< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/12/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 المحاضرة الاخلاقية
 ما زلنا نتحدث عن الروايات الاخلاقية التي وردت عن الإمام علي الهادي (عليه السلام) ففي رواية له (عليه السلام) يقول: الْمَقَادِيرُ تُرِيكَ مَا لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِكَ [1] .
 وفانها تشير إلى أن أحداث الحياة تارة تكون مرة ومحطمة وأخرى تتكفل الظفر والنجاح بما لا يخطر ببال الإنسان!
 في حقيقة الأمر أن الإمام في كلمته هذه يرسم حدود الخوف والرجاء فيقول للإنسان عليك أن تخشى الله فيما يقدر لك من عقوبات وأن ترجوا رحمته فيما يقدر لك من مثوبات!
 ففي التاريخ نجد رجالاً غرتهم الحياة الدنيا مثل قارون فعندما كان الناس يقولون له إن الله أنعم عليك! فكان يجيب: قالَ إِنَّما أُوتيتُهُ عَلى‌ عِلْمٍ عِنْدي! [2] ،‌ وقد كان ثراءه بدرجة حيث أن بني إسرائيل كانوا يتمنون ما كان لقارون فيقولون: يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُون [3] ‌.
 إلاّ ان المولى سبحانه قدر له أن يخسف به وبداره الأرض فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ [4] ‌، وكذلك الأمر كان بالنسبة لقوم سبأ حيث طغوا فأخذهم سيل العرم فلم يبق ولم يذر! وهكذا كان مصير فرعون مصر والطاغية القذافي فالباري سبحانه يذكر مصير هؤلاء ليعتبر الناس.
 وكذلك قدر الله سبحانه لأوليائه ما لم تره عين وما لم تسمع به أذن! كما نرى في حياة موسى حيث شملته العناية الربانية وكذلك ما رأيناه من عنايات ربانية حين ظهور الرسالة الخاتمة وانتصار المسلمين الباهر في جميع المجالات!
 ***
 عنوان البحث: حكم الطهارة في الطواف
 كان البحث في الفرع الثاني من المسألة وقلنا أن المعفو في الصلاة من الدم إذا كان بقدر الدرهم أو كان على ما لا تتم الصلاة به، يلزم الاجتناب عنه في الطواف! واما دم القروح والجروح حيث أنه معفو في الصلاة لصعوبة التطهر منه للمصلي فهل انه معفواً عنه في الطواف أيضاً؟ أجل أنه معفو عنه في الطواف أيضاً فلا يجب التطهر منه!
 قد بحث شيخ الجواهر [5] موضوعة القروح والجروح في الصلاة بصورة تفصيلية، كما أن صاحب الوسائل أورد ثمانية روايات [في الباب 22 من أبواب النجاسات، المجلد الثاني] فهي متضافرة!
 وهناك دليلان على ذلك:
 الأول: وهو يعتمد القاعدة لأن الدم هنا سبب للعسر والحرج، فيلزم أن يكون معفواً عنه، إن هذه القاعدة تجري في الطواف كما تجري في باب الصلاة! ومن الملفت أن الإمام قد نبه في إحدى الروايات من الباب 22 على قاعدة العسر والحرج فيعول انه لا يستطيع أن يطهر بدنه ولباسه كل مرة لأنه يؤدي إلى العسر والحرج وكذلك الأمر في الطواف.
 الثاني: ما يستفاد من بعض الروايات هو أن الحكم في الجروح والقروح يتجاوز حدود العسر والحرج أي أن الشارع لا يوجب التطهير حتى وان لم يكن هناك عسر وحرج فهنا أخذ الشارع بحكمة التسهيل! ففي رواية ابي بصير: وَ لَسْتُ أَغْسِلُ ثَوْبِي حَتَّى تَبْرَأَ [6] ، ولعل الإبراء يمتد إلى أشهر، خلال هذه الفترة يستطيع الإنسان أن يطهر ثوبه لأكثر من مرة من دون أن يقع في حرج إلاّ أن الشارع لم يلزم بالتطهير حتى إلى هذا الحد!
 طبعاً لا نستطيع أن نتوسع في باب الطواف كما توسعنا في باب الصلاة!
 إن قلت: لو طهرنا الثوب بعد ثلاثة أيام مثلاً يعود الثوب ويتنجس ثانية فلا جدوى من التطهير!
 قلنا: أن جماعة من الفقهاء أوجبوا تقليل النجاسة فلو تنجس عضو أو ثوب منك وتمكنت أن تحصر النجاسة وتقللها فعليك فعل ذلك ما لم يستلزم عسراً وحرجاً!
 ويمكن القول بأن تقليل النجاسة من باب الميسور أمر الزامي!
 في الباب 22 رواية غريبة: عَنْ عَلِيِّ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُصَدِّقِ بْنِ صَدَقَةَ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ سَأَلْتُهُ عَنِ الدُّمَّلِ يَكُونُ بِالرَّجُلِ فَيَنْفَجِرُ وَ هُوَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ يَمْسَحُهُ وَ يَمْسَحُ يَدَهُ بِالْحَائِطِ أَوْ بِالْأَرْضِ وَ لَا يَقْطَعِ الصَّلَاةَ [7] .
 الأمر الغريب في هذه الرواية:
 أولاً: ان المصلي ليس في ضيق من الوقت فلِمَ لا يقطع صلاته؟
 ثانياً: لم يمسح الدمل بيده ويوسع النجاسة؟
 ثالثاً: لماذا يمسح النجاسة بالجدار والأرض حتى ينجسهما؟
 ونحن نحتمل أن ذلك في موضع لا يكون مع المادة الفاسدة التي تخرج دم لكي يتجنس به شيء.


[1] بحار الانوار، ج 75، ص 369.
[2] سورة القصص، الآية: 78.
[3] سورة القصص، الآية: 79.
[4] سورة القصص، الآية: 81.
[5] ج 6، ص 100.
[6] الوسائل، ج 2، باب 22 من ابواب نجاسات، حدیث 1.
[7] الوسائل، ج 2، باب 22 من ابواب نجاسات، حدیث آخر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo