< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/05/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم إزالة الشعر للمحرم
 كان البحث في السادس عشر من تروك الاحرام وهو إزالة الشعر عن البدن وقلنا أن الحكم عام بالنسبة إلى مقدار الشعر وموضعه وأسبابه وأن المسألة اجماعية اجمالاً بين المسلمين والأصل فيها هو الآيتين من سورة البقرة وسورة الفتح.
 فالآية من سورة البقرة تقول:
 (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَريضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ).
 فإنها مقيدة من جهات:
 أولاً: أنها ترتبط بالحلق دون الأنواع الأخرى من الإزالة إلا أن نقول بإلغاء الخصوصية.
 ثانياً: تخص حلق الرأس دون الأعضاء الأخرى من البدن.
 ثالثاً: أنها تتحدث عن المحصور وبطريق أولى تعم غير المحصور.
 ومهما يكن من شيء أنه من مجموع دلالات الآية يفهم المنع من حلق الرأس ـ جميع الرأس بحسب ما يبدو من الآية خلافاً لما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي، وعليه يلزم أن نرى إلى أي مدى نستطيع أن نلغي الخصوصية لتعميم الحكم!
 والآية الأخرى التي تشعر بحرمة حلق الرأس حال الإحرام هي الآية 27 من سورة الفتح:
 (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنينَ مُحَلِّقينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرينَ لا تَخافُون) وظاهر الآية هو أن الحلق بعد انتهاء الحج وأما ما قبله فلا يجوز شيء من ذلك!
 وما يسعنفا في معالجة تمام المورد في المسألة هو الروايات التي توزعت على عشرة أبواب! ونحن نحاول أن نقسم الروايات على طائفتين، طائفة عامة تشير إلى حرمة إزالة الشعر من أي عضو من البدن كان، وطائفة خاصة تشير إلى إزالة الشعر من مواضع خاصة من البدن مثل الرأس واللحية والإبط وما شابه ذلك.
 أما الطائفة الأولى وهي الروايات العامة:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ، قَالَ لَا إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ بُدّاً فَلْيَحْتَجِمْ وَ لَا يَحْلِقُ مَكَانَ الْمَحَاجِمِ.
 إن اخراج الدم من البدن حرام على المحرم أصلاً إلا أن يضطر إليه وإذا ما اضطر إليه فليس له أن يحلق مكان المحاجم، وقد كانت مواضع الاحتجام هي الظهر أو الرأس أو الصدر فلا يجوز الحلق في واحدة منها ويمكن يعمم الحكم إلى غير الحلق من خلال الغاء الخصوصية.
 حدیث 3: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُثَنًّى عَنِ الْحَسَنِ الصَّيْقَلِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِي الْمُحْرِمِ يَحْتَجِمُ قَالَ لَا إِلَّا أَنْ يَخَافَ التَّلَفَ وَ لَا يَسْتَطِيعَ الصَّلَاةَ وَ قَالَ إِذَا آذَاهُ الدَّمُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَ يَحْتَجِمُ وَ لَا يَحْلِقُ الشَّعْرَ.
 إن الحكم فيها عام يشمل جميع مواضع البدن.
 حدیث 5: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ حَرِيزٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَجِمَ الْمُحْرِمُ مَا لَمْ يَحْلِقْ أَوْ يَقْطَعِ الشَّعْرَ.
 الرواية صحيحة سنداً والحجامة فيها تختص بحالات الضرورة وذلك على ضوء الروايات الأخرى، هذا أولاً وثانياً تشير إلى القطع أيضاً وهو عام كما في الحلق.
 حدیث 11: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ فِي قُرْبِ الْإِسْنَادِ عَنْ‌ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَحْتَجِمَ قَالَ نَعَمْ وَ لَكِنْ لَا يَحْلِقُ مَكَانَ الْمَحَاجِمِ وَ لَا يَجُزُّهُ.
 في هذه الرواية أيضاً تختص الرواية بحالات الضرورة وهي تشير إلى القطع زائدا عل الحلق وأما سنداً فهي من قرب الاسناد حيث أن في سنده مجال للبحث!
 في هذه الروايات الأربعة وان كان مركزها الحجامة للمحرم إلا أن موضع الحجامة عام.
 حدیث 2: عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ أَبِي الْحَسَنِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ‌ الْمُحْرِمِ يُصَارِعُ هَلْ يَصْلُحُ لَهُ قَالَ لَا يَصْلُحُ لَهُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَهُ جِرَاحٌ أَوْ يَقَعَ بَعْضُ شَعْرِهِ [1] .
 الرواية عامة تماماً.
 وأما ما ورد من روايات في مستدرك الوسائل.
 حدیث 4: الصَّدُوقُ فِي الْمُقْنِعِ، وَ لَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَجِمَ الْمُحْرِمُ إِذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَ لَا يَحْلِقْ قَفَاهُ [2] .
 عندما لا يجوز أخذ الشعر من القفا حيث لا يصح للترفه أصلاً فعدم الجواز في مواضع أخرى من باب أولى!
 حدیث 3: بَعْضُ نُسَخِ الرَّضَوِيِّ، وَ لَا يَأْخُذُ الْمُحْرِمُ شَيْئاً مِنْ شَعْرِهِ [3] .
 هذا الحديث عام من جميع الجهات فإنَّ اخذ الشعر فيها ممنوع مهما كان وبأي وسيلة كانت ومن أي موضع من البدن.
 هذه هي الروايات العامة التي لو لم تكن جميعها صحيحة فإنها متضافرة فيمكن الاعتماد عليها لاستخراج حكم المسألة.
 الروايات الخاصة وهي مختلفة فبعضها في حلق الرأس وبعضها في الرأس والوجه وبعضها في الإبط:
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) عَنِ الْمُحْرِمِ كَيْفَ يَحُكُّ رَأْسَهُ قَالَ بِأَظَافِيرِهِ مَا لَمْ يُدْمِ أَوْ يَقْطَعِ الشَّعْرَ [4] .
 هذه الرواية تختص بشعر الرأس.
 حدیث 2: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ لَا بَأْسَ بِحَكِّ الرَّأْسِ وَ اللِّحْيَةِ مَا لَمْ يُلْقِ الشَّعْرَ وَ بِحَكِّ الْجَسَدِ مَا لَمْ يُدْمِهِ.
 هذه الرواية تشير إلى شعر الرأس واللحية فحسب.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُوسَى بْنِ الْقَاسِمِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عليه السلام) يَقُولُ مَنْ نَتَفَ إِبْطَهُ أَوْ قَلَّمَ ظُفُرَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ ... وَ مَنْ فَعَلَهُ مُتَعَمِّداً فَعَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ [5] .
 هذه الرواية في نتف الإبط وحلق الرأس وهي صحيحة سنداً، ومن خلال تعيين الكفارة نعرف أن هذا الفعل حرام على المحرم.
 حدیث 1: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ مَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ أَوْ نَتَفَ إِبْطَهُ نَاسِياً أَوْ سَاهِياً أَوْ جَاهِلًا فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ وَ مَنْ فَعَلَهُ مُتَعَمِّداً فَعَلَيْهِ دَمٌ [6] .
 قد ورد في سند الرواية سهل بن زياد وفيه بحث.
 تلخص من جميع ما ذكرنا أن هناك روايات وفيرة عامة وخاصة ولا تقتصر على ما ذكرنا، كلها تدل على حرمة الإزالة حال الإحرام.


[1] ح 2، باب 94، من أبواب تروك الإحرام.
[2] ح 4، باب 50، من أبواب تروك الإحرام.
[3] ح 3، باب 57، من أبواب تروك الإحرام.
[4] ح 1، باب 57، من أبواب تروك الإحرام.
[5] ح 21، باب 8، من أبواب بقية الكفارات.
[6] ح 1، باب 10، من أبواب بقية الكفارات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo