< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس/الغرر/دليل قاعدة الغرور - الروايات

المطلب الثاني: دليل قاعدة الغرور

استند في قاعدة الغرور إلى أدلّة:

1ـ رواية نسبت في بعض الكتب الفقهيّة إلى النبيّ الأكرم(ص)[1] مضمونها: «المغرور يرجع إلى من غرّه» أو «على من غرّه».

لكنّها مرسلة لا سند لها ولا يعلم استناد المشهور في قاعدة الغرور بها حتّى يمكن جبرها بذلك.

2ـ الأخبار الواردة في مختلف الأبواب الفقهية التي تقدّم بعضها ضمن أخبار العيوب والتدليس.

منها: معتبرة إسماعيل‌ بن‌ جابر، قال‌: «سألت‌ أبا عبدالله(ع)‌ عن‌ رجل‌ نظر إلى امرأة‌ فأعجبته‌ فسأل‌ عنها فقيل‌: هي‌ ابنة‌ فلان،‌ فأتى أباها فقال‌: زوّجني ابنتك، فزوّجه‌ غيرها فولدت‌ منه‌ فعلم‌ أنّها غير ابنته‌ وأنّها أمة؟ فقال:‌ يردّ الوليدة‌ على مولاها والولد للرجل‌، وعلى الذي زوّجه‌ قيمة‌ ثمن‌ الولد، يعطيه‌ موالي‌ الوليدة‌ كما غرّ الرجل‌ وخدعه.»[2] [3]

ومنها: معتبرة رفاعة بن موسی، قال: «سألت أبا عبدالله(ع)... فقال: قضى أمير المؤمنين(ع)‌ في امرأة‌ زوّجها وليّها وهي‌ برصاء‌ أنّ‌ لها المهر بما استحلّ من‌ فرجها وأنّ‌ المهر على الذي زوّجها، وإنّما صار المهر عليه‌ لأنّه‌ دلّسها. ولو أنّ‌ رجلاً تزوّج‌ امرأة‌ أو زوّجها رجلاً لا يعرف‌ دخيلة‌ أمرها، لم‌ يكن‌ عليه‌ شي‌ء‌ وكان‌ المهر يأخذه‌ منها.»[4] [5]

ومنها: حسنة الحلبي عن أبي عبدالله(ع): «عن المرأة تلد من الزنا ولا يعلم بذلك أحد إلا وليّها، أيصلح له أن يزوّجها ويسكت على ذلك إذا كان قد رأى منها توبة أو معروفاً؟ فقال: إن لم يذكر ذلك لزوجها ثمّ علم بعد ذلك فشاء أن يأخذ صداقها من وليّها بما دلّس عليه، كان له ذلك على وليّها...»[6] [7]

فيظهر من هذه الثلاث أنّ دليل رجوع الزوج إلى الولي هو التدليس والغرور، وبالنتيجة يمكن القول بتعميم الحكم في جميع موارد الغرور.

ومنها: صحيحة أبي عبيدة عن أبي جعفر(ع)، قال: «في رجل تزوّج امرأة من وليّها فوجد بها عيباً بعدما دخل بها، قال: فقال: إذا دُلّست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن كان بها زَمانة ظاهرة، فإنّها تردّ على أهلها من غير طلاق ويأخذ الزوج المهر من وليّها الذي دلّسها...»[8] [9]

فما ورد فيها من التعبير بـ «دلّسها» من بعد «وليّها» مشعر بأنّ الحكم دائر مدار هذا الوصف لا كونه عنواناً مشيراً.

غير أنّ السيّد الخوئي أشكل على الاستدلال بهذه الأخبار لقاعدة الغرور وقال: «وأمّا الأخبار التي استدلّ‌ بها القائلون برجوع المشتري على البائع بالغرامات... روايات خاصّة قد وردت في خصوص المزوّج العالم بالحال، فلا يمكننا التعدّي منها إلى سائر الموارد أبداً، بل لا نتعدّى منها إلى غير مهرها أيضاً كما إذا اغترم زوجها بكراء دار أو بصرف أموال كثيرة، وإنّما نقتصر على خصوص المهر لأجل تلك الأخبار.

وقد يستدلّ‌ على رجوع المغرور إلى الغارّ في جميع الموارد بما ورد في بعض هذه الأخبار من التعليل بقوله(ع): «كما غرّ الرجل وخدعه» في خبر اسماعيل بن جابر وقوله(ع) في خبر رفاعة: «وإنّما صار المهر عليه لأنّه دلّسها» فيتعدّى من التعليلين إلى جميع موارد الغرور.

إلا أنّ‌ الاستدلال بهما على المدّعى ممّا لا يمكن المساعدة عليه، لأنّ‌ الرواية الاُولى ضعيفة السند بمحمّد بن سنان... كما أنّ‌ الثانية ضعيفة بسهل بن زياد...

وأمّا التعليل المذكور فيهما فهو إنّما يقتضي التعدّي منهما إلى كل من غرّ آخر في الزواج برجوعه إلى المزوّج في المهر لأنه المذكور في الروايتين لا إلى جميع موارد الغرور ولعلّه ظاهر.»[10]

وجواب الإشكال أوّلاً أنّه لا إشكال في أسانيد هاتين الروايتين، إذ لا مانع من الأخذ بروايات محمّد بن سنان وسهل بن زياد، على أنّه لو سلّم الإشكال على هاتين، فلا إشكال في سند حسنة الحلبي وصحيحة أبي عبيدة.

وثانياً: ما ترتّب عليه الحكم في الروايتين إنّما هو التدليس والغرور لا التدليس والغرور الواقع في النكاح، ومن المعلوم أنّ ذكر العلّة في مورد معيّن من باب التطبيق لا يعني اختصاص العلّة بالمورد.


[1] ـ حياة المحقّق الکرکي وآثاره، ج9، حاشية إرشاد الأذهان، ص338.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo