< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدعلی موسوی‌اردبیلی

1401/07/27

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: کتاب النکاح/ تدلیس / قاعده غرور

 

وقال الشيخ في المکاسب: «ما غرمه في مقابل النفع الواصل إليه من المنافع والنماء ففي الرجوع بها خلاف، أقواها الرجوع؛ وفاقاً للمحكيّ‌ عن المبسوط والمحقّق والعلامة في التجارة والشهيدين والمحقّق الثاني وغيرهم. وعن التنقيح: أنّ‌ عليه الفتوى؛ لقاعدة الغرور المتّفق عليها ظاهراً في من قدّم مال الغير إلى غيره الجاهل فأكله.

ويؤيّده: قاعدة نفي الضرر؛ فإنّ‌ تغريم من أقدم على إتلاف شيء من دون عوض مغروراً من آخر بأنّ‌ له ذلك مجّاناً من دون الحكم برجوعه إلى من غرّه، في ذلك ضرر عظيم، ومجرّد رجوع عوضه إليه لا يدفع الضرر.

وكيف كان فصدق الضرر وإضرار الغارّ به ممّا لا يخفى، خصوصاً في بعض الموارد.

فما في الرياض من أنّه لا دليل على قاعدة الغرور إذا لم ينطبق مع قاعدة نفي الضرر المفقود في المقام لوصول العوض إلى المشتري، لا يخلو عن شيء.

مضافاً إلى ما قيل عليه من منع مدخليّة الضرر في قاعدة الغرور، بل هي مبنيّة على قوّة السبب على المباشر.

لكنّه لا يخلو من نظر؛ لأنّه إنّما يدّعي اختصاص دليل الغرور من النصوص الخاصّة والإجماع بصورة الضرر.

وأمّا قوّة السبب على المباشر فليست بنفسها دليلاً على رجوع المغرور إلا إذا كان السبب بحيث استند التلف عرفاً إليه، ـ كما في المُكْرَه، وكما في الريح العاصف الموجب للإحراق، والشمس الموجبة لإذابة الدهن وإراقتها ـ والمتّجه في مثل ذلك عدم الرجوع إلى المباشر أصلاً، كما نُسب إلى ظاهر الأصحاب في المكره؛ لكون المباشر بمنزلة الآلة.

و أمّا في غير ذلك فالضمان أو قرار الضمان فيه يحتاج إلى دليل مفقود، فلابدّ من الرجوع بالأخرة إلى قاعدة الضرر، أو الإجماع المدّعى في الإيضاح على تقديم السبب إذا كان أقوى، أو بالأخبار الواردة في الموارد المتفرّقة، أو كون الغارّ سبباً في تغريم المغرور، فكان كشاهد الزور في ضمان ما يؤخذ بشهادته.

ولا ريب في ثبوت هذه الوجوه فيما نحن فيه، أمّا الأخير فواضح، وأمّا الأوّل فقد عرفته، وأمّا الإجماع والأخبار فهما وإن لم يردا في خصوص المسألة، إلا أنّ‌ تحقّقهما في نظائر المسألة كافٍ‌، فإنّ رجوع آكل طعام الغير إلى من غرّه بدعوى تملّكه وإباحته له مورد الإجماع ظاهراً، ورجوع المحكوم عليه إلى شاهدي الزور مورد الأخبار، ولا يوجد فرق بينهما وبين ما نحن فيه أصلاً.

وقد ظهر ممّا ذكرنا فساد منع الغرور فيما نحن فيه ـ كما في كلام بعض ـ حيث عدل في ردّ مستند المشهور عمّا في الرياض من منع الكبرى إلى منع الصغرى، فإنّ‌ الإنصاف أنّ‌ مفهوم الغرور الموجب للرجوع في باب الإتلاف وإن كان غير منقّح إلا أنّ‌ المتيقّن منه ما كان إتلاف المغرور لمال الغير وإثبات يده عليه لا بعنوان أنّه مال الغير، بل قصده إلى إتلافه مال نفسه أو مال من أباح له الإتلاف، فيكون غير قاصد لإتلاف مال الغير، فيشبه المُكرَه في عدم القصد.»[1]

وقال السيّد الخوئي: «إنّ‌ قاعدة الغرور لم يدلّ‌ عليها دليل ولا أساس لها بوجه لما تقدّم وعرفت، وأمّا الروايات الخاصّة فهي إنّما وردت في موارد خاصّة كضمان المزوّج للمهر فيما إذا زوّج أمة بعنوان أنّها حرّة، وكضمان المزوّج أيضاً لقيمة الولد، وأمّا في غيرهما فلم يثبت رجوع المغرور إلى الغارّ أبداً وإن كانت القاعدة مشهورة بينهم بل ادّعي الإجماع عليها كما نقله شيخنا الأنصاري.»[2]

وقال السيّد الإمام الخميني: «هي قاعدة مسلّمة لها دليل مستقلّ‌ بعنوانها، ولا يكون مستندها قاعدة الإتلاف ولا قاعدة الضرر، بل لا يمكن أن يكون المستند ذلك؛ لأنّ‌ عنوان «الغرور» منطبق على حيثيّة تباين حيثيّة الإتلاف والإضرار، ضرورة أنّه صادق في المقام على بيع مال الغير خدعة وتدليساً، فالعنوان صادق قبل الإتلاف والضرر رتبة‌ بل وزماناً، وقاعدتا الإتلاف والضرر لا تنطبقان إلا بعد الإتلاف والضرر؛ فالعنوانان متباينان، ولا يعقل كون دليل قاعدة ما دلّ‌ على قاعدة مباينة لها.

ولو سومح فلا أقلّ‌ من كونهما معها من قبيل العامّين من وجه، وفي مثله أيضاً لا يمكن أن يكون الدليل على قاعدة الغرور ما هو نسبته إليهما كذلك، فلابدّ إمّا من إنكار قاعدة الغرور أو إثباتها بغير دليل الإتلاف والإضرار.

والتحقيق أنّها قاعدة برأسها وعنوانها، لا لما نسب إلى النبي(ص) «المغرور يرجع إلى‌ من غرّه»، لعدم ثبوت استناد الأصحاب في الحكم إليه وقرب احتمال استنادهم إلى الروايات الآتية... كرواية إسماعيل بن جابر التي هي صحيحة أو كالصحيحة ـ إذ ليس في سندها إلا محمّد بن سنان وهو ثقة على الأصحّ‌ ـ قال: سألت أبا عبدالله(ع)... قال: ...على الذي زوّجه قيمة ثمن الولد، يعطيه موالي الوليدة كما غرّ الرجل وخدعه».

ولا يخفى: أنّ‌ المتفاهم عرفاً أنّ‌ غرور الرجل وخدعته علّة للرجوع، فيفهم منه أنّ‌ المغرور يرجع إلى من غرّه وخدعه، وتستفاد منه قاعدة كلّية سارية.

والظاهر من أخذ العنوان هو موضوعيّته، فالغرور موجب للرجوع في الخسارات، سواءً كان إتلافاً أو لا، وضرراً أو لا.»[3]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo