< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/15

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:کتاب النکاح/ التدلیس / ثبوت الخیار بتدلیس الغیر

 

الفرع الثاني: الإخبار في غير مقام النكاح

إذا أخبر الزوج أو الزوجة بخصائص الطرف المقابل ولم يكن الإخبار في مقام النكاح ـ مثل الصورة التي لم يقصد الزوج النكاح بعد فأخبره المخبِر، أو لم يعلم المخبِر بوجود قصد النكاح فيه، أو أخبر غيرَ الزوج أو الزوجةِ بأخبار كاذبة وسمعه الزوج أو الزوجة بواسطة ـ فهل يصدق التدليس في مثل هذه الفروض أيضاً؟

ورد في كلمات العلامة في القواعد إشكال في تحقّق التدليس بها.

لكنّ مقتضى التحقيق أنّه إذا لم يكن الإخبار في مقام النكاح، فلا يصدق التدليس على فعل الإخبار. نعم إذا علم بأنّ هناك من يريد النكاح، فأخبر بغية التأثير عليه ـ مثل أن يتظاهر بأنّه جاهل بموضوع النكاح فيخبر كذباً عن الطرف المقابل، أو يعلم أنّه سيطّلع الزوج أو الزوجة على الموضوع فيخبر أحداً أو يشيع كذباً وأمثال هذه ـ فلا إشكال في صدق التدليس.

ولذلك قال المحقّق الثاني في جامع المقاصد: «إنّ قول المصنّف: «ولا يتحقّق بالإخبار له لغير الزوج» ينبغي أن يريد بالغير من عدا وكيل الزوج، لأنّ وكيل الزوج بمنزلة الزوج، لا سيّما إذا عقد النكاح معه.

وينبغي أن يريد به غير السفير بينهما أيضاً، لأنّ الغرور ينشأ عن إخبار السفير، لأنّ إخباره يستند إليه في العادات المستمرّة.»[1]

وقد تقدّم أنّه إذا كان إخبار الكذب من المخبر في سبيل التأثير على النكاح، فلا إشكال في صدق المدلّس عليه، وإن لم يكن المخبَر وكيلاً أو سفيراً.

وبعبارة أُخرى فالمدلّس كلّ من يسند العرف الخدعة في النكاح إليه.

لكن يجب التنبّه إلى أنّ مجرّد استعداد الشخص للنكاح بواسطة الخدعة أو التدليس، لا يعطيه حقّ الفسخ، وإنّما يحتاج ذلك إلى كون التدليس مستنداً إلى الطرف الآخر في النكاح أو إلی من يتولّی النکاح من قبله کالوليّ والوکيل. ولذلك لو قام المتولّي للنكاح عن الزوج بتدليس الزوجة للزوج، فلا يثبت حقّ الفسخ للزوج، لأنّ التدليس حينئذٍ مستند إلى من ولّي أمر النكاح من قبل الزوج نفسه وليس مستنداً إلى الزوجة أو المتولّي للنكاح عنها.

ومن هنا نجد المحقّق الكركي على الرغم من عبارته السابقة في أنّ المراد من المنكح في الأخبار هو العاقد، فإنّه عرّف المدلّس في موضع آخر من جامع المقاصد كما بينّاه نحن فقال: «وأمّا بيان ما به يصير الشخص مدلّساً، فينبغي أن يقال فيه: أنّه متى تحقّق كونه باعثاً على التزويج عدّ مدلّساً، سواء كان متولّي العقد هو أو غيره، وهكذا يفهم من كلام بعض المحقّقين.

لكن عبارة المصنّف والشيخ وابن الجنيد غير وافية بذلك، والذي تشعر به عبارة المبسوط أنّ المدار في التدليس على التزويج، وفي عبارة بعض الأخبار اختلاف، ففي بعضها الرجوع على الوليّ الذي دلّسها، وفي بعضها يغرم وليّها الذي أنكحها، وفي بعضها أنّ المهر على الذي زوّجها لأنّه الذي دلّسها.

وأمّا الوليّ فالمعروف بينهم أنّه الذي أمر المرأة إليه، كالأب والجدّ والوصيّ والحاكم، ومقتضى ذلك أنّ الرجوع عليه إن كان وإلا فعليها.

ويناسب الحال أن يراد بالوليّ هنا المتولّي لأمرها وإن كان وكيلاً بحيث يكون تزويجها مستنداً إليه، سواء باشر العقد أم لا. والأخبار لا تدلّ على أمر غير ذلك والدليل لا ينهض إلا عليه، لأنّ التدليس منوط بالباعثيّة.»[2]

والحقّ أنّ التدليس الذي يلزم منه حقّ الفسخ هو الذي يقوم به أحد طرفي النكاح أو من يتولاه عنهما بالنسبة إلى الطرف الآخر، فتكون له باعثيّة نحوه، والروايات أيضاً ناظرة إلى هذا المعنى وإن اختلفت العبارات فيها، ولكن المعنى المراد منها واحد.

الفرع الثالث: المشاركة في التدليس

إذا حصل التدليس بمشاركة جماعة ـ مثل أن يتدخّل فيه الزوجة ووليّها ـ فما حكم ذلك؟

التدليس متحقّق في هذه الصورة أيضاً بلا إشكال، وبالنتيجة فإنّ المشاركة في التدليس لا تؤثّر على حقّ الطرف المقابل في الفسخ.

لكنّ الذي يؤثّر فيه هذا الفرض هو ضمان المهر الذي سنتناول البحث عنه في محلّه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo