< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

32/12/08

بسم الله الرحمن الرحیم

  عنوان البحث: الطيب
  وصل بنا البحث إلى الأمر الثاني من الأمور التي تعرضنا لها في ذيل المسألة الخامسة عشرة حيث كان الحديث فيه عن الطيب و قد كانت الروايات وفيرة فلنعرض ما تبقى منها كما ورد في باب أداب الحمام حيث أشرنا إلى جانب منها و لنعرض جانبا أخر:
  "... عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللّه عليه و أله و سلّم يُنْفِقُ فِي الطِّيبِ أَكْثَرَ مِمَّا يُنْفِقُ فِي الطَّعَامِ" [1]
  "... عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَرُدُّ الطِّيبَ قَالَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْكَرَامَةَ" [2]
  "... عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام عَنِ الْمِسْكِ هَلْ يَجُوزُ إِشْمَامُهُ فَقَالَ إِنَّا لَنُشِمُّهُ" [3]
  قد يكون الإشمام بمعنى الشم و قد يراد منه إشمام الأخرين به.
  إن الروايات في المسك كثيرة و لعل السبب في ذلك أن بعضهم كان يشك في طهارتها لأن أصل المسك كيس ملتصق بصرة الغزالة ثم ينفصل منها. فالبعض كان يرى أن المسك دم إنفصل من جسم الغزالة فكان يجتنبه، و في الروايات أن النبي صلى الله عليه و أله و سلّم كان يضع المسك في شعره، فكان يستعمل المسك صلى الله عليه و أله و سلّم! إذن يسوغ إستعماله إما لأنه ليس بدم أو أنه دم إستحال إلى طيب او أنه من مستثنيات الدم فنحكم بطهارته كما نحكم بطهارة الدم المتبقى في جسد الذبيحة و إن كان أكله حراما!
  هناك طيب أخر يطلق عليه الغالية و هو خليط من أقسام مختلفة من الطيب و قد ورد في الشعر الفارسي كثيرا و الروايات قد أشارت إلى إستعماله في الباب 96 من أبواب أداب الحمام. فإستعماله سائغ من دون إشكال.
  و ورد في أبواب أخرى أن إستعمال الكافور و الذريرة للميت قد أستثنيا من الطيب و أما غيرهما فإستعماله مكروه فيرجح تركه.
  و في باب الأغسال المستحبة منها غسل الجمعة قد أشير إلى إستعمال الطيب و منها:
  "... عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام لِيَتَزَيَّنْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَغْتَسِلُ وَ يَتَطَيَّبُ الْحَدِيثَ" [4]
  و في أبواب لباس المصلي قد وردت أخبار في إستحباب الطيب عند الصلاة:
  "وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ رَفَعَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام فِي حَدِيثٍ قَالَ صَلَاةُ مُتَطَيِّبٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةً بِغَيْرِ طِيبٍ" [5]
  "... عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السّلام قَالَ كَانَ يُعْرَفُ مَوْضِعُ سُجُودِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام بِطِيبِ رِيحِهِ" [6]
  هناك روايات في إستعمال الطيب يوم الجمعة:
  "... عَنْ أَبِي الْحَسَنِ عليه السّلام قَالَ لَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَدَعَ الطِّيبَ فِي كُلِّ يَوْمٍ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَيَوْمٌ وَ يَوْمٌ لَا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ وَ لَا يَدَعْ" [7]
  "... عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام قَالَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ جَمَاعَةَ النَّاسِ فِي الْعِيدَيْنِ فَلْيَغْتَسِلْ وَ لْيَتَطَيَّبْ بِمَا وَجَدَ وَ لْيُصَلِّ فِي بَيْتِهِ وَحْدَهُ كَمَا يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ" [8]
  و هناك روايات في طلب الحاجة من الله سبحانه في أبواب بقية الصلاة المندوبة فهي تقول: "... عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ مُقَاتِلٍ قَالَ قُلْتُ لِلرِّضَا عليه السّلام جُعِلْتُ فِدَاكَ عَلِّمْنِي دُعَاءً لِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ فَقَالَ إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ إِلَى اللَّهِ مُهِمَّةٌ فَاغْتَسِلْ وَ الْبَسْ أَنْظَفَ ثِيَابِكَ وَ شَمَّ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ ..." [9]
  و في صلاة النيروز وردت روايات تقول قد رواها مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ و في وثاقته بحث. منها: "عَنْ مَوْلَانَا الصَّادِقِ عليه السّلام فِي يَوْمِ النَّيْرُوزِ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ النَّيْرُوزِ فَاغْتَسِلْ وَ الْبَسْ أَنْظَفَ ثِيَابِكَ وَ تَطَيَّبْ بِأَطْيَبِ طِيبِكَ..." [10]
  كما أن هناك روايات في ما يمسك عنه الصائم "... عَنِ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ قَالَ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السّلام إِذَا صَامَ يَتَطَيَّبُ بِالطِّيبِ وَ يَقُولُ الطِّيبُ تُحْفَةُ الصَّائِمِ" [11]
  و هناك روايات كثيرة أخرى من جملتها الرواية التي تقول أن من خصائص الجنة التي هي من نعم الله رائحتها الطيبة التي يستشم ريحها على مسافة خمسمائة سنة و لا يشمها عاق الوالدين.
  و هناك أية من سورة الأعراف تقول في التطيب للمسجد: "يا بَني‌ آدَمَ خُذُوا زينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ" [12]
  فإن من جملة زينتها هو الطيب. و قد تحدثت الروايات عن الزينة المادية و المعنوية و عن من الزينة المعنوية هو أن هيبة إمام الجماعة و من زينته المادية هو الملبس الجميل و الطيب.
  و محصل البحث :
  أولا: أن الإسلام دين يهتم بجميع جوانب الحياة و لا يهتم بجانب دون جانب.
  ثانيا: أن الدين الإسلامي دين النظافة و مكافحة الأوساخ و التلوث
  ثالثا: إن الذي يقول أن للزهد في ترك هذه الأمور فهو على خطأ و لا يعتدي إلى ما هو الحق و الصواب.


[1] الوسائل/ ج 2 (ط الحديثة). تتمة كتاب الطهارة. أبواب أداب الحمام. باب 92. ح 1
[2] المصدر/ باب 94. ح 1
[3] المصدر/ باب 95. ح 5
[4] المصدر/ أبواب الأغسال المسنونة. باب 6. ح 4
[5] المصدر/ ج 3 (ط الحديثة). كتاب الصلاة. أبواب لباس المصلي. باب 43. ح 2
[6] المصدر/ ح 3
[7] المصدر/ ج 7 (ط الحديثة). تتمة كتاب الصلاة. أبواب صلاة الجمعة و أدابها. باب 37. ح 1
[8] المصدر/ أبواب صلاة العيدين. باب 3. ح 1 أو 5!
[9] المصدر/ أبواب بقية الصلوات المندوبة. باب 28. ح 7
[10] المصدر/ ج 8 (ط الحديثة). تتمة كتاب الصلاة. أبواب صلاة يوم النيروز. باب 48. ح 1
[11] المصدر/ ج 10 (ط الحديثة). كتاب الصيام. أبواب ما يمسك عنه الصائم. باب 32. ح 3
[12] اعراف (7): 31

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo