحرم ففي وجوب نفقة العود عليه وجهان ولم يختار أحدهما أيضاً.

فقد يقال بأن يجب علىه إعطاء نفقة العود، للسيرة العقلائية بأن السفر وقع باذنه والاذن في الشيء اذن في لوازمه.

وفيه: نفس المناقشة في المسألة المتقدّمة بأن لم تثبت هكذا سيرة من العقلاء، ولم يثبت الضمان بقاعدة اليد لأن الباذل رجع في ماله ولم يأخذ منه شيئاً، ولا بقاعدة الغرور لعلمه بأن يجوز للباذل الرجوع حتى قبل الاحرام، ولا بالأمر بالفعل لعدم نفع الآمر حينئذ. وما يقال في ان المبذول له أو الموهوب له تضرر برجوع الباذل أو الواهب فانه صحيح، الا أنه ضرر قد أقدم عليه المبذول له وأقدم عليه الموهوب له لأنه يعلم بجواز الرجوع فيهما.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo