< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/04/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: حكم قطع الطواف لعذر والشك في الطواف بعد الفراغ
 نعالج في هذا البحث المسألة الواحدة والعشرين من مسائل الطواف، يقول السيد الماتن: لو حدث عذر بين طوافه من مرض أو حدث بلا اختيار فان كان بعد تمام الشوط الرابع أتمه‌ بعد رفع العذر و صح، و إلا أعاده.
 المسألة ترتبط بما لو أصاب أحدا عذر أثناء الطواف ولم يستطع إتمامه، فإنّ كان عذره بعد النصف فإنّه يتمه بعد رفع العذر، وإذا كان قبل النصف فعليه الإعادة من جديد بعد رفع العذر.
 يعرض السيد الماتن في هذه المسألة الأعذار الغير اختيارية، ولكن يظهر من كلامه أنّه العذر الذي يلزم الشخص بحسبه قطع الطواف، وعليه يدخل في هذه المسألة الذهاب لقضاء حاجة المؤمن، والقطع لصلاة الجماعة، والقطع لأداء صلاة الوتر وأمثالها.
 تعرض السيد الماتن في المسألة السابقة لبيان القطع بدون عذرٍ، وقد ذهب فيه إلى الاحتياط، ولكن المسألة هنا هي في مورد القطع مع العذر، لذلك فإنّ هذه المسألة متممة للمسألة السابقة.
 لماذا ذهب السيد الماتن إلى الاحتياط في المسألة السابقة (المسألة 2)، وفي هذه المسألة يفتي بالتفصيل؟
 السبب في ذلك إنّ هذه المسألة منصوصة والمسألة السابقة في رأيه غير منصوصة.
 دلالة الروايات:
 وأما ما يخص المرض وكونه بعد النصف فيمكن الاستناد إلى رواية إسحاق بن عمار، الذي يقول فيها الإمام (عليه السلام) بالإتمام والبناء على ما سبق.
 وفي مورد المرض وكونه قبل النصف يمكن الاستناد إلى رواية الحلبي، وأما في مورد الحدث فيمكن الاستناد إلى مرسلة جميل، وهي تعم قبل النصف وبعده، وأنّه يجب الإعادة قبل النصف ويجب الإتمام بعده.
 نقول:
 إنّ هذه المسألة ليست منحصرة بالمرض والحدث، وتشمل كل عذرٍ مستحب.
 نحن كما أنّه لدينا روايات مطلقة لدينا روايات مفصلة كذلك، ونقيد الروايات المطلقة بالروايات المفصلة، على ذلك فإنها تشمل موارد الاستراحة، صلاة الوتر، صلاة الجماعة، قضاء حاجة المؤمن، ويضاف إليها الحدث والمرض فتبلغ ستة موارد.
 فيمكننا من خلال هذه الموارد الستة أن نستخلص قاعدة كلية وهي أنّه في الأمور المشابهة للموارد الستة نفصل بين قبل النصف وبعده، ففي بعد النصف يجب الإتمام، وقبل النصف يجب الإعادة.
 على أساس هذه القاعدة الكلية فإنّ التفصيل المذكور يجري حتى على الذي قطع طوافه بدون عذر.
 أما الشك في الطواف:
 من المسائل المهمة التي يقع فيها زوار بيت الله هي مسألة الشك في عدد أشواط الطواف، خصوصاً الدين ينشغل بالهم بغير الطواف، فإنهم عندما يعودون إلى أنفسهم، يتبين أنهم قد نسوا أعداد الطواف.
 الشك في هذه الحالة مقابل اليقين وتشمل حالة الظن أيضاً، فعليه فإنّه إذا احتمل أحد نسبة السبعين أو الثمانين بالمئة، فإنّه يطلق عليه الشك كذلك.
 دليل المطلب، روايات باب الاستصحاب، التي يستفاد منها أنّ كل شيء غير اليقين فهو شك لأن الإمام (عليه السلام) يقول: لا تنقض اليقين بالشك بل انقضه بيقينٍ آخر.
 نعم الظن المعتبر في حكم اليقين، مثل أن يشهد شاهدان أنّ الشخص الفلاني في الشوط الخامس في بعض الموارد ولدليل خاص لا يكون الظن في حكم الشك، مثل الشك في عدد الركعات.
 ولهذا الشك حالتان:
 1ـ بعد الفراغ من الطواف.
 2ـ أثناء الطواف.
 السيد الماتن يطرح في المسألة الثانية والعشرين الشك بعد الفراغ من الطواف أو في المسألة الثالثة والعشرين الشك أثناء الطواف.
 للشك بعد الفراغ فرعان:
 تارةً يكون الشك في أجزاء وعدد الطواف مثلاً أن يشك أحد أنّه أتى بستة أشواط أو سبعة أو يمكن أن يشك بإتيان ثمانية أشواط.
 وتارةً يكون الشك في الشرائط يعني لا يعلم هل كان أثناء الطواف على وضوء أو هل كان لباسه طاهراً أو هل طاف خارج حجر إسماعيل أو داخله وأمثال ذلك.
 يقول السيد الماتن في المسألة 22: لو شك بعد الطواف و الانصراف في زيادة الأشواط لا يعتني به و بنى على الصحة و لو شك في النقيصة فكذلك على إشكال. فلا يترك الاحتياط، و لو شك بعده في صحته من جهة الشك في أنه طاف مع فقد شرط أو وجود مانع بنى على الصحة حتى إذا حدث قبل الانصراف بعد حفظ السبعة بلا نقيصة و زيادة.
 على كل حال فإنّ السيد الماتن (قدس سره) يبدأ هذه المسألة يعالج مسألة الشك في الأجزاء ويقول: إذا شك في الزيادة بعد الطواف فلا يعتني بشكله ويبني على الصحة.
 وإذا شك بعد الطواف في النقيصة فكذلك لا يعتني بشكه، ولكنّ السيد الماتن لديه إشكال في المسألة أي أنّه لا يعطي فتوى صريحة (وسنبين الدليل إن شاء الله)، فقال بالاحتياط في المسألة هو الاحتياط والجوبي. (الاحتياط في الأشواط بعد النصف فإنّه يعود فيكمل ثم يعيد من جديد).
 بعد ذلك عالج الشك في الشرائط فيقول: إذا شك في صحة الطواف بعد الانصراف بأنّه هل راعى شرائط الطواف أو لا؟ ففي هذه الحالة يبني على الصحة.
 ثم يقول: الانصراف يعني إتمام الأشواط والخروج من المطاف ثم حصول الشك.
 في حال لو أنّه أتم الطواف ولكنه لم يخرج من المطاف بعد ولم تفت موالاته فالسيد الماتن يفتي بالبناء على الصحة كذلك.
 أقوال:
 هذا المطلب مسلم به عند العلماء، وهو أنّه بعد الفراغ من الطواف لا يجب الاعتناء بالشك وكذلك في الصلاة لا يجب الالتفات إلى الشك بعد الفراغ. لأنّه تجري قاعدة الفراغ كذلك (وهي قاعدة عامة تسري في الصلاة، الوضوء، الغسل، وسائر العبادات).
 والروايات دالة على ذلك.
 يقول صاحب الرياض: من شك فی العدد (أي عدد أشواط الطواف) بعد الانصراف فلا إعادة کسائر العبادات بلا خلاف [1] .
 يقول صاحب المستند: من شك في عدد أشواط الطواف فإن كان بعد الفراغ الحاصل باعتقاد التمام والدخول في غيره. فلا شيء عليه ولا إعادة كسائر العبادات بالإجماع ولا نتفاد العسر والحرج ولما مر في كتاب الطهارة. في هذا الشأن هناك بحث هل يشترط في إجراء قاعدة الفراغ الدخول في الغير أو يكفي انتهاء العمل؟ [2] .
 على كل حال فإنّ صاحب الرياض يدعي أنّه بلا خلاف وصاحب المستند يدعي الاجتماع وكل من صاحب الحدائق [3] ، وصاحب كشف اللثام [4] ، وصاحب الجواهر [5] ، فكل هؤلاء الأعلام يدعون أنّه لا خلاف في المسألة.
 على كل حال فإنّ هذه المسألة تتعلق بقاعدة الفراغ.
 ولقد بحثنا هذه القاعدة بشكلٍ مفصل في القواعد الفقهية وقلنا هل أنّ هذه القاعدة تختلف عن قاعدة التجاوز أو أن كلاهما قاعدة واحدة؟
 للقاعدة روايات متعددة تفيد أنّ كل عمل مضى ثمّ شككت فيه فلا تعتني بشكك. وهذا الروايات فيها العامة والمطلقة وكذلك فيها الخاصة. في ذلك الكتاب (القواعد الفقهية) عرضنا سبعة روايات من الروايات المطلقة وسبعة روايات من الروايات الخاصة بأجزاء الصلاة، والوضوء وغيره، ومن خلال هذه الروايات الخاصة يمكن الوصول إلى حكم عام بالاستقراء.
 روايات قاعدة الفراغ:
 من جملة الروايات المطلقة روايات محمد بن مسلم عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (علیه السلام): كُلُّ مَا شَكَكْتَ فِيهِ مِمَّا قَدْ مَضَى فَامْضِهِ كَمَا هُوَ [6] .
 يمكن أن تشمل هذه الروايات غير العبادات مثلاً: إذا أجرى أحد صيغة عقدٍ أو أجرى طوافاً ثمّ شك بعدها بصحة التلفظ أو لا، أو شك بكافية عدد الشهود، أو أن يعتقد أنّ المرأة أثناء الطواف لم تكن طاهرة وأمثال ذلك.
 رواية مطلقة أخرى:
 عَنْ زُرَارَةَ قَالَ قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (علیه السلام) رَجُلٌ شَكَّ فِي الْأَذَانِ وَقَدْ دَخَلَ فِي الْإِقَامَةِ قَالَ يَمْضِي قُلْتُ رَجُلٌ شَكَّ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَقَدْ كَبَّرَ قَالَ يَمْضِي... قُلْتُ شَكَّ فِي الرُّكُوعِ وَقَدْ سَجَدَ قَالَ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ ثُمَّ قَالَ يَا زُرَارَةُ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ شَيْ‌ءٍ ثُمَّ دَخَلْتَ فِي غَيْرِهِ فَشَكُّكَ لَيْسَ بِشَيْ‌ءٍ [7] .
 يشير الإمام (علیه السلام) في ذيل الرواية إلى قاعدة كلية وهي أنّ الخروج من الشيء والدخول في غيره يوجب عدم الاعتناء بالشك.


[1] الریاض، ج 7، ص 83.
[2] المستند، ج 12، ص 113.
[3] حدائق الناضرة، ج 16، ص 229.
[4] کشف اللثام، ج 5، ص 439.
[5] جواهر الکلام، ج 19، ص 378.
[6] وسائل الشیعة، ج 5، باب 23 من أبواب الخلل فی الصلاة، حدیث 3.
[7] وسائل الشیعة، ج 5، باب 23 من أبواب الخلل فی الصلاة، حدیث 1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo