< قائمة الدروس

الأستاذ السيد محمدتقي المدرسي

بحث الفقه

41/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: عن الوصي 7/ عجز أحد الأوصياء عن تنفيذ الوصية / ردّ الإبن للوصية

 

إذا عجز أحد الأوصياء عن أداء وظيفته بالنسبة إلى الوصية، سواء كان ذلك لمرضٍ أو حبسٍ أو سفرٍ أو جنونٍ او إرتدادٍ أو جنون، فهل يجب على الحاكم أن يضم إلى الباقين بديلاً عنه أم لا؟

ذهب المحقق[1] إلى عدم الضم إذا كان العجز سوى المرض، لكفاية الباقي، فلو لم يكن الموصي راضياً بمن تبقى لما جعلهم ضمن الأوصياء، وقيل بأن الموصي جعله وصياً ضمناً لا دون أن يمنحه كامل الصلاحية، فكأنه جعل نصف أو ثلث المال تحت تصرفه ولو على نحو الإشاعة، ومن هنا؛ وجب على الحاكم أن يضم إلى الباقين بديلاً عن العاجز.

وربما يقال بالتفصيل بحسب نوع الوصية، فلو علمنا من الموصي إرادته التعدد لمجرد إتقان العدد أو الإستيثاق، يكتفى بالباقين، ولا يصار إلى ضم البديل، وإن كان رأيه تكميل بعضهم البعض على نحو الشراكة -كما هو الظاهر من أغلب الأوصياء- فلا يكتفى بالموجود.

وإذا مرض بمرضٍ يضعفه عن العمل بالوصية، دون أن يصل إلى العجز التام، ففي هذه الحالة للحاكم أن يضم إليه من يعينه على ذلك، دون أن يستبدله أو يعزله.

وكيف كان، فالأفضل إحالة الأمر إلى الحاكم، فيتصرف بحسب ما يراه مصلحةً للموصى لهم.

مسألة: عدم قبول الوصية

سبق القول بكون الوصية من الإيقاعات، ولكنها تفتقر إلى رضا بهذا الإيقاع من جهة الوصي[2] ، فإن لم يقبل الوصي بالوصية لا تلزمه؛ واستثني من ذلك الولد إذا طلب منه أباه أن يكون وصياً له، حيث لا يجوز له الإمتناع عن ذلك، ولكن أشهر الأقوال بل لعله مشهور الفقهاء أنه كغيره في قبول ورفض الوصية.

واستدل على عدم جواز الرد بأمرين:

الأول: رواية علي بن ريّان قال: كَتَبْتُ إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عليه السلام، رَجُلٌ دَعَاهُ وَالِدُهُ إِلَى قَبُولِ وَصِيَّتِهِ هَلْ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِ وَصِيَّتِهِ فَوَقَّعَ عليه السلام لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ[3] .

الثاني: إن امتناعه عقوقٌ وقطعٌ للرحم.

وفي المقابل إستدل القائلون بعدم الوجوب، على اطلاقات الروايات الدالة على جواز القبول والرد، وأما الإستناد إلى العقوق فقد قالوا بأنه أخص من المدعى، فقد لا تعد المخالفة عقوقاً كما في بعض الحالات.

نعم؛ مع تحقق العقوق وقطيعة الرحم فلا يجوز رد الوصية، كما هو الحكم في سائر الموارد المؤدية للعقوق، وذلك لأن طاعة الوالدين غير واجبةٍ إلا إذا كان فيه عقوقاً وإيذاءاً بهما.

وأما الرواية فقد أعرض العلماء عنها، الأمر الذي يكسر قوتها، ولكن الحق أنا لم نجد تصريحاً منهم برد الرواية، وإنما عملوا بإطلاقات الروايات الأخرى ولم يستثنوا هذا المورد، وحملوه على الإستحباب، ولذلك فإن الإحتياط يقتضي العمل بالرواية، ولكن يقتصر في العمل بها على متنها في أمرين:

الأول: الإقتصار على موردها، فلا تشمل الأب والجد وسائر الأرحام.

الثاني: الحكم فيها لا يؤسس لحكمٍ وضعي، بأن تكون الوصية مفروضة على الولد شاء أم أبى، بل تدل على عدم جواز إمتناعه شرعاً.

 

مسألة: تغيير الموصي

للموصي أن يغيّر وصيته مادام حياً، ذلك لأنها لا تستقر إلا بموت الموصي، وقبلئذٍ له أن يزيد فيها أو ينقص منها، وتدل على ذلك جملةٌ من الروايات:

     عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام يَقُولُ: "لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ إِنْ كَانَ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ"[4] .

     عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام قَالَ: "لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَ يُحْدِثَ فِي وَصِيَّتِهِ مَا دَامَ حَيّاً"[5] .

     عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلما قَالَ: "قَضَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام أَنَّ الْمُدَبَّرَ مِنَ الثُّلُثِ وَ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْقُضَ وَصِيَّتَهُ فَيَزِيدَ فِيهَا وَ يَنْقُصَ مِنْهَا مَا لَمْ يَمُتْ"[6] .

     عَنْ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام: "لِلرَّجُلِ أَنْ يُغَيِّرَ وَصِيَّتَهُ فَيُعْتِقَ مَنْ كَانَ أَمَرَ بِمِلْكِهِ وَ يُمَلِّكَ مَنْ كَانَ أَمَرَ بِعِتْقِهِ وَ يُعْطِيَ مَنْ كَانَ حَرَمَهُ وَ يَحْرِمَ مَنْ كَانَ أَعْطَاهُ مَا لَمْ يَمُتْ"[7] .

     عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسَى عليه السلام فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ أَبِي أَوْصَى بِثَلَاثِ وَصَايَا فَبِأَيِّهِنَّ آخُذُ فَقَالَ خُذْ بِأُخْرَاهُنَّ. قُلْتُ فَإِنَّهَا أَقَلُّ قَالَ فَقَالَ: وَ إِنْ قَلَّتْ[8] .

والنصوص تطابق القواعد، ذلك لأن الوصية هي من جهة سلطة الإنسان على أمواله، وما لم تستقر بموته فإنها باقيةٌ وله أن يغيّر فيها ما يشاء.

 


[1] قال في الشرائع: ج2، ص202: " ولو مرض أحدهما أو عجز ضم إليه الحاكم من يقويه أما لو مات أو فسق لم يضم الحاكم إلى الآخر و جاز له الانفراد لأنه لا ولاية للحاكم مع وجود وصي و فيه تردد". [ألمقرر].
[2] كما أنها تحتاج إلى الرضا من جهة الموصى له. [المقرر].
[3] الكافي: ج7، ص7.
[4] الكافي: ج7، ص12.
[5] الكافي: ج7، ص12.
[6] الكافي: ج7، ص12.
[7] الكافي: ج7، ص13.
[8] وسائل الشيعة: ج19، ص302.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo