< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیت الله مکارم الشیرازي

32/06/11

بسم الله الرحمن الرحیم

عنوان البحث: كفارة اللمس حال الإحرام

  البحث في الفرع الثالث من فروع المسألة الثالثة من مسائل تروك الإحرام و هو البحث عن كفارة اللمس. لم يتطرّق الفقهاء في هذا الفرع إلى لمس الأجنبيّة لأن المفروض أن التجمع هو تجمع إسلامي و الكل يريدون أداء هذه الشعيرة المقدسة، و هذا قد دعاهم إلى عدم التعرض للمس الأجنبيّة.

  و اللمس هنا على قسمين إما بشهوة أو من غير شهوة و في كلا الحالتين إما أن يؤدي إلى الإمناء أو لا يؤدي.

يقول السيد الماتن في ذلك:

  "و لو لامسها بشهوة فأمنى فعليه الكفارة، و الأحوط بدنة و كفاية الشاة‌ لا تخلو من قوة، و إن لم يمن فكفارته شاة".

  كما نرى أن السيد تعرض أولا للّمس بشهوة و إمناء، ثم إلى اللمس بشهوة من دون إمناء، و عبارته تدل بالمفهوم على أنه لو أمنى من دون شهوة فلا شيء عليه. و أما قوله قدس سره: "كفاية الشاة لا تخلو من قوة" فهو فتوى فما سبقه من الإحتياط يُعدُّ إستحبابيا.

الأقوال:

صاحب الشرائع يقول:

  "لو مسّها بغير شهوة لم يكن عليه شيء و لو مسها بشهوة كان عليه شاة و لو لم يمن".[1]

  و على رأي السيد الماتن لو أمنى بعد المسّ بشهوة فعليه بدنة إحتياطا.

  بالنسبة للّمس من دون شهوة فالكل قالوا أنه لا كفارة عليه و قد صرح صاحب الجواهر [2] أنه لا خلاف في المسألة سواء أمنى أو لم يمن، و أما إذا كان بشهوة فالمشهور أن كفارته شاة مع الإمناء و بدونه، إلّا أن السيد الماتن يرى أنه في حال الإمناء عليه كفارة إحتياطا.

و ليّعلم أن هناك رأي معارض للمشهور كما سيأتي.

أما الروايات في الحالتين بشهوة و بدونها:

  "مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ وَ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ مُحْرِمٍ نَظَرَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى وَ هُوَ مُحْرِمٌ قَالَ لَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ وَ لَكِنْ لِيَغْتَسِلْ وَ يَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ وَ إِنْ حَمَلَهَا مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ وَ إِنْ حَمَلَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى فَعَلَيْهِ دَمٌ وَ قَالَ فِي الْمُحْرِمِ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَتِهِ أَوْ يُنْزِلُهَا بِشَهْوَةٍ حَتَّى يُنْزِلَ قَالَ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ". [3]

  في أول الرواية يقول: "فأمنى أو أمذى فعليه دم" و في ذيلها: "عليه بدنة" و هو تعارضٌ لابد من حله.

  "وَ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ يَضَعُ يَدَهُ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ نَعَمْ يُصْلِحُ عَلَيْهَا خِمَارَهَا وَ يُصْلِحُ عَلَيْهَا ثَوْبَهَا وَ مَحْمِلَهَا قُلْتُ أَ فَيَمَسُّهَا وَ هِيَ مُحْرِمَةٌ قَالَ نَعَمْ الْحَدِيثَ". [4]

  في هذه الرواية و هي صحيحة- يشير إلى ما لو كان اللمس بشهوة فحسب.

  "وَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ مِسْمَعٍ أَبِي سَيَّارٍ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَا أَبَا سَيَّارٍ إِنَّ حَالَ الْمُحْرِمِ ضَيِّقَةٌ إِلَى أَنْ قَالَ وَ مَنْ مَسَّ امْرَأَتَهُ بِيَدِهِ وَ هُوَ مُحْرِمٌ عَلَى شَهْوَةٍ فَعَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ وَ مَنْ نَظَرَ إِلَى امْرَأَتِهِ نَظَرَ شَهْوَةٍ فَأَمْنَى فَعَلَيْهِ جَزُورٌ وَ مَنْ مَسَّ امْرَأَتَهُ أَوْ لَازَمَهَا عَنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ". [5]

  الرواية معتبرة و قد صرحت بأن الكفارة "دم شاة" خلافا للسابقة حيث قالت: "دم" فحسب، و ستأتي رواية من الحلبي في ذلك.

  "وَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَ دُرُسْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام الْمُحْرِمُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى امْرَأَتِهِ قَالَ لَا بَأْسَ قُلْتُ فَيُنْزِلُهَا مِنَ الْمَحْمِلِ وَ يَضُمُّهَا إِلَيْهِ قَالَ لَا بَأْسَ قُلْتُ فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُنْزِلَهَا مِنَ الْمَحْمِلِ فَلَمَّا ضَمَّهَا إِلَيْهِ أَدْرَكَتْهُ الشَّهْوَةُ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَبَ ذَلِكَ". [6]

  الظاهر من قوله"أدركته الشهوة" هو الإمناء.

  "وَ عَنْهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ رَجُلٍ حَمَلَ امْرَأَتَهُ وَ هُوَ مُحْرِمٌ فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى قَالَ إِنْ كَانَ حَمَلَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَيْ‌ءٍ مِنَ الشَّهْوَةِ فَأَمْنَى أَوْ لَمْ يُمْنِ أَمْذَى أَوْ لَمْ يُمْذِ فَعَلَيْهِ دَمٌ يُهَرِيقُهُ فَإِنْ حَمَلَهَا أَوْ مَسَّهَا لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَأَمْنَى أَوْ أَمْذَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ". [7]

  إن محمد في أول الرواية هو محمد بن مسلم، و قد قيل عن قوله عليه السلام "دم يهريقه"، لا إطلاق له بل أنه ظاهر في الشاة، و في رواية محمد بن مسلم في نقل الصدوق بدل كلمة "الدم" جاء: "دم شاة"، و في رواية مسمع أيضا "دم شاة" و كذلك في الرواية (ح1: ب 18).

طريقة الجمع بين الروايات:

  إن المشكلة الأساسية بين الروايات هي أن صحيحة معاوية بن عمار كانت تقول أن كفارته بدنة، و في عدد من الروايات أن كفارته دم شاة، و في عدد آخر وردت العبارة بشكل مطلق: "يهريق دما".

  إذا أردنا أن نتعامل مع هذه الروايات بالإطلاق و التقييد فتحمل: "يهريق دما" على البدنة و لكن تبقى المشكلة على حالها في قوله: "دم شاة" و قوله: "بدنة" لأن النسبة بينهما هو التباين؟!

البعض ذهب في الجمع بينهما إلى حمل البدنة على الإستحباب و الشاة على الوجوب في كل حال، هذا طريق للجمع؛ و هناك طريق آخر و هو أن النسبة بينهما هو التعارض و لا يمكن الجمع و لذلك يلزم الأخذ بالمرجحات الواردة في الأخبار العلاجية و أول المرجحات هو: "خذ بما إشتهر بين أصحابك و دع الشاذ النادر" و المشهور بين الأصحاب في المقام هو الكفارة بالشاة.

  و لو سلمنا أن التعارض مستقر و لا يمكن الأخذ بالمرجحات فلابد من التخيير، فنحن نأخذ بما كان أقل ثمنا و هي الشاة.

ينبغي التنبيه علي أن حمل المتعارضين على التخيير حمل تبرعي و لا شاهد عليه، و كذلك الحمل علي الغني و الفقير و العامد و الساهي.

  و بذا يتضح السبب في طريقة بيان السيد الماتن حيث أنه قال أولا بالإحتياط بحسب ما تقتضيه رواية معاوية بن عمار و هو أن تكون الكفارة بدنة ثم قال أخيرا: "الأقوى دم شاة" و هو ما دلت عليه بعض الروايات و ذهب إليه المشهور.

نكتة: و هي التي تعرض لها الشهيد الثاني في المسالك حيث قال لو إعتاد الشخص على الإنزال مع علمه بأنه لو مسّ المرأة عن شهوة، فما حكمه في هذه الحال؟ فقد قالوا قد يقال أن الروايات التي صرحت بعدم الكفارة منصرفة عن هذا المورد بل يمكن عد ذلك من موارد الإستمناء و سيأتي البحث عنها.

  و البحث الآتي سيكون في المسألة الرابعة إن شاء الله.

[1] الشرائع/ ج 1. ص 270.

[2] الجواهر/ ج 20. ص 388.

[3] الوسائل/ ج 13 (ط الحديثة). أبواب كفارات الإستمتاع. باب 17. ح 1.

[4] المصدر/ ح 2.

[5] المصدر/ ح 3.

[6] المصدر/ ح 5.

[7] المصدر/ ح 6.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo