< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الاصول

32/03/03

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي.

قلنا ان ثمرة بحث اجتماع الامر والنهي مرة يكون على القول المنصور وهو الجواز، وذكرنا ان هناك عويصة لابد من الجواب عليها فان من قال بجواز اجتماع الامر والنهي لماذا يحكم بالبطلان في صورة ما اذا علم بالغصبية وصلى فيها عمدا فلماذا يحكم بالبطلان وهذه العويصة تبقى موجودة فبحسب القاعدة من جواز اجتماع الامر والنهي والموجود في الخارج عبارة عن عنوانين والامر والنهي يتعلق بهما، اذاً يتمكن ان ياتي بالصلاة في الارض المغصوبة فيكون مطيعا وعاصيا، واذا قلنا ان الموجود الخارجي في الواقع ليس واحدا انما هو متعدد لوجود جهتين فيه جهة الصلاتية والغصبية فاذا كان الموجود في الخارج متعددا وقلنا بجواز اجتماع الامر والنهي فينبغي ان تكون الصلاة في الارض المغصوبة صحيحة فلماذا يفتون بالبطلان فيمن علم بالغصب وصلى في الغصب عمدا، فهل هناك روايات تقول ان الصلاة في المغصوب اذا كانت عمدا تبطل فنقول ان هذا النص يقييد القاعدة الذي يقول بالجواز ولكن لايوجد هكذا نص معتبر، نعم توجد رواية ضعيفة في ذلك فلا توجد رواية تقول ان الصلاة في المغصوب باطلة مع العلم بالغصبية فمن قال بالجواز فلابد ان يفتي بالصحة مع العصيان لكنهم يفتون بالبطلان وهذه العويصة تبقى.

الآن نتكلم عن الثمرة بناء على القول بامتناع اجتماع الامر والنهي على عنوانين يكون مطبقهما الخارجي واحدا وهو مذهب صاحب الكفاية.

فتارة نقول بالامتناع ويصل النهي الينا اي يعلم المكلف بالغصبية او كان هو الغاصب فهنا اذا قلنا باجتماع الامر والنهي على عنوانين مطبقهما الخارجي فعند الصلاة في الارض المغصوبة يحصل التعارض، فلو ورد دليلان احدهما يأمرنا بالصلاة والآخر ينهانا عن الغصب واجتمعت الصلاة مع الغصبية في الدار المغصوبة فهنا تعارض، اي احد الدليلين لم يصدر من المولى لو قلنا بالامتناع فيحصل التعارض، حينئذ اذا كان هناك مرجح للامر فلا اشكال في صحة الصلاة والامتثال بالمجمع لانه لا يوجد الاّ الامر بالصلاة لوجود مرجح للامر بالصلاة ولم يصدر الا ّواحد فلايوجد نهي في هذه الصورة عن المغصوب لأن الفرد الخارجي صار مامورا به ليس الاّ ويكون مجزيا سواء كان هذا الواجب عباديا كالصلاة او توصليا كخياطة العبائة ولا يجوز لك ان تخيطها في المغصوب فاذا خاطها في المغصوب وقدمنا جانب الامر بمرجح فلايوجد الاّ الامر وقد امتثلناه ولايوجد نهي في هذه الصورة، لكن اذا قدمنا جانب النهي بمرجح مثلا ان تقول (لا تغصب) عموم شمولي (صلي) عموم بدلي فهنا جاء امر بالصلاة وجاء نهي عن الغصب وقد اجتمعا في مورد ومطبق وقلنا بالامتناع اي لم يصدر الاّ واحد فهنا تعارض ويوجد مرجح للنهي لان (لاتغصب) هو شمولي ولكن عموم (صلي) بدلي فقدمنا جانب النهي حينئذ فلايوجد الاّ نهي عن التصرف في هذا المغصوب اي لا يوجد امر بالصلاة اذا قدمنا جانب النهي ففي صورة العلم والعمد اذا كان الواجب عباديا فلا اشكال في البطلان لانه لا يوجد الاّ نهي وقدمنا جانب النهي فالمجمع للصلاتية والغصبية يكون محكوما بالتحريم ولا يمكن ان يكون محكوما بالوجوب للتضاد بين الاحكام، اذاً هذا الموجود الخارجي لو قدمنا جانب النهي فهو حرام ولا يمكن التقرب بالحرام فهذا الانسان تصرفه حرام ولا يمكنه الصلاة لانه لايوجد الاّ نهي، اذاً هذا الانسان فقط يحرم عليه الغصب ولا يوجد امر بالصلاة لان الواجب ليس بمطلق فتبقى عهدته مكلفة بالواجب لان الواجب ليس بمطلق بحيث يشمل هذا الفرد فلا يوجد الاّ نهي فاذا كان عمله صلاة عبادية ولا امر به فيكون عمله غير مجزء واذا اعتقد الاجزاء فهنا يكون مشرعاً وتتحقق حرمة ثانية وهي حرمة التشريع، اما اذا كان الواجب توصليا وقدمنا جانب النهي فالاجتزاء بالخياطة عن الوجوب موقوف على امكان احراز الملاك في المجمع ولكن الملاك لايمكن احرازه الاّ عن طريق الامر، هذا كله ثمرة الامتناع لو وصل النهي الى المكلف فتحقق التعارض بين (صلي ولا تغصب) في المجمع لانه امتناع.

اما اذا لم يصل النهي الى المكلف، وقلنا بامتناع اجتماع الامر والنهي ولم يصل النهي الى المكلف لجهل قصوري اي لغفلة أونسيان او جهل بالموضوع او الجهل بالحكم فهنا اذا قلنا بامتناع اجتماع الامر والنهي ولم يصل النهي الى المكلف فالمشهور حكم بصحة الامتثال والاجتزاء مع انهم قائلون بامتناع اجتماع الامر والنهي فقالوا اذا لم يصل النهي للمكلف لجهل قصوري وصلى في الارض المغصوبة فصلاته وعبادته صحيحة.

السيد الخوئي (قده) يقول لم نظفر بمخالف يقول بفساد الصلاة في هذا المورد ونقل عن مفتاح الكرامة في بحث الوضوء بالماء المغصوب المجهول غصبيته نقل دعوى الاجماع على عدم القول بالفساد بل الكل قال بالصحة، وهنا ايضا مشكلة فالقول بالصحة وقع موردا للاشكال الذي طرحه صاحب الكفاية فالوضوء بالماء المغصوب في صورة عدم العلم بالنهي لا يمكن امر ونهي وقد قدمنا جانب النهي، فلو قدمنا جانب الامر فهنا الموجود هو الامر فقط فالصلاة والوضوء صحيحان في الماء المغصوب ولكن المشكلة في تقديم جانب النهي فهنا يوجد تعارض على القول بالامتناع ومع التعارض وقد قدمنا جانب النهي فلا يوجد امر بالوضوء او بالصلاة فالامر بالصلاة والوضوء في غير هذا الماء المغصوب او البيت المغصوب فلماذا قالوا بالصحة مع انه لا امر والموجود نهي، فالاشكال الذي ذكره صاحب الكفاية ونسميه عويصة على هذا المبنى هو ان المجتهد الاصولي الذي يرى امتناع اجتماع الامر والنهي وقد وقع التعارض بين دليل الامر بالوضوء ودليل لا تغصب الماء وقدمنا جانب النهي لانه شمولي بينما الامر بدلي فمع تقديم جانب النهي لا يصح الامتثال بالمجمع سواء وصل النهي الىّ او لم يصل لان التعارض حقيقي فلا يوجد الاّ نهي فاذا اتيت بالشيئ المنهي عنه فهل يمكن ان يكون عبادة؟

قال المشهور ان النهي اذا وصل الينا وقدمنا جانب النهي فالوضوء والصلاة باطلة واذا لم يصل النهي الينا فالوضوء والصلاة صحيحية فنقدم العموم الشمولي على العموم البدلي، فالمشهور الذي قال بالامتناع فيما لوقدمنا جانب النهي فلا امر بالوضوء والصلاة فكيف يكون صحيحا حتى لو كان النهي لم يصل الينا لان التعارض بينهما حقيقي سواء وصل النهي او لم يصل فانه لا امر اصلا كما في تقديم الصلاة على وقتها هذا هو الاشكال.

وقد اجاب صاحب الكفاية، فقال: ان التضاد في مرحلة فعلية الاحكام فالتضاد في الاحكام هو في مرحلة فعليتها بعثا او منعا والحكم ما لم يصل الى المكلف لا يكون فعليا فلا تضاد حينئذ لان النهي والامر اذا وصل اليّ فصار تعارض فاذا قدمنا جانب النهي تكون الصلاة باطلة اما اذا لم يصل النهي فلا تضاد لان الحرمة تكون باقية في مرحلة الانشاء لا الفعلية فيقع الوضوء والصلاة صحيحا، هكذا اجاب صاحب الكفاية (قده).

ولكن هذا الجواب باطل لاننا اذا آمنا بالتضاد بين الاحكام فهو لا يختص بوصول الامر والنهي اليّ بل حتى لو لم يصل الامر والنهي فنقول ان بين الامر والنهي على شيئ واحد تضاد، والتضاد بين الاحكام بالمبادئ فقوله بان التضاد يكون في مرحلة فعلية الاحكام غير تام بل التضاد في غير مرحلة الفعلية لوجود التضاد في مبادئ الحكم وهو الحب والبغض.

لنا ان نقول مع الجهل بالحرمة بناء على الامتناع يكون الامر موجودا (صلي) عموم بدلي فمع الجهل بالحرمة يكون الامر موجودا وهذا الامر يرخص في كل فرد من افراد الصلاة فنتمسك باطلاقه حتى في هذا المورد الذي تُجهل حرمته فنتمسك باطلاق (صلي) البدلي في هذا المورد أو نقول كما قال صاحب الكفاية مع الجهل بالحرمة يمكن للمكلف ان يتقرب بالامر لو جهلنا الحرمة فياتي بالصلاة والوضوء ويتقرب لانه لايعتبر في صحة العبادة الاّ اشتمالها على ملاك الامر وكلاهما هنا حاصلان في صورة الجهل بالحرمة فنقول ملاك الامر هنا موجود ويمكن التقرب.

هذا الرد الاول والثاني بناء على الامتناع والتضاد بين مبادئ الوجوب والحرمة تجعل احد الحكمين غير صادر من المولى سواء علمنا بالنهي أم لا فان لم يكن ترجيح للنهي فالكلام صحيح ولكن لو رجحنا النهي فالجواب الاول والثاني لا ياتي لاننا رجحنا النهي فهنا لايوجد امر، فالكلام في صورة ترجيح النهي وحينئذ لا يوجد الاّ النهي على مبنى الامتناع فكيف حكم المشهور بالصحة مع انه لا يوجد الاّ النهي.

نقول شيئا ثالثاً وهو مع الجهل بالحرمة فلا اشكال بامكان التقرب من قبل المكلف بعد التعارض والتساقط، فنقول تعارض الامر والنهي فتساقطا ومع الجهل بالحرمة والتعارض والتساقط الواقعي يمكن التقرب من قبل المكلف، حينئذ هل تجب الصلاة مرّة ثانية فنقول هنا تجري البرائة فالصلاة ملاكها موجود ولا امر بها، ولكن هذا الكلام ايضا باطل لان الكلام في صورة تقديم وترجيح جانب النهي.

وهنا بيان آخر، وهو: لو قلنا بالامتناع وقدمنا جانب النهي فتبقى هذه العويصة على هذا المسلك.

فتكون عندنا عويصتان الاولى على مبنى جواز اجتماع الامر والنهي فالصلاة صحيحة ولكنه عاصي، اما لو قلنا بالامتناع لكن قدمنا جانب النهي لمرجح وهو كونه شمولي فهنا قالوا اذا كان قاصرا أوجاهلا أومعذورا قتكون صلاته صحيحة مع اننا لو قدمنا جانب النهي لابد ان تكون صلاته باطلة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo