< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/02/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم الشاذروان وعدد الأشواط في الطواف
 قد أشرنا في البحث السابق أنه لو مشى الطائف على الشاذروان لا يصح طوافه وعليه الإعادة بمقدار ما مشى لا أكثر!
 وقد ورد سؤال إن هناك روايات متعددة لو دخل الطائف أثناء الطواف في البيت فعليه أن يعيد الطواف، وكل من يرتقي الشاذروان فهو في الواقع قد ورد الكعبة فعليه أن يعيد الطواف، ومن الروايات الدالة على الدخول في الكعبة الرواية التالية:
 مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ‌ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) فِيمَنْ كَانَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَيَعْرِضُ لَهُ دُخُولُ الْكَعْبَةِ فَدَخَلَهَا قَالَ يَسْتَقْبِلُ طَوَافَهُ [1] .
 ويجاب: إن هذا قياس مع الفارق لأن الذي يدخل الكعبة فهو في الحقيقة بفعله هذا قد قطع الطواف وأما الذي يرتقي الشاذروان وإن يعد داخلاً الكعبة إلاّ إنه لم يقطع الطواف بل هو مستمر بطوافه.
 زد عليه إن الذي يدخل الكعبة لا يخرج منها فوراً بل ينشغل بالدعاء والصلاة وذلك ينافي شرط الموالاة في الطواف وهذا على خلاف من يرتقي الشاذروان حيث إنه يمكث لحظة ثم ينزل فإنه بسبب الزحام لا يستطيع أن يمكث طويلاً! ولعل في ورود الكعبة خصوصية تمنع من أن نقيس غير هابها مع إن هذه الروايات قد يقال عنها إنها غير معمول بها!
 * * *
 السابع من أجزاء الطواف، يقول السيد الماتن: السابع أن يكون طوافه سبعة أشواط.
 الأقوال في المسألة:
 إن المسألة من المسلمات وأتفق عليها الفريقان إلاّ ما ينقل عن أبي حنيفة وهو ليس بشيء.
 يقول صاحب الرياض: أن يطوف سبعاً بالإجماع كما في كلام جماعة والصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة القريبة من التواتر بل لعلها متواترة [2] .
 ونحن نعتقد إن هذه الروايات متواترة دونما شك.
 وشيخ الحدائق يقول: سادسها أن يكمله سبعاً وهو إجماعي نصا وفتوى [3] .
 وفي المستند: ومنها أن يكون سبعة أشواط بالإجماع والنصوص المستفيضة بل المتواترة الأتي طرف منها في طي المسائل الآتية [4] .
 وفي الخلاف: كيفية الطواف أن يبتدئ في السبع طوافات من الحجر ثم يأتي إلى الموضع الذي بدأ منه ولو ترك ولو خطوة منها لم يجزه ولم تحل له النساء حتى يعود إليها فيأتي بها وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة عليه أن يطوف سبعاً لكنه إذا أتى بمعظمه وهو أربع من سبع أجزأه فان عاد إلى بلده جبره بدم [5] .
 وأما أبو حنيفة فهو يرى إن الطواف سبعة أشواط ولكنه يقول: لو إن الطائف أتى بأربعة أشواط ثم عاد إلى وطنه يكفيه ولكن يلزم عليه أن يذبح هدياً بدلاً عن ثلاثة أشواط.
 وصاحب الجواهر الذي جرت عادته أن على يبحث المسائل بالتفصيل اكتفى بسطر وبعض السطر في هذه المسألة فقال: و منها إن یکمله سبعا بلا خلاف أجده فیه بل الإجماع علیه بقسمیه (إجماع محصل و منقول) مضافا إلی النصوص المستفیضة بل المتواترة [6] .
 الأدلة:
 إن الأحاديث في هذا الموضع توزعت على أكثر من عشرين باب وهي في طوائف: الطائفة الأولى فهي صريحة في الوجوب [7] .
 الطائفة الثانية: تعتبر السبعة أشواط مسلمة فتحدث عن الحكمة في ذلك [8] .
 وقد ذكرت حكمتين الأولى هي أنه في الجاهلية لم تكن الأشواط لكن عبدالمطلب سن سبعة أشواط وأكد أن لا تتجاوز ذلك وهي من جملة السنن التي سنها عبدالمطلب، وفي عبدالمطلب نفسه بحث في إنه كان وصياً للأنبياء أو من الصالحين كلقمان.
 والحكمة الثانية أن الملائكة تركت ما كان الإتيان به أولى وقد أبعدها المولى الحق عن نوره مدة سبعة آلاف سنة فتركها في الظلمات ولعله كان ل ترك الأولى وهو ما كان في قضية خلقة آدم كما في الآية: وَإذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [9] .
 فتابت الملائكة ولكل الفية دارت مرة حول البيت المعمور حتى أصبحت سبعة أدوار وقد قرر المولى في الطواف حول الكعبة سبعة أشواط بعدد طواف الملائكة حول البيت المعمور.
 الطائفة الثالثة: وهي روايات الاستنابة ففي ببعضها ورد أنه شخص قال لصديقه إن وصلت الكعبة طف عني سبعة أشواط وهذا يكشف عن أن ما كان مرتكزاً في الأذهان بأنَّ الأشواط سبعة!


[1] الوسائل الشیعة، ج 9، باب 41 من أبواب طواف، حدیث 1، 3، 4 و 9.
[2] الوسائل الشیعة، ج 9، باب 41 من أبواب طواف، حدیث 1.
[3] الریاض، ج 7، ص 18.
[4] الحدائق، ج 16، ص 109.
[5] المستند، ج 12، ص 74.
[6] الخلاف، ج 2، ص 325، مسألة 135.
[7] صاحب جواهر، ج 19، ص 259.
[8] الوسائل، باب 2 من أبواب أقسام الحج، حدیث 2 و 30 و باب 3، حدیث 4.
[9] الوسائل، باب 19 من أبواب طواف.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo