< قائمة الدروس

الأستاذ السید المکي

بحث الفقه

34/07/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 الموضوع: الفقه \ النفقة والكسب
  الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على سيدنا وحبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا وطبيب نفوسنا ابي القاسم محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين .
 النفقة والكسب
  لم يرد في الأدلة ما هو أوسع من وجوب الانفاق على الزوجة وهو منصرف الى القادر الفعلي وقد يتوهم أنه المالك فعلا بما يساوق الغنى الفعلي ومن هنا وقع الكلام في القادر على التكسب دون الملك الفعلي وكما ترى اذ ليس في الأدلة من تفصيل لهذا الموضوع وانصرافه الى الغنى الفعلي ممنوع بل يفهم منه عرفا القدرة لا الفعلية فهما عرفا بمنزلة سواء وانما نشأ الاشكال من ربط الموضوع أي وجوب التكسب هنا بما قيل هناك في الديون حيث نسب القول الى الأصحاب بعدم وجوب التكسب لوفاء الدين .
  قال صاحب الجواهر بأن المشهور على عدم وجوب التكسب على المديون لوفاء دينه وما ذكره قدس سره لم نتحققه في عدد من كتب القدماء ولذا ذهب يحي ابن سعيد الحلي في كتاب الجامع كما ذهب الشهيد الأول بل وغيرهما الى وجوب التكسب لا الى عدمه بل غدة عند الفقهاء المعاصرين كأنها من المسلمات سيما لمن أراد العمل فيما هو له .
  لا يقال بأن أدلة وجوب الانفاق بمقتضى عدم التفصيل وبمقتضى الاطلاق المقامي هو الاحالة على الطرق المتعارفة وليس منها السعي للتكسب ولو في غير ما يرغب لأنه يقال ان عدم المألوفية ليس واردا في النص وانما مقتضى عمومات الضرر والحرج هو ارتفاع التكليف أما في غيرهما كعدم المألوفية فلا دليل على رفع التكليف بل لا دليل على أنه ليس طريقا متعارفا لتحصيل القدرة فعلا وأما ما وقع في بعض الكلمات من الاستدلال بالرواية اذا كان الرجل معسرا يعمل بقدر ما يقوت به نفسه وأهله ولا يطلب حراما فهو كالمجاهد فإنها أجنبية عن ذلك بل هي لبيان حال العفيف رغم اعساره .
  وأما ما استدل به بأن أمير المؤمنين كان لا يحبس المعسر ولم يرد أنه أمره بالكسب ففيه:
 اولا : أن هذه الرواية من الضعاف .
 وثانيا:أنها لبيان مورد الحبس فليس كل عاص يحبس فهي في غير مقام بيان ذلك ولا تنفي وجوب التكسب.
  وثالثا: لقد ورد في لعض الروايات عن علي عليه السلام أن المعسر المحبوس يترك لأجل أن يعمل ومن كل ما ذكرنا يتبين لك بأن لا فرق بين الانفاق على الزوجة وبين التكسب لسد الدين لجهة الوجوب وان كان في الزوجة أوضح فان عبال الرجل اسراؤه . ولذا قال السيد اليزدي أن حال الدين حال النفقة مع التمكن بل ربما قيل بإلزامه بالعمل شأن كل متخلف عن أداء حق .
 النفقة والاستدانة:
  لم تطرح هذه المسألة في كتب القدماء الا عرضا وقد طرحت مع فقهائنا المعاصرين ويبدو انهم فصّلوا بين موردين الأول العلم بالقدرة على الوفاء الثاني احتمال الوفاء . أما الأول فيبدوا انهم مجمعون على وجوب الاستدانة وربما كان ذلك لصدق القدرة عليه وقد ذكرنا بأن الأدلة لا يفهم منها أكثر من شرط القدرة .
  أما مع الاحتمال فقد ذكر غير واحد منهم وعلى رأسهم السيد محسن الحكيم طاب ثراه بأنه لا يجب عليه الاستدانة وذهب غير واحد الى القول بالوجوب لصدق القدرة عندهم وتوقف جماعى آخرون . ويبدوا أن منشأ التوقف أو العدم وجوه:
 الأول: أن الاستدانة ليست طريقا مألوفا عرفا وقد عرفت أن مقتضى الاطلاق المقامي هو الاحالة الى العرف . وفيه ما لا يخفى اذ مع احتمال القدرة والرد يراه العرف شيأ مألوفا اذ يغلب على المستدين احتمال عدم القدرة غالبا .
 الثاني: صدق عنوان التضييع وهو أمر لا يجوز وفيه أن المنهي عنه هو الاتلاف أو السرقة ولا ينطبق على المورد ذلك مع أنه مألوف أيضا كما ذكرنا .
  ومن هنا بقى في النفس عدم استثناء فرد مما ذكرنا سوى مورد القطع بعدم الوفاء لأنه يساوق الاطلاق أو السرقة ويمكن أن يؤيد ذلك بما رواه موسى ابن بكر ضعيفا . فان غُلب عليه فليستدن على الله ورسوله ما يقوت به عياله فان مات ولم يقضه كان على الامام قضاؤه فان ظاهرها بحسب السياق أنها حكم أخلاقي وظاهرها أن ذلك مع احتمال الرد بقوله ولم يقضه .
 النفقة والملك
  طرح هذا البحث قديما وحديثا لترتب جملة من الآثار عليه من قبيل أنها تملك ما قتّرت فيه ومن قبيل ما لو مات الزوج فهل تملك ما كان بحوزتها.
  ذكر الفاضل الهندي في كتابه كشف اللثام أن القول بأن النفقة امتاع هو المتعين لولا دعوى الاجماع على خلافه أي لا يوجد دليل بضاف لوجوب الانفاق وهو وجوب التمليك ومن الواضح أن الانفاق على الزوجة يتحقق بالبذل دون أن يفرق بين ما تفنى عينه كالطعام وبين ما تبقى عينه كاللباس والمسكن ونحو ذلك .
  ذكر البحراني في الحدائق أن لا خلاف في ملك الزوجة للنفقة وأنه يجب عليه القضاء لو فرّط وفرق بين الزوجة وبين الأقارب فقال بالإمتاع في نفقة الأقارب وذكر السيد علي في الرياض أن الأشهر هو القول بالإمتاع وأفتى به الشهيد الثاني في المسالك والعلامة الحلي في القواعد .
  وذكر صاحب الجواهر أن القول بالتمليك في الكسوة وغيرها هو الأقرب تبعا لشيخنا الطوسي في المبسوط بل هو ظاهر المحقق الحلي في كتاب الشرائع . وأما الفقهاء المعاصرون فقد اختلفوا في ذلك فمنهم جعلها امتاعا كالسيد محسن الحكيم رحمه الله ومنهم من جعلها تمليكا .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo