< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سیدعلی موسوی‌اردبیلی

1401/11/30

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: کتاب النکاح/ مهر / تفویض مهر

 

قال فخرالدين الرازی: «واعلم أنا قد ذكرنا في أوّل تفسير هذه الآية أنّ أقسام المطلّقات أربعة، وهذه الآية تكون مشتملة على بيان حكم ثلاثة أقسام منها، لأنّه لمّا صار تقدير الآية: «لا مهر إلا عند المسيس أو عند التقدير»، عرف منه أنّ التي لا تكون ممسوسة ولا مفروضاً لها لا يجب لها المهر، وعرف أنّ التي تكون ممسوسة ولا تكون مفروضاً لها والتي تكون مفروضاً لها ولا تكون ممسوسة، يجب لكلّ واحدة منهما المهر، فتكون هذه الآية مشتملة على بيان حكم هذه الأقسام الثلاثة.

وأمّا القسم الرابع ـ وهي التي تكون ممسوسة ومفروضا لهاً ـ فبيان حكمه مذكور في الآية المتقدّمة، وعلى هذا التقدير تكون هذه الآيات مشتملة على بيان حكم هذه الأقسام الأربعة بالتمام...

المسألة الثالثة: قال أبو بكر الأصم والزجاج: هذه الآية تدلّ على أنّ عقد النكاح بغير المهر جائز، وقال القاضي: إنّها
لا تدلّ على الجواز لكنّها تدلّ على الصحّة، أمّا بيان دلالتها على الصحّة فلأنّه لو لم يكن صحيحاً لم يكن الطلاق مشروعاً ولم تكن المتعة لازمة، وأمّا أنّها لا تدلّ على الجواز فلأنّه لا يلزم من الصحّة الجواز، بدليل أنّ الطلاق في زمان الحيض حرام ومع ذلك واقع وصحيح...

مذهب الشافعي وأبي حنيفة أنّ المتعة واجبة، وهو قول شريح والشعبي والزهري، وروي عن الفقهاء السبعة من أهل المدينة أنّهم كانوا لا يرونها واجبة، وهو قول مالك.

لنا: قوله تعالى: «وَمَتِّعُوهُنَّ»‌ وظاهر الأمر للإيجاب، وقال: «وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ‌» فجعل ملكاً لهنّ أو في معنى الملك.

وحجّة مالك أنّه تعالى قال في آخر الآية: «حَقًّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ‌» فجعل هذا من باب الإحسان وإنّما يقال: هذا الفعل إحسان إذا لم يكن واجباً، فإن وجب عليه أداء دين فأدّاه لا يقال: إنه أحسن، وأيضاً قال تعالى: «مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ‌»[1] وهذا يدلّ على عدم الوجوب.

والجواب عنه أنّ الآية التي ذكرتموها تدلّ على قولنا، لأنّه تعالى قال: «حَقًّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ‌»‌ فذكره بكلمة «عَلَى» هي للوجوب، ولأنّه إذا قيل: هذا حقّ على فلان، لم يفهم منه الندب بل الوجوب.»[2]

وقال المحقّق الأردبيلي في زبدة البيان: «أي لا تبعة عليكم في مهر وما وجب عليكم ـ بقرينة وجوبه فيما يقابله وهو قوله «وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ» حيث أوجب نصف المهر فدلّ على أنّ المنفيّ أوّلاً هو المثبت ثانياً ـ إن طلّقتم النساء قبل المسّ والوطء وقبل فرض المهر، فيكون «أو» بمعنى الواو، وقد يدلّ عليه «وَقَدْ فَرَضْتُمْ».

أو يكون «أو» بمعنى «إلا أن» أو «حتّى»، كذا في التفسيرين، وفيه تأمّل، إذ على الأوّل المناسب «فرضتم» وعلى الثاني يلزم تجويز الفرض ولزوم شيء به بعد الطلاق قبل المسّ، وهو باطل.

ويحتمل أن يكون المراد نفي الإثم، كما في قوله تعالى «فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما» مع تأويلات، أو تفرضوا وبدونها، ويحتمل حينئذٍ أن يكون عديل «أو» محذوفاً، فالتقدير: إن لم تفرضوا لهنّ فريضة أو تفرضوا، وهو أيضاً خلاف الظاهر، مع عدم ظهور فائدة التقييد بقبل المسّ، فإنّه بعده أيضاً لا إثم.

إلا أن يقال: إنّه لا إثم حينئذٍ مطلقاً بخلاف ما بعد المسّ، أو يقال: إنّه لدفع تخيّل أنّه لمّا لم يحصل فائدة النكاح لم يجز الطلاق.

ويمكن الحمل على الأعمّ، وارتكاب خلاف الظاهر في القرآن لدليل غير عزيز.»[3]

وقال في التحرير والتنوير: «حقيقة الجناح الإثم، كما تقدم في قوله: «فَلَا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما» ولا يعرف إطلاق الجناح على غير معنى الإثم، ولذلك حمله جمهور المفسرين هنا على نفي الإثم في الطلاق. ووقع في «الكشّاف» تفسير الجناح بالتبعة فقال: «لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ»‌ لا تبعة عليكم من إيجاب المهر؛ ثم قال: والدليل على أنّ الجناح تبعة المهر، قوله: «وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَ» إلى قوله: «فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ»،‌ فقوله: «فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ»‌ إثبات للجناح المنفيّ ثمّة...

والوجه ما حمل عليه الجمهور لفظ الجناح، وهو معناه المتعارف... فالمقصود من الآية تفصيل أحوال دفع المهر أو بعضه أو سقوطه، وكأن قوله: «لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ» إلى آخره تمهيد لذلك وإدماج لإباحة الطلاق قبل المسيس، لأنّه بعيد عن قصد التذوّق، وأبعد من الطلاق بعد المسيس عن إثارة البغضاء بين الرجل والمرأة، فكان أولى أنواع الطلاق بحكم الإباحة الطلاق قبل البناء.

قال ابن عطية وغيره: إنه لكثرة ما خص الرسول عليه الصلاة والسلام المؤمنين على أن يقصدوا من التزوج دوام المعاشرة، وكان ينهى عن فعل الذوّاقين الذين يكثرون تزوج النساء وتبديلهنّ، ويكثر النهي عن الطلاق حتّى قد يظنّ محرّماً، فأبانت الآية إباحته بنفي الجناح بمعنى الوزر.

والنساء: الأزواج، والتعريف فيه تعريف الجنس، فهو في سياق النفي للعموم، أي لا جناح في تطليقكم الأزواج. و«ما» ظرفيّة مصدرية، والمسيس هنا كناية عن قربان المرأة.

و«أو» في قوله: «أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً» عاطفة على‌ «تَمَسُّوهُنَّ»‌ المنفيّ، و«أو» إذا وقعت في سياق النفي تفيد مفاد واو العطف، فتدلّ على انتفاء المعطوف والمعطوف عليه معاً، ولا تفيد المفاد الذي تفيده في الإثبات وهو كون الحكم لأحد المتعاطفين... لأنّ مفاد «أو» في الإثبات نظير مفاد النكرة وهو الفرد المبهم، فإذا دخل النفي استلزم نفي الأمرين جميعاً، ولهذا كان المراد في قوله تعالى: «وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً» النهي عن طاعة كليهما لا عن طاعة أحدهما دون الآخر...

وجعل صاحب الكشّاف «أو» في قوله: «أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً» بمعنى «إلا» أو «حتّى»، وهي التي ينتصب المضارع بعدها بأن واجبة الإضمار، بناءً على إمكانه هنا وعلى أنّه أبعد عن الخفاء في دلالة «أو» العاطفة في سياق النفي على انتفاء كلا المتعاطفين؛ إذ قد يتوهّم أنّها لنفي أحدهما كشأنها في الإثبات، وبناءّ على أنّه أنسب بقوله تعالى بعد ذلك: «وإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً»، حيث اقتصر في التفصيل على أحد الأمرين وهو الطلاق قبل المسيس مع فرض الصداق ولم يذكر حكم الطلاق قبل المسيس أو بعده وقبل فرض الصداق، فدلّ بذلك على أنّ الصورة لم تدخل في التقسيم السابق، وذلك أنسب بأن تكون للاستثناء أو الغاية لا للعطف...

وقد أفادت الآية حكماً بمنطوقها وهو أنّ المطلّقة قبل البناء إذا لم يسمّ لها مهر لا تستحقّ شيئاً من المال...

وهذا الحكم دلّنا على أنّ الشريعة قد اعتبرت النكاح عقداً لازماً بالقول، واعتبرت المهر الذي هو من متمّماته غير لازم بمجرّد صيغة النكاح، بل يلزم بواحد من أمرين: إمّا بصيغة تخصّه، وهي تعيين مقداره بالقول، وهي المعبّر عنها في الفقه بنكاح التسمية، وإمّا بالفعل وهو الشروع في اجتناء المنفعة المقصودة ابتداءً من النكاح وهي المسيس، فالمهر إذن من توابع العقود التي لا تثبت بمجرّد ثبوت متبوعها، بل تحتاج إلى موجب آخر...»[4]

نکته آخری که در التحرير والتنوير آمده است، همان مطلبی است که بارها از ما گذشت مبنی بر اين که مهر دخيل در ماهيت نکاح نيست.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo