< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/02/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الطواف الشاذروان
 بعض الفضلاء كتب مقالاً مفصلاً في أن مقام إبراهيم كان متصلاً بالكعبة على عهد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وقد أورد عشرة مستندات لدعواه! يلزم هنا أن نلقي الضوء على ذلك. أنه ثلاثة من المستندات هي أقوال المؤرخين مثل ما قاله ابن الأثير في البداية والنهاية، أن والحقيقة ما يقوله المؤرخون يعد من المراسيل كما انه ولم تثبت وثاقة المؤرخين أنفسهم!
 وأربعة من المستندات تقول أن المقام كان متصلاً بالبيت ولكن واضح أن ذلك لا يدل على إنه في عهد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أيضاً كان متصلاً بالبيت لعله في العصر الجاهلي قد فصلوه من البيت!
 والمستندات الثلاثة الآخر روايات قد عالجناها في بحث سابق.
 مهما كان، لو كان المقام متصلاً بالبيت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) والخليفة الثاني قد فصله من الكعبة فلماذا وجب أن يكون الطواف بين البيت والمقام ولم اكتسب فعل الخليفة الثاني هذه الأهمية؟
 * * *
 كان البحث في الواجب السادس من واجبات الطواف، وقد ائتينا بعبارة السيد الماتن وكان فيها ثلاثة فروع:
 الأول: الخروج عن حائط البيت وأساسه فلو مشى عليهما لم يجز ويجب جبرانه.
 الثاني: كما لو مشى على جدار الحجر وجب الجبران وإعادة ذلك الجزء.
 الثالث: ولا بأس بوضع اليد على الجدار عند الشاذروان والأولى تركه.
 أما الفرع الأول فلم ترد فيه رواية خاصة وفتوى الفقهاء في عدم الجواز تقوم على القواعد، وقد نسبت رواية مرسلة إلى العلامة في التذكرة وهي في الواقع ليست رواية بل كلام للعلامة نفسه.
 الأقوال:
 قال في الحدائق: فلو مشى على شاذروانه وهو الخارج عن أساسه بطل طوافه من غير خلاف يعرف لعدم صدق الطواف (كما في الآية: وليطوفوا بالبيت العتيق) [1] .
 فلو مس الجدار بيده وهو خارج عنه حال مشيه فقيل بالبطلان وهو خيرة العلامة في التذكرة والشهيد في الدروس وقيل بالجواز وهو ظاهر اختياره في القواعد وجعله في التذكرة وجها للشافعية [2] .
 وفي المستند: وكذا مقتضاها (أي الآية أو الرواية) عدم جواز المشي على أساس البيت المسمى بشاذروان لكونه من البيت على ما ذكره الأصحاب فيكون الماشي عليه طائف بالبيت [3] .
 وفي الجواهر: ولو مشى الطائف في طوافه على أساس البيت الذي هم القدر الباقي من أساس الحائط بعد عمارته المسمى بالشاذروان أو على حائط الحجر لم يجزئ بلا خلاف ولا إشكال إذ هو من الكعبة فيما قطع به الأصحاب كما في المدارك بل هو المحكي عن غيرهم من الشافعية والحنابلة وبعض متأخري المالكية [4] .
 أدعى صاحب الجواهر الإجماع ومع أن ديدنه الإتيان بالروايات لم يذكر رواية هنا!
 وملخص القول: أن هنا صغرى وكبرى اجماعيتين ولم ترد رواية فيهما وأما الصغرى فهي أن الشاذروان جزء من البيت وعند تصليح البيت بقي هذا القسم غير مبين لعدم كفاية الأموال الطيبة لإكمال بناءه. فالشاذروان من البيت! وأما الكبرى هو أن الطواف يجب أن يكون حول البيت لا في البيت وعليه أن الطواف على البيت يؤدي إلى البطلان.
 وسيأتي أن في الصغرى والكبرى معاً كلام.
 الأدلة:
 يقول صاحب الوسائل: روى جماعة من فقهائنا منهم العلامة في التذكرة حديثا مرسلاً مضمونة أن الشاذروان كان من الكعبة [5] .
 لو قلنا إن هذه العبارة رواية فهي مرسلة قد رويت بالمضمون وفي حاشية الوسائل: عند المراجعة إلى كتاب التذكرة شاهدنا بأنه لا رواية في البيت ولعل ذلك كان للعامة ذاته!
 وأما صغرى القياس المزعوم، ففي دعوى إن الشاذروان جزء من الكعبة لو كان إجماع بأن الجميع نبه عليه وصرح به فهو حجة خصوصاً انه لم يقم دليل غير الإجماع على ذلك!
 وأما لو أدعي اللاخلاف أي إن الجميع لم ينبهوا على ذلك بل أن الذين تعرضوا للمسألة قالوا إن الشاذروان من البيت، خصوصاً إن الدليل الذي ذكر لم يكن دليلاً جيداً وهو إن عرب الجاهلية لم يوفقوا لإكمال البيت لعدم توفر المال الطيب! لأن عرب الجاهلية لم يهتموا بالمال الطيب ولاسيما إن بناء متر ونصف لم يكن فيه كلفة زائدة حتى يقال إنهم لم يتمكنوا من إتمام البناء.
 وأما الكبرى: لو إن بناء الكعبة كان أصغر من سابقه فهل أن المعيار هو حجمه السابق أم اللاحق؟ كما هو الحال في المسجد الحرام بعد توسيعه فإن المعيار هو وضعه الحالي، كذلك في الكعبة فإن الطواف على البيت العتيق هو الطواف على البيت في صورته الحاضرة ولذلك إن استحباب وضع اليد على الكعبة هو الوضع على الحائط في صورته الراهنة لا الشاذروان!
 أضف إلى ذلك إن الكعبة بحيطانها لا بأرضها فلو هدمت الكعبة يوماً مثلاً لا يصح الطواف حول أرضها، ومن هنا نقول: إن المعيار هو الحائط وهو الحائط الحالي والشاذروان ليس من الجدار وإنما هو من الأرض.
 وعلى ما تقدم إن في الصغرى والكبرى إشكال ومع ذلك نحن نقول بالاحتياط الوجوبي.
 وأما وجه التسمية بالشاذروان فيقول صاحب كشف اللثام: لو مشى على شاذروان الكعبة بفتح الذال المعجمة لم يصح وهو بعض من أساسها أبقته قريش خارجا منها شبه الدكات لما كانت الأموال الطيبة قاصرة عن بنائها فضيقوها [6] .
 ويقول في كتاب لغت نامه إن الشاذروان هو الشادروان وهو كلام غريب.


[1] سورة الحج، الآية: 29.
[2] الحدائق، ج 16، ص 111.
[3] المستند، ج 12، ص 76.
[4] الجواهر، ج 19، ص 299.
[5] الوسائل، ج 9، باب 30 من أبواب طواف، حدیث 9.
[6] الکشف اللثام، ج 5، ص 416.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo