< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: کتاب النکاح/ التدلیس/ عدم اختصاص خیار التدلیس بالموارد المنصوصة

 

من الضروري الالتفات في مبحث الفسخ للتدليس في النكاح إلى أنّه وإن قيل بأنّ صدق التدليس مشروط بالتصريح أو وجود ارتكاز في العقد بوجود صفة كمالية أو عدم عيب، لكنه لا يعني أنّ الخيار فيما نحن فيه خيار تخلف الشرط، لأنّ هذا الخيار يتصور في مورد اشتراط الفعل أيضاً، بينما لا دليل على الأخذ بالخيار في مثل ذلك في النكاح، بل يشترط للأخذ بالخيار في النكاح تحقّق التدليس الذي تقدّمت شروطه اللازمة.

ثمّ هل يقتصر الخيار الحاصل بالتدليس بالموارد المنصوص عليها أم يشمل كلّ مورد يصدق عليه التدليس؟

خصّه بعض الأصحاب بالمنصوص عليه، وفي غير العيوب السابقة ـ والتي قال الأصحاب بثبوت حقّ الفسخ فيها بمجرّد العيب بلا توقّف على التدليس ـ أثبتوا حقّ الفسخ من هذه الجهة في الموارد التي وردت فيه أخبار دالّة على جواز الفسخ فيها بسبب التدليس، واستدلّوا عليه بما يلي:

1 ـ معتبرة إسماعيل‌ بن‌ جابر، قال‌: «سألت‌ أبا عبدالله(ع)‌ عن‌ رجل‌ نظر إلى امرأة‌ فأعجبته‌ فسأل‌ عنها فقيل‌: هي‌ ابنة‌ فلان،‌ فأتى أباها فقال‌: زوّجني ابنتك، فزوّجه‌ غيرها فولدت‌ منه‌ فعلم‌ أنّها غير ابنته‌ وأنّها أمة؟ فقال:‌ يردّ الوليدة‌ على مولاها والولد للرجل‌، وعلى الذي زوّجه‌ قيمة‌ ثمن‌ الولد، يعطيه‌ موالي‌ الوليدة‌ كما غرّ الرجل‌ وخدعه.»[1] [2]

ولکنّها أجنبيّة عمّا نحن فيه، لأنّ التدليس المراد فيها هو في خصوص أحد طرفي النكاح نفسه دون خصائصه، ولذلك حكم فيه ببطلان النكاح.

2 ـ صحيحة محمّد بن‌ قيس‌ عن‌ أبي جعفر(ع)، قال‌: «قضى أمير المؤمنين‌(ع)‌ في المرأة‌ إذا أتت‌ إلى قوم‌ وأخبرت‌ أنّها منهم‌ وهي‌ كاذبة‌ وادّعت‌ أنّها حرّة‌ فتزوّجت‌، أنّها تردّ إلى أربابها ويطلب‌ زوجها ماله‌ الذي أصدقها ولا حقّ‌ لها في عنقه،‌ وما ولدت‌ من‌ ولد فهم‌ عبيد.»[3] [4]

إنّ هذه الرواية وإن كانت متعلّقة ببحثنا إلا أنّ الحكم بالبطلان الظاهر منها قد يكون بسبب أنّ مولى الأمة لم يأذن لها بالنكاح.

3 ـ حسنة محمّد بن‌ مسلم،‌ قال‌: «سألت‌ أبا عبدالله(ع)‌ عن‌ الرجل‌ يخطب‌ إلى الرجل‌ ابنته‌ من‌ مهيرة، فأتاه‌ بغيرها؟ قال:‌ تردّ إليه‌ التي سمّيت‌ له‌ بمهر آخر من‌ عند أبيها، والمهر الأوّل‌ للتي دخل‌ بها.»[5] [6]

وهذه أيضاً كالأولى أجنبية عن البحث.

4 ـ موثّقة محمّد بن‌ مسلم‌ عن‌ أبي جعفر(ع)،‌ قال‌: «سألته‌ عن‌ رجل‌ خطب‌ إلى رجل‌ بنتاً له‌ من‌ مهيرة،‌ فلمّا كانت‌ ليلة‌ دخولها على زوجها أدخل‌ عليه‌ بنتاً له‌ أُخرى من‌ أمة؟ قال: تردّ على أبيها وتردّ إليه‌ امرأته‌ ويكون‌ مهرها على أبيها.»[7] [8]

وهذه أيضاً كالسابقة.

5 ـ صحيحة الحلبيّ‌ عن‌ أبي عبدالله(ع)‌: «في رجل‌ أتى قوماً فخطب‌ إليهم‌ فقال:‌ أنا فلان‌ بن‌ فلان‌ من‌ بني فلان،‌ فوجد ذلك‌ على غير ما أومأ؟ قال:‌ إنّ‌ عليّاً(ع)‌ قضى في رجل‌ له‌ ابنتان‌ إحداهما لمهيرة‌ والأُخرى لأُمّ‌ ولد فزوّج‌ ابنة‌ المهيرة‌ فلمّا كان‌ ليلة‌ البناء‌ أدخل‌ عليه‌ ابنة‌ أُمّ‌ الولد فوقع‌ عليها قال:‌ تردّ عليه‌ امرأته‌ التي كان‌ تزوّجها وتردّ هذه‌ على أبيها ويكون‌ مهرها على أبيها.»[9] [10]

ولا علاقة بين ما ورد في ذيل الرواية من الجواب بصدر الرواية الذي يتحدّث عن التدليس، فذيل الرواية كالرواية السابقة.

6 ـ صحيحة محمّد بن‌ القاسم‌ بن‌ فضيل‌ عن‌ أبي الحسن‌(ع)‌: «في الرجل‌ يتزوّج‌ المرأة‌ على أنّها بكر فيجدها ثيّباً، أيجوز له‌ أن‌ يقيم‌ عليها؟ قال:‌ فقال:‌ قد تفتق‌ البكر من‌ المركب‌ ومن‌ النزوة.»[11] [12]

والرواية متعلّقة ببحثنا، ومعنى ما ورد في كلامه(ع) أنّ مجرّد زوال غشاء البكارة لا يعني كون البنت ثيّبة، ومن هنا فإنّ موضوع الفسخ ـ وهو التدليس ـ غير محرز.

7 ـ صحيحة محمّد بن‌ جزّك‌، قال‌: «كتبت‌ إلى أبي الحسن(ع) أسأله‌ عن‌ رجل‌ تزوّج‌ جارية‌ بكراً فوجدها ثيّباً، هل‌ يجب‌ لها الصداق‌ وافياً أم‌ ينتقص؟ قال:‌ ينتقص‌.»[13] [14]

وهي تدلّ على إمكان التقليل من المهر بسبب التدليس في خصوص البكارة، ممّا سيأتي الحديث عنه.

8 ـ صحيحة الحلبيّ،‌ قال‌: «... قال‌ في رجل‌ يتزوّج‌ المرأة‌ فيقول‌ لها: أنا من‌ بني فلان،‌ فلا يكون‌ كذلك،‌ قال:‌ تفسخ‌ النكاح أو قال: تردّ النكاح.»[15] [16]

وتدلّ دلالة تامّة على جواز الفسخ بسبب التدليس.

9 ـ خبر حمّاد بن‌ عيسى عن‌ جعفر عن‌ أبيه‌(ع)،‌ قال‌: «خطب‌ رجل‌ إلى قوم‌ فقالوا: ما تجارتك‌؟ فقال‌: أبيع‌ الدوابّ،‌ فزوّجوه‌ فإذاً هو يبيع‌ السنانير، فمضوا إلى عليّ(ع)‌ فأجاز نكاحه‌ وقال:‌ إنّ‌ السنانير دوابّ.»[17] [18]

وهذه الرواية أيضاً تنفي موضوع الفسخ أي التدليس.

10 ـ ما نقله ابن‌ إدريس‌ في السرائر، قال: «روي أنّ‌ الرجل‌ إذا انتسب‌ إلى قبيلة‌ فخرج‌ من‌ غيرها ـ سواء‌ كان‌ أرذل‌ أو أعلى منها ـ يكون‌ للمرأة‌ الخيار في فسخ‌ النكاح.»[19]

11 ـ ما نقله‌ ابن‌ البرّاج من أنّه «قد روي أنّ الرجل إذا ادّعى أنّه من قبيلة معيّنة وعقد له على امرأة على أنّه من تلك القبيلة ثمّ ظهر أنّه من غيرها، أنّ عقده فاسد.»[20]

هذه هي الأخبار التي تمسّك بها الأصحاب في مسئلة التدليس غالباً، ولكن كما تقدّم فلا علاقة لأكثرها بالموضوع، كما أنّ بعضها يشكل في ثبوت التدليس، والخبر الوحيد في الموضوع هو صحيحة الحلبيّ الدالّة على جواز الفسخ، غير أنّها لم تطرحه على نحو قاعدة عامّة وإنّما حكمت بجواز الفسخ في خصوص التدليس في النسب.

وهناك أخبار أخرى يمكن التمسّك بها في المقام ونتعرّضها في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo