< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: کتاب النکاح/ التدلیس/ عدم اختصاص خیار التدلیس بالموارد المنصوصة

 

الأخبار الأُخری التي يمکن التمسّك بها للفسخ بسبب التدليس هي:

1 ـ صحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر(ع)، قال: «في رجل تزوّج امرأة من وليّها فوجد بها عيباً بعدما دخل بها، قال: فقال: إذا دُلّست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زَمانة ظاهرة، فإنّها تردّ على أهلها من غير طلاق...»[1] [2]

ما ورد في هذه الرواية من موارد التدليس هو من باب ذكر المصاديق ولا خصوصيّة فيها، ومراد الإمام(ع) منها هو بيان أنّ التدليس متحقّق في مثل هذه الموارد، وخصوصيّة الموارد المعدودة في الصحيحة أنّ العقد مبنيّ عرفاً على عدمها، وبالنتيجة يعتبر عدم ذكر هذه العيوب في العقد من مصاديق التدليس.

2 ـ خبر عبد الرحمن بن أبي عبدالله است، قال: «سألت أبا عبدالله(ع) عن رجل تزوّج امرأة فعلم بعدما تزوّجها أنّها قد كانت زنت؟ قال: إن شاء زوجها أخذ الصداق ممّن زوّجها ولها الصداق بما استحلّ من فرجها، وإن شاء تركها...»[3] [4]

3 ـ صحيحة معاوية بن وهب، قال: «سألت أبا عبدالله(ع) عن رجل تزوّج امرأة فعلم بعدما تزوّجها أنّها کانت زنت. قال: إن شاء زوجها أن يأخذ الصداق من الذي زوّجها ولها الصداق بما استحلّ من فرجها وإن شاء ترکها...»[5]

4 ـ حسنة الحلبي عن أبي عبدالله(ع): «عن المرأة تلد من الزنا ولا يعلم بذلك أحد إلا وليّها، أيصلح له أن يزوّجها ويسكت على ذلك إذا كان قد رأى منها توبة أو معروفاً؟ فقال: إن لم يذكر ذلك لزوجها ثمّ علم بعد ذلك فشاء أن يأخذ صداقها من وليّها بما دلّس عليه، كان له ذلك على وليّها، وكان الصداق الذي أخذت لها، لا سبيل عليها فيه بما استحلّ من فرجها، وإن شاء زوجها أن يمسكها فلا بأس.»[6] [7]

5 ـ صحيحة داود بن سرحان عن أبي عبدالله(ع): «في الرجل يتزوّج المرأة فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء، قال: تردّ على وليّها ويكون لها المهر على وليّها...»[8] [9]

6 ـ حسنة الحلبيّ ومعتبرة داود بن سرحان عن أبي عبدالله(ع): «في رجل ولّته امرأة أمرها أو ذاتُ قرابة أو جارٌ لها لا يعلم دخيلة أمرها، فوجدها قد دلّست عيباً هو بها، قال: يؤخذ المهر منها ولا يكون على الذي زوّجها شي‌ء.»[10] [11]

والمستفاد من مجموع هذه الأخبار أنّه إذا تحقّق التدليس في خصوص عيب أو صفة كماليّة ـ كما تقدّم في صحيحة الحلبيّ المتقدّمة في الفئة الأُولى المتقدّمة في الجلسة السابقة ـ فيحقّ الفسخ للطرف المقابل، وهذا لا يختصّ بعيب أو صفة كماليّة محدّدة.

نعم، قد يتوهّم مخالفة ظاهر بعض الأخبار لهذه الدعوى:

منها: صحيحة الحلبيّ عن أبي عبدالله(ع) أنّه قال: «في الرجل يتزوّج إلى قوم فإذاً امرأته عوراء ولم يبيّنوا له، قال: لا تردّ، إنّما يردّ النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل...»[12] [13]

لكنّ الصحيح أنّ العور كان أمراً شائعاً في ذلك الزمان ـ خلافاً للعمى ـ فلم يكن مجرّد عدم ذكره تدليساً، إذن ما تريد الرواية نفيه هو تحقّق الموضوع ـ أي التدليس ـ لا نفي الحكم مع إثبات الموضوع.

وانتهجت فتاوى بعض الأعاظم المعاصرين هذا النهج في تعريف التدليس وتحديد مدى شموله:

فقال الإمام الخميني في التحرير: «مسألة ١٣: كما يتحقّق التدليس في العيوب الموجبة للخيار كالجنون والعمى وغيرهما، كذلك يتحقّق في مطلق النقص كالعور ونحوه بإخفائه. وكذا في صفات الكمال كالشرف والحسب والنسب والجمال والبكارة وغيرها بتوصيفها بها مع فقدانها. ولا أثر للأوّل ـ أي التدليس في العيوب الموجبة للخيار ـ إلا رجوع الزوج على المدلّس بالمهر كما مرّ؛ وأمّا الخيار فإنّما هو بسبب نفس وجود العيب. وأمّا الثاني ـ وهو التدليس في سائر أنواع النقص وفي صفة الكمال ـ فهو موجب للخيار إذا كان عدم النقص أو وجود صفة الكمال مذكورين في العقد بنحو الاشتراط. ويلحق به توصيفها به في العقد وإن لم يكن بعبارة الاشتراط، كما إذا قال: «زوّجتك هذه الباكرة أو غير الثيّبة»، بل الظاهر أنّه إذا وصفها بصفة الكمال أو عدم النقص قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ثمّ‌ أوقعه مبنيّاً على ما ذكر كان بمنزلة الاشتراط فيوجب الخيار، وإذا تبيّن ذلك بعد العقد والدخول واختار الفسخ ودفع المهر، رجع به على المدلّس.

مسألة ١٤: ليس من التدليس الموجب للخيار سكوت الزوجة أو وليّها عن النقص مع وجوده واعتقاد الزوج عدمه في غير العيوب الموجبة للخيار، وأولى بذلك سكوتهما عن فقد صفة الكمال مع اعتقاد الزوج وجودها.»[14]

وقال السيّد الوالد: «مسألة ٢٨٤٢: إذا تبيّن أنّ‌ أحد طرفي العقد فيه عيب أو نقص معتدّ به عند العرف وأخفاه بقول أو فعل عن الطرف الآخر، كأن لم يكن قادراً على الكلام وأخفى ذلك، أو شرط ضمن العقد على الطرف الآخر أن يكون بمواصفات معيّنة ثمّ‌ تبيّن أنّه فاقد لها، كأن يشترط في العقد أن يكون الطرف الآخر هاشميّاً ثمّ‌ تبيّن له أنّه ليس كذلك، فللطرف الآخر حقّ‌ فسخ العقد.

مسألة ٢٨٤٣: إذا جرت العادة أو العرف في مكان ما على وجود مواصفات خاصّة لطرفي العقد بنحو ينشأ العقد عرفاً على ذلك المبنى ـ كالبكارة في البنت ـ ثمّ‌ تبيّن أنّ‌ تلك الشروط أو المواصفات غير متوفّرة، فللطرف المقابل حقّ‌ فسخ العقد حتّى وإن لم تذكر تلك الشروط أو المواصفات صريحاً حين العقد.»[15]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo