< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

41/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الموصى به 15/ الوصايا المبهمة 2

في حال إبهام الوصية، لابد من النظر أولاً إلى الإرتكاز العرفي في تلقي هذه الوصية، وثانياً إلى النصوص التي بينت معاني الكلمات المبهة.

ولكن يبقى التساؤل في حجية الروايات المفسرة، إذا كانت الوصية إلى الموصي نفسه، فهل يعتبر تحديد النصوص تحديداً شرعياً لايمكن تركه، أم هي من باب تفسير ما ساد لدى العرف في تعويلهم في كلماتهم على الأدب القرآني وما في النصوص الشريفة.

لا نستبعد الثاني، حيث يعتمد الناس كثيراً على الإرتكاز العرفي في تعاملاتهم، حيث لا يفصلون الحديث في كل الشروط في البيع مثلاً، بل يعتمدون على الإرتكاز العرفي السائد، وهكذا يعتمد المتشرعة على العرف الشرعي، فإذا أوصى الموصي وحدد وصيته بجزءٍ، فإنه يعتمد على معنى الجزء بما جاء في القرآن الكريم.

وهذا ما ذهب إليه الشيخ الصدوق قدس سره، حيث إعتبر الروايات المفسّرة لمعاني الألفاظ، معتمدة إن كان إعتماد الموصي على العرف الشرعي مع معرفته باللغة، وبخلاف ذلك فلا إطلاق للروايات[1] [2] ، ولكن المشهور ذهب إلى كفاية عدم العلم بوجودٍ قصدٍ مخالفٍ للموصي.

الوصية بالسهم

قال المحقق: " و لو كان أوصى بسهم كان ثمنا" [3] وقال المحقق النجفي: " عند الأكثر، بل المشهور، بل ظاهر إيضاح النافع الإجماع عليه، كما عن السرائر أنه المعمول عليه"[4] .

ودلت الروايات المستفيضة على ذلك:

صحيح البزنطي، إنه سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل أوصى بسهم من ماله، فقال: السهم واحد من ثمانية ثم قرأ (عليه السلام): ﴿إنما الصَّدَقاتُ﴾ الآية. [5] [6]

عَنِ السَّكُونِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يُوصِي بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَقَالَ: "السَّهْمُ وَاحِدٌ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ" [7]

وعن المفيد في إرشاده إنه نسبه إلى قضاء أمير المؤمنين عليه السلام، في رجل أوصى عند موته بسهم ولم يبينه فاختلف الورثة في معناه، فقضى عليهم بذلك، وتلا الآية [8]

وقولٌ آخر بأن السهم واحدٌ من ستة، وهو الذي رواه الشيخ الصدوق ، بناءاً على أن السهم سهمين أحدهما يرتبط بالمواريث وهي ستة أسهم، والثمانية مرتبطٌ بالثمان، قال: مثل ما رواه الصدوق، قال: روي أن السهم واحد من ستة، ثم قال: متى أوصى بسهم من سهام المواريث كان واحداً من ستة، ومن أوصى بسهم من سهام الزكاة كان واحداً من ثمانية، ويمضي الوصية على ما يظهر من مراد الموصي[9] .

ولكن الترجيح يكون إلى نصوص الثمن لكثرتها وصحتها، وعمل الأصحاب بها، مع إعراضهم عن روايات السدس، ومع التنزل فإن الأصل هو الأقل فيكون الثمن هو الراجح، وقد عرفت عدم الصيرورة إليه بعد رجحان روايات الثمن، وعليه عامة من تأخر من الفقهاء.

كما أن القول بالعُشر هو الآخر مطروحٌ لعدم عمل الأصحاب بروايته، التي احتمل فيها خطأ الراوي وتنزيل السهم منزلة الجزء:عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام عَنْ أَبِيهِ عليه السلام قَالَ: "مَنْ أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ سَهْمٌ مِنْ عَشَرَةٍ"[10] .

 

الوصية بالشيء

إذا أوصى بـ "شيء" فإنه يحمل على السدس، وادعى في الجواهر الإجماع على ذلك[11] ، ودل على ذلك النصوص التالية:

عن أَبَانٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِشَيْ‌ءٍ فَقَالَ: "الشَّيْ‌ءُ فِي كِتَابِ عَلِيٍّ عليه السلام وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ"[12] .

عن فقه الرضا عليه السلام: وكذلك إذا أوصى بشيء من ماله غير معلوم فهي واحد من ستة [13]

عدم معرفة مراد الموصي

إن لم يستعمل الموصي أياً من الألفاظ المحددة شرعا، بل أوردها بلفظةٍ أخرى أو حتى بلغةٍ أخرى، كما لو قال ( اعطه من مالي) فمن يفسرها؟

يبدو أن هناك إجماعاً – وإن كان فيه شيء- بأنه تفويض الأمر إلى الورثة، فما لم يحدد شيئاً فكأنه فوّض التحديد إلى ورثته.

وأما التشكيك في الإجماع فهو لجهة عدم تعرض الكثير من الفقهاء لهذه المسألة، نعم من ذكرها قال بالتعويل على رأي الورثة، ولم يناقش فيها.

 


[2] قال قدس سره كما حكاه عنه في الجواهر" ان حمل الجزء على العشر و السبع إنما يصح إذا كانت الوصية من العارف باللغة دون غيره من جمهور الناس، فإنه لا تصح الوصية منه بذلك، حتى يبينه". [المقرر].

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo