< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

41/03/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الإختلاف في تعبير الموصي

فصل الفقهاء الحديث عن الوصية والمعاني المختلفة التي قد يقصدها الموصي بوصيته، وكيفية التعامل مع الشك في قصد الموصي، بيد أنا نرى أن هذه القضايا تتصل بالقضاء غالباً، للإختلاف العرفي في دلالات الألفاظ التي يستعملها الموصي في وصيته، ولا يمكن إطلاق حكمٍ واحدٍ على كل الألفاظ.

ولكن رغم ذلك، فنتعرض لبعض ما ذكروه، وحسب الظاهر أنهم إنطلقوا في ذكرها من الواقع المعاش حيث كانت هذه المسائل مطروحة على الفقهاء والقضاة، فصنّفت شيئاً فشيئاً في الفقه.

عدم تحديد المصداق

إذا قال الموصي: إدفعوا حنطة إحدى الأراضي لزيد، وكانت الحنطة مختلفة من حيث الجودة مع تساويها في الوزن، فإن تحديد المصداق يكون إلى الورثة إن أطلق الموصي كلامه، أما إذا إختلفا في القيمة فكان بعضه أقل من الثلث وبعضها بمقدار الثلث، فليس لهم أن يدفعوا ما هو أقل من الثلث، قال المرجع الشيرازي قدس سره: " لو قال لفلان مائة منّ من الحنطة، وكان عنده ثلاثة أقسام من الحنطة، كل واحد مائة منّ، لكن كان أحدها يساوي ثلثه والآخران أكثر وأقل، كان على الوارث إعطاؤه مائة منّ سواء ذلك الذي يساوي الثلث أو ملفقاً، ولا يحق له إعطاء الأقل، وذلك لإمكان تنفيذ الوصية"[1] .

 

الرجوع عن الوصية

أما إذا قال إدفعوا ثلث مالي لفلان، ثم قال لاحقاً: إدفعوا ثلث مالي لآخر، فتعتبر الوصية الثانية إضراباً عن الكلام الأول، فتلغى الوصية الأولى، ويحدث ذلك كثيرا في تعدد الوصايا للشخص، حيث اختلف الفقهاء في كون الوصية الثانية جامعة للأولى أم ناسخة لها، وبرأينا إن هذا الإختلاف بسبب إختلاف الأعراف، واليوم نعتبر الوصية الثانية إضراباً عن الوصية الأولى.

أما إذا قال إدفعوا ثلث مالي لزيد، وربعه لبكر، وسدسه لخالد، فهل الوصايا التالية إعراضٌ عن السابقة أم لا؟

يختلف ذلك بحسب الحالات، فإن كانت جميعها ضمن وصية واحدة، دفع للأول وبطل في التالي، لعدم المورد للوصية إلا بإذن الورثة، أما إذا كانت الوصايا متعاقبة، فذلك يرجع إلى فهم العرف من وصيته، فلا يحكم بالإعراض عن الأولى مطلقاً، قال المحقق النجفي قدس سره: " فما عن بعضهم- من أن الوصية بالربع و السدس في نحو مفروض المتن رجوع عن الأول- واضح الضعف بعد الإحاطة بما قدمناه بل قيل: أنه غير معروف القائل بل عن التحرير و غيره نسبة أصل الحكم إلى علمائنا"[2] .

الوصية بأكثر من الثلث لاثنين

لو قال الموصي: إدفعوا ثلثي مالي لزيد وعمرو، فيقسم الثلث عليهما، إن لم يجز الورثة في الثلث الثاني، وكذا لو قال داري هذه لزيدٍ وعمرو، ثم تبين كونها أزيد من الثلث، قسّم بينهما بمقدار الثلث.

الوصية بثلث جميع المال

إذا أوصى بثلث دوره، كما لو قال: كل ما أملك من بيوتٍ فهي وقفٌ، أو ثلث دوره وقفٌ، ففي هذه الحالة ثلث كل دارٍ يكون وقفاً على نحو الإشاعة، قال المحقق: " و إذا أوصى بثلث ماله مثلا مشاعا كان للموصى له من كل شي‌ء ثلثه و إن أوصى بشي‌ء معين و كان بقدر الثلث فقد ملكه الموصى له بالموت و لا اعتراض فيه للورثة"[3] .


[1] الفقه: ج61، ص241.
[2] جواهر الكلام: ج28، ص304.
[3] شرائع الإسلام: ج2، ص193.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo