< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

45/06/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الحج/شرائط وجوب حجة الإسلام /إذا استقرّ عليه الحجّ ولم يتمكّن من المباشرة

 

(مسألة72): إذا استقرّ الحجّ عليه ولم يتمكّن من المباشرة لمرض لم يرج زواله أو حصر كذلك أو هرم بحيث لا يقدر، أو كان حرجاً عليه فالمشهور وجوب الاستنابة عليه ...

وأمّا إن كان موسراً من حيث المال ولم يتمكّن من المباشرة مع عدم استقراره عليه ففي وجوب الاستنابة وعدمه قولان، لا يخلو أوّلهما عن قوّة لإطلاق الأخبار المشار إليها ...

وهل يختص الحكم بحجّة الإسلام أو يجري في الحجّ النذري والإفسادي أيضا؟ قولان، والقدر المتيقّن هو الأوّل بعد كون الحكم على خلاف القاعدة،

وإن لم يتمكن المعذور من الاستنابة ولو لعدم وجود النائب أو وجوده وعدم رضاه إلاّ بأزيد من اُجرة المثل ولم يتمكن من الزيادة أو كانت مجحفة سقط الوجوب، ...

والظاهر كفاية حجّ المتبرّع عنه في صورة وجوب الاستنابة،

وهل يكفي الاستنابة من الميقات كما هو الأقوى في القضاء عنه بعد موته؟ وجهان، لا يبعد الجواز حتّى إذا أمكن ذلك في مكّة مع كون الواجب عليه هو التمتع، ولكنّ الأحوط خلافه، لأنّ القدر المتيقن من الأخبار الاستنابة من مكانه، كما أنّ الأحوط عدم كفاية التبرّع عند لذلك أيضاً.

كان الكلام في هذه المسألة وتقدّم ذكر أمور فيها.

الأمر السادس:

هل يختص وجوب الاستنابة بحجّة الإسلام أو يجري في الحجّ النذري إذا لم يتمكّن من المباشرة أو في الحجّ الإفسادي كذلك؟

والمراد من الحجّ الإفسادي هو الحجّ الذي أفسده بفعل شيء من المفسدات كما لو واقع زوجته قبل المشعر الحرام فحينئذ يقع الحجّ فاسداً ويجب علىه إتمام الأعمال والحجّ في العام القابل.

وعليه، لو لم يكن الحجّ الذي أفسده هو حجّة الإسلام وإن وجب إتمامه عقوبة عليه وإنّما الحجّ في القابل هو حجّة الإسلام، فلا يلحق الحجّ الإفسادي بحجّة الإسلام فإذا مات فيه يجب على الولي الاستنابة عنه إذا كان الحجّ مستقراً عليه، أي يكون مشمولاً للأدلّة الدالة على وجوب الاستنابة إذا لم يتمكّن من المباشرة.

وأمّا لو كان الحجّ الفاسد هو حجّة الإسلام ولذا يجب عليه إتمامه والحجّ في القابل هو عقوبة على ذلك فيلحق بحجّة الإسلام في الإجزاء ولا يكون مشمولاً لأدلّة وجوب الاستنابة إذا لم يتمكّن منه من المباشرة.

وأمّا الحجّ النذري فإن كان نذر الحجّ مقيّداً بسنة معيّنة أو غير معيّنة وعجز عن المباشرة، فمقتضى القاعدة بطلان النذر لعدم تمكّنه من الحجّ؛ لأنّه غير قادر على امتثال النذر حينئذ، فلا مورد للاستنابة ولا يلحق بحجّة الإسلام. وأمّا وجوب القضاء في نذر الصوم إن صادف يوم المنذور يوم عيد أو يوم سفر فهو للنص الدّال على ذلك وإن كان مقتضى القاعدة البطلان.

الأمر السابع:

إذا لم يتمكّن المعذور من الحجّ المباشري أن يستنيب ـ سواء استقرّ عليه الحجّ ثمّ لم يتمكّن من المباشرة أو لا يستقرّ علىه الحجّ ولم يتمكّن من المباشرة ـ إمّا لعدم وجود نائب أو مع وجوده ولكن لا يرضى إلّا بأخذ مبلغ أكثر من أُجرة المثل ولم يتمكّن من دفع ذلك المبلغ أو يتمكّن من دفعه ولكن كان حرجيّاً أو موجباً للضرر الكثير عليه، فلا تجب عليه الاستنابة؛ إمّا لعدم القدرة عليها عند عدم وجود النائب أو لحكومة أدلّة نفي الحرج والضرر على الأدلّة الأوّلية.

ولو مات المنوب عنه حينئذ ثمّ وُجد النائب أو رضي من يحجّ عنه بالأجرة المتعارفة، فهل يجب القضاء عنه أم لا؟

ذهب المصنّف إلى التفصيل بوجوب القضاء عنه فيما إذا كان الحجّ مستقرّاً عليه وعدمه فيما إذا كان الحجّ غير مستقرّ عليه.

أمّا الأوّل: فيجب القضاء عنه فيما إذا كان الحجّ مستقرّاً عليه ثمّ لم يتمكّن من المباشرة؛ لأنّ التكليف بوجوب الحجّ قد تنجّز عليه ثمّ عصى ولم يحجّ واستقرّ في ذمّته وبعد ذلك لم يتمكّن من المباشرة.

والثاني: لا يجب القضاء عنه فيما إذا كان الحجّ غير مستقرّ عليه كأن استطاع في هذه السنة من الناحية الماليّة فقط ولم يتمكّن من المباشرة؛ لأنّ التكليف لم يتنجّز عليه في حال الحياة لا بالمباشرة ولا بالاستنابة، أمّا عدم التنجّز بالمباشرة فلوجود المانع من مرض وحصر ونحو ذلك، وأمّا عدم التنجّز بالاستنابة فلما ذُكر من عدم وجود النائب أو لكونها موجبة للحرج والضرر، وإذا كان التكليف غير منجّز عليه فلا موضوع لوجوب القضاء حينئذ.

وفيه: إنّ هذا التفصيل مبني على القول بوجوب الاستنابة على من استقرّ عليه الحجّ وعصى ثمّ لم يتمكّن من المباشرة، ولكن تقدّم في الأمر الأوّل بأنّه لا فرق في وجوب الاستنابة في كلا الفرعين، فإنّ التكليف منجّز على من استقرّ عليه الحجّ ثمّ لم يتمكّن من المباشرة أو على من لا يستقرّ عليه الحجّ ولم يتمكّن من المباشرة، وهذا ما دلّت عليه الروايات؛ لأنّها مطلقة أمرت «بأن يجهّز رجلاً يحجّ عنه» في من لم يتمكّن من المباشرة سواء استقرّ عليه الحجّ أو لا.

وبناء على ذلك، من كان مصداقاً لهذا الأمر ولم يتمكّن من الاستنابة في حياته لعدم وجود النائب أو مع وجوده ولكن كان ذلك موجباً للحرج والضرر الكثير عليه فلا تجب عليه الاستنابة مطلقاً، ولكن إذا مات المنوب عنه ثمّ وُجد النائب أو وُجد من يرضى بالأجرة المتعارفة فيجب القضاء عنه في كلا الفرعين؛ لإطلاق الأدلّة.

الأمر الثامن:

لو حجّ متبرّع عمّن وجبت عليه الاستنابة في كلا الفرعين، فهل حجّه يُجزي عن حجّة الإسلام أو لا؟

قال المصنّف (قده) بالإجزاء، وناقش المحقّق الخوئي (قده) ذلك فقال: الظاهر هو عدم الإجزاء؛ لأنّ المستفاد من النصوص لزوم الإحجاج والإرسال إلى الحجّ والتجهيز إليه وأن يكون حجّ الغير مستنداً إليه بالتسبيب. وهذا لم يصدق على الحجّ التبرّعي؛ فإنّ المنوب عنه لم يجهّز المتبرّع لأن يحجّ عنه ولا يكون الحجّ التبرّعي مستنداً إليه بالتسبيب، وإذا شكّ في سقوط التكليف عنه بحجّ المتبرّع فالأصل عدمه. ثمّ يقول ذكرنا نظير هذا الحكم في باب الخمس؛ فإنّ الواجب منه لا يسقط لو تبرّع به الغير[1] .

وفيه: نحن نناقش كلام المحقّق الخوئي (قده) انتصاراً للمصنّف (قده) فنقول: لزوم الإحجاج وتجهيز رجل للحجّ هو لأجل تفريغ ذمّة المنوب عنه وفعل المتبرّع يجزي في إفراغ ذمّة المنوب عنه. وكذا الكلام في الخمس؛ فإنّ أداء الغير للخمس يوجب تفريغ الذمّة.

مضافاً إلى أنّ المحقّق الخوئي في شرح كلام المصنّف في مسألة واحد وثمانين ـ إذا استقرّ عليه الحجّ ولم يحجّ فصار ديناً عليه ووجب الإتيان به بأي وجه تمكّن، وإن مات فيجب عليه أن يقضى عنه إن كانت له تركة ويصحّ التبرّع عنه ـ لم يناقش صحّة حجّ المتبرّع عن الذي استقرّ عليه الحجّ ثمّ مات، فإذن يكون حجّ المتبرّع في تلك المسألة مُجزياً لأجل تفريغ ذمّة الميّت الذي استقرّ عليه الحجّ. وكذلك يكون الأمر في المقام بأنّه لو كان إحجاج الغير فيما إذا ما لم يتمكّن المنوب عنه من الحجّ المباشري لتفريغ الذمةّ فقد يكون مُجزياً عن حجّة الإسلام كما ذهب إليه المصنّف.

الأمر التاسع:

هل تكفي الاستنابة من الميقات؟ ذهب المصنّف (قده) إلى أنّ الاستنابة تكفي من الميقات؛ لأنّ المذكور في الروايات هو «أن يجهّز رجلاً يحجّ عنه» والابتداء بتجهيز رجل من مكان خاص كبلد المنوب عنه ليس مذكوراً في الروايات. ومقتضى الإطلاق فيها كفاية الاستنابة عن الذي لم يتمكّن من المباشرة من الميقات أيضاً.

فما ذكره المصنّف (قده) من الاحتياط والقدر المتيقّن فلا يجب اتّباعه؛ لأنّ القدر المتيقّن لا يخلّ بالإطلاق والاحتياط الاستحبابي لا بأس به فلاحظ.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo