< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: کتاب النکاح/ التدليس / الرابطة بين الفسخ بالعيب و الفسخ بالتدليس

لصاحب الجواهر في خاتمة كلامه عبارات في خصوص العلاقة بين الفسخ بالعيب والفسخ بالتدليس. قال: «قد ظهر لك ممّا ذكرنا مجامعة العيب للتدليس وانفراد كلّ منهما عن الآخر، فقد يكون عيباً من غير تدليس كما لو كان خفيّاً على الزوجة ووليّها، وما في جامع المقاصد من التوقّف في ذلك في غير محلّه[1] ، وتدليس من غير عيب كمسائل هذا الفصل المشتملة على فقد صفات الكمال، وتدليس وعيب كما لو دلّس بالعيب، وهو الذي تقدّم في الفصل السابق إلا أنّه لا حكم له زائداً على خيار العيب إلا في الرجوع بالمهر الذي قد عرفت الكلام فيه.

وأمّا احتمال إثبات الخيار من جهته فهو واضح الفساد، ضرورة ظهور النصّ والفتوى في اتّحاد جهة الخيار بالتدليس بالعيب الذي قد عرفت أنّه يتحقّق بمجرّد السكوت عن الإخبار بالعيب مع العلم به الذي لا يصحّ فيه إسقاط الخيار من جهة العيب وبقاؤه من جهة الكتمان، بل النصوص صريحة في فساده كما هو واضح.»[2]

ولكن يشكل على كلامه بأمور:

أوّلا: نشأ إشكال المحقّق الثاني في ما كان العيب خفيّاً من أنّه ـ كما تقدّم ـ في غير الجنون والعيوب التي تمنع من الوطء ـ كالعنن والجبّ والقرن والرتق والعفل ـ فظاهر الأخبار أنّ الأخذ بالخيار فيها من باب التدليس لا العيب؛ ومن هنا لو كان العيب خفيّاً وانتفى التدليس فلا دلالة في الأخبار على الأخذ بالخيار، ولكن كلمات الأصحاب مطلقة في الأخذ بالخيار في تلك العيوب.

وثانياً: المورد الذي يعدّ عيباً من غير أن يكون تدليساً، ففيه صورتان: 1 ـ أن يكون العيب ممّا يستلزم حقّ الفسخ من غير تدليس، كالموارد التي تقدّمت في الإشكال الأوّل. 2 ـ أن يكون العيب من العيوب التي لا يمكن فسخ النكاح بمجرّد وجودها من غير تدليس، ولا يحقّ الفسخ في هذه الصورة.

ثالثاً: إنّ مسائل هذا الفصل ـ كما تقدّم في بداية البحث ـ لا تنحصر في التدليس بصفات الكمال، وإنّما تشمل التدليس بالعيب أيضاً.

رابعاً: للعيب بالتدليس أيضاً صورتان: 1 ـ التدليس بالعيوب التي صرّحت الأخبار بثبوت حقّ الفسخ بها. 2 ـ التدليس بالعيوب التي لا دليل على ثبوت حقّ الفسخ بمجرّد وجودها.

وفي الصورة الثانية لا وجه للفسخ غير التدليس، وبالنتيجة فمع انتفائه ـ مثل صورة جهل صاحب العيب بوجوده فيه لخفائه ـ فلا يثبت للطرف الآخر حقّ للفسخ.

ولكن في الصورة الأُولى ـ سواء أثبتنا دعوانا من انحصار العيوب المجوّزة للفسخ مع عدم التدليس بما تقدّم في الإشكال الأوّل أو قلنا بشمول الحكم لعيوب أُخرى ـ فإذا وجد التدليس، فلا يبعد أن يثبت حقّ الفسخ من جهتين، من جهة العيب ومن جهة التدليس، إذن لو أسقط أو سقط حقّ الفسخ من جهة من هاتين، فيمكن الأخذ بالخيار من الجهة الأُخرى.

مثلاً لو اشترطت المرأة على الرجل ضمن النكاح أن لا يكون عنّيناً وقبل الرجل بالشرط على علم بوجود العنن فيه، فالنكاح عقد بناءً على الشرط، فلو تبيّن فيما بعد أنّ فيه عنن ورجعت الزوجة إلى الحاكم، فالحاكم يمهل الزوج سنة للوطء، فإن قدر على الوطء خلال المدّة، فعلى الرغم من أنّ الزوجة لا يمكنها الأخذ بالخيار من باب العنن، ولكن لا يبعد القول بإمكان الفسخ من جهة التدليس.

بل في المثال نفسه، إذا رضيت الزوجة بعنن الزوج بعد النكاح ظنّاً منها بأنّ عننه عارض بعد النكاح وقبل الوطء ثمّ علمت بأنّه موجود من حين العقد وتمّ تدليسه، فلها الأخذ بخيار الفسخ من باب التدليس.

نعم، لو لزم من إسقاط حقّ الفسخ إسقاطه من الجهة الأُخرى أيضاً ـ كما لو قالت الزوجة في المثال السابق لزوجها ـ مع علمها بوجود العنن منذ العقد ـ «أنّي راضيه بعننك ولا أفسخ النكاح بذلك» فمن الواضح أنّ إسقاطها لحقّها من الجهة الأُولى يؤدّي إلى سقوطه من الجهة الثانية أيضاً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo