< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

45/05/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الحج/شرائط وجوب حجة الإسلام /لو رجع عن بذله في الأثناء، وإذا حج لنفسه أو عن غيره تبرعاً

 

فرع: لو بذل له ثمن الهدي مع بقيّة المصارف ثم رجع الباذل وعدل عنه فقط، فلا شك في أنه يجب على المبذول له أن يتم حج التمتع لأنه متمكن من اتمامه بالاستطاعة التلفيقية اذا كان عنده ثمن الهدي أو بالصوم عند التعذّر من الهدي. وهذا بخلاف ما اذا رجع الباذل عن البذل بأجمعه بعد الإحرام فانه لم يكن مستطيعاً حينئذ لعدم بقاء الإستطاعة بالرجوع عنه فلا يجب عليه الحج.

وقد ذكر المحقق الخوئي (قدس سره): بانه اذا أتم الحج بشراء الهدي بعد علمه بأن الباذل رجع في ثمن الهدي، فله الرجوع الى الباذل، لأنه ضامن وهو الذي أوقعه في اتيان الأعمال وشراء الهدي وصدر ذلك بأمره وبإذنه، فيكون ضامناً له. فالحكم بالضمان لا ينافي جواز الرجوع.

وفيه: قد تقدم وجه عدم ضمان الباذل، لعدم جريان قاعدة اليد نظراً بأن الباذل لم يأخد من المبذول له شيئاً بل رجع في ماله، ولعدم جريان قاعدة الغرور لأن المبذول له يعلم بأن للباذل حق الرجوع إما في تمام البذل أو في ثمن الهدي فقط.

وكذا لا ضمان بأمر الباذل للمبذول له، لأن الأمر بالعمل يكون مضموناً فيما اذا كان نفعه يرجع الى الآمر وهو الباذل، ولكن النفع في المقام يرجع الى المبذول له.

وما يقال في ان المبذول له تضرر برجوع الباذل فانه صحيح الا أنه ضرر قد أقدم عليه المبذول له وهو يعلم بأنه يجوز له الرجوع.

نعم اذا رجع الباذل في بذل ثمن الهدي ولم يكن المبذول له متمكناً من الهدي والصوم، فلا يجب عليه الحج حينئذ؛ لعدم تحقق الإستطاعة البذلية الملفقة مما بذل له ومما عنده، وعدم التمكن من البدل الاضطراري.

(مسألة48): لو رجع عن بذله في الأثناء وكان في ذلك المكان يتمكن من أن يأتي ببقية الأعمال من مال نفسه أو حدث له مال بقدر كفايته وجب عليه الإتمام، وأجزأه عن حجة الإسلام.

قال المصنف (قدس سره) لو رجع الباذل عن بذله في أثناء العمل وبعد الإحرام، وكان المبذول له في ذلك المكان يتمكن من أن يأتي ببقية الأعمال من مال نفسه أو حدث له مال بقدر كفايته وجب عليه الإتمام، وأجزأه عن حجة الإسلام .

الإشكال في كلام المصنف (قدس سره)

والظاهر من عبارته «يتمكن من أن يأتي ببقية الأعمال» هو الجزم بأنه يجوز له الرجوع عن بذله بعد الإحرام، والحال إنه تردد فيه سابقاً ـ في مسألة41ـ فقال: في جواز رجوعه عنه بعد الإحرام وجهان، ولم يختر أحدهما.

كلام المحقق الخوئي (قدس سره)

وقد ذكر المحقق الخوئي (قدس سره) بأنه إذا رجع الباذل عن بذله بعد الإحرام سواء كان الرجوع جائزاً أو غير جائز، وكان المبذول له متمكناً مما يصرفه في الحج من أول الأمر أو تجدد له مال بقدر الكفاية فيجب عليه الإتمام، بناء على كفاية الاستطاعة التدريجية في وجوب الحج وأنها كالاستطاعة الدفعية.

ثم قال وقد عرفت بأن الباذل يجوز له الرجوع فيما بذله حتى بعد الإحرام ولكن يكون ضامناً لما يخسره المبذول له من نفقات الأعمال لأنها وقعت بأمر منه وبإذنه.

وذكر أيضاً بأن مجرد تمكّن المبذول له من اتمام أعمال الحج لا يكفي في وجوب الحج عليه بل لابد أن يكون الإتمام من دون عسر ولا حرج، واذا كان فيه عسر وحرج فلا يجب عليه الإتمام.

المناقشة في كلام المحقق الخوئي

ولكن نحن نناقش المحقق الخوئي فنقول بأنه لا دليل على ان الإستطاعة التدريجية توجب الحج، فلا يجب عليه الإتمام حينئذ بل إنما يجب عليه الإتمام فيما اذا كانت الاستطاعة موجودة من الأول في جميع الأعمال ويكون له نفقة عياله ويرجع الى الكفاية.

فيجب الحج على المكلّف بالإستطاعة التي تتحقق قبل الأعمال لا الإستطاعة التي تحصل في أثناء الأعمال. فاذا رجع الباذل عن بذله في أثناء العمل لم تحصل له الإستطاعة من الأول ويكون إحرامه لحجة الإسلام باطلاً فلا يجب عليه الحج والإتمام، ولو حج حينئذ فهو غير مجزئ عن حجة الإسلام لأنه غير مستطيع من أول الأمر.

نعم إذا رجع الباذل وبعد ذلك تمكّن المبذول له قبل الإحرام من أن يأتي بجميع أفعال الحج، تحققت الإستطاعة في حقّه قبل الأعمال فيجب عليه الحج حينئذ ويجزئ عن حجة الإسلام، والإستطاعة الحاصلة بعد الإحرام وفي أثناء الأعمال هي تدريجية ولا دليل على اجزائها ولا يجب عليه الإتمام حينئذ وله أن يحج ندباً.

ثم تقدم بأنه لا ضمان على الباذل ويجوز له الرجوع في ماله.

(مسألة56): إذا حج لنفسه أو عن غيره تبرعا أو بالإجارة مع عدم كونه مستطيعا لا يكفيه عن حجة الإسلام فيجب عليه الحج إذا استطاع بعد ذلك، وما في بعض الأخبار من إجزائه عنها محمول على الإجزاء ما دام فقيرا، كما صرح به في بعضها الآخر فالمستفاد منها أن حجة الإسلام مستحبة على غير المستطيع، وواجبة على المستطيع، ويتحقق الأول بأي وجه أتى به، ولو عن الغير تبرعا أو بالإجارة، ولا يتحقق الثاني إلا مع حصول شرائط الوجوب.

إذا حج لنفسه أو حج عن غيره إما تبرعاً أو اجارة في حال أنه غير مستطيع، فهذا غير مجزئ عن حجة الإسلام لعدم تحقق الإستطاعة. وقد دلّت صحيحتان على الإجزاء.

الأولى: صحيحة معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «حجّ الصرورة يجزي عنه وعن من حجّ عنه»[1] .

والثانية: صحيحته معاوية بن عمار الأخرى قال: «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل حجّ عن غيره، يجزيه ذلك عن حجّة الإسلام؟ قال: نعم»[2] .

ولكن لم يعمل أحد من الإمامية بهذه الروايات وذهب جميعهم الى عدم الإجزاء ولذلك تسقط عن الحجيّة. ولذا لو حجّ تبرعاً متسكعاً لنفسه أو عن غيره فهذا غيرمجزئ عن حجة الإسلام ويجب عليه الحج ثانياً إن استطاع بعد ذلك.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo