< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/03/29

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس/الغرر/ مدلول قاعدة الغرور

4 ـ إذا أتلف المغرور مال الغير بواسطة الغرور، فمن المعلوم أنّ التعويض الذي يمكن له الرجوع لمطالبته إلى الغارّ يكون بمقدار البدل المدفوع إلى صاحب المال.

لكن إذا کان هناك ضرر آخر أيضاً يمكن إسناده إلى الغرور فللمغرور الرجوع به إلی الغارّ أيضاً، وهو في الأُمور التي يجب تحمّلها علی المغرور شرعاً أو عرفاً ويراها العرف خسارة عليه.

مثلاً لو اضطرّ لدفع البدل عمّا أتلفه من صاحب المال بأن يدفع عوضاً زائداً على قيمة البدل نفسه بحيث لم يكن طريق آخر عرفاً لتحصيل البدل، فله في هذه الصورة أن يطالب الغارّ بذلك.

أو إذا تصرّف في مال الغير ظنّاً منه بأنّه عائد له بواسطة خدعة الغارّ واحتاج المال عرفاً صرف تكاليف ـ كما لو قام بتسطيح وحرث الأرض الزراعيّة تمهيداً للزراعة ـ فله أن يطالب الغارّ بهذه التكاليف أيضاً.

أو إذا قام نتيجة الخدعة في اختيار الزوجة بصرف أموال متعارفة لمراسيم النكاح والعرس وشراء مستلزمات الزواج ودفع نفقة المرأة منذ الزواج إلى قبل الفسخ، فله مطالبة الغارّ بجميع ذلك أيضاً.

وأمّا لو كان الضرر الوارد على المغرور غير متعارف بحسب المورد ـ كما لو هدم بيتاً جديد البناء عمداً ـ فلا يحقّ له مطالبة الغارّ بغرامته، لأنّ الضرر في مثل هذه الموارد لا يسند عرفاً إلى الغرور. نعم، إذا كان أصل العمل متعارفاً والضرر غير متعارف ـ كما لو أهدى إلى المرأة هديّة غالية بحيث لا تناسب شأنها فأتلفتها ـ فيحقّ له أخذ الغرامة من الغارّ في الحدود المتعارفة لا أكثر.

5 ـ تقدّم أنّ المستفاد من قاعدة الغرور أنّ الذي يحقّ له الرجوع إلى الغارّ هو المغرور ولا يحقّ لمن أتلف المغرور ماله أن يرجع إلى الغارّ مباشرة.

ولكنّ السيّد الخميني ذهب إلى جواز رجوع الشخص الذي أتلف المغرور ماله إلى الغارّ والمغرور على حدّ سواء، وإذا رجع إلى المغرور فله أن يرجع إلى الغارّ بعدئذٍ دون العكس.

واستدلّ على دعواه بروايات صنّفها إلى فئتين:

1 ـ الروايات الدالّة على ثبوت الضمان على عهدة الغارّ من البداية، مثل معتبرة إسماعيل بن جابر التي ورد فيها: «وعلى الذي زوّجه‌ قيمة‌ ثمن‌ الولد، يعطيه‌ موالي‌ الوليدة‌ كما غرّ الرجل‌ وخدعه»[1] [2] وكذا معتبره رفاعة بن موسی التي قال فيها الإمام (ع): «إنّ‌ المهر على الذي زوّجها، وإنّما صار المهر عليه‌ لأنّه‌ دلّسها».[3] [4]

2 ـ الروايات الدالّة على ثبوت الضمان على عهدة المغرور وجواز رجوعه إلى الغار بعد ردّ البدل، مثل موثّقه جميل بن دراج عن أبي عبدالله(ع): «في الرجل‌ يشتري الجارية‌ من‌ السوق‌ فيولدها ثمّ‌ يجيء‌ مستحقّ‌ الجارية‌. فقال‌: يأخذ الجارية‌ المستحقّ‌ ويدفع‌ إليه‌ المبتاع‌ قيمة‌ الولد ويرجع‌ على من‌ باعه‌ بثمن‌ الجارية‌ وقيمة‌ الولد التي أُخذت‌ منه.»[5] [6]

وحسنة أو موثّقه إبراهيم‌ بن‌ عبد الحميد عن أبي عبدالله (ع): «في شاهدين‌ شهدا على امرأة‌ بأنّ‌ زوجها طلّقها فتزوّجت‌ ثمّ‌ جاء‌ زوجها فأنكر الطلاق.‌ قال:‌ يضربان‌ الحدّ ويضمّنان‌ الصداق‌ للزوج...»[7] [8]

ثم قال جمعاً بين الروايات: إنّ الرجوع جائز منذ البداية إلى الغارّ والمغرور على حدّ سواء وروايات الفئة الثانية متعلّقة بالرجوع إلى المغرور أوّلاً.

ثمّ قال: «وبما ذكر يظهر أنّه لو أبرأ المضمون له المغرور المتلف، ليس له الرجوع إلى الغارّ، فلو أبرأت المرأة الزوج من المهر، ليس لها الرجوع به إلى الغارّ، لأنّ‌ الضمان كان عنه.

وبعبارة أُخرى إنّ‌ الزوج ضامن للزوجة والغارّ ضامن لها عن الزوج؛ أي ضامن لها ما هو ضامن لها، فعليه ضمان ما هو ضامن، فإذا سقط ضمان الزوج سقط ضمانه، نظير الضمان بمعنى ضمّ‌ ذمّة إلى ذمّة بوجه.

ولو أبرأت المرأة الغارّ، لم يكن له تأثير إلا في عدم جواز رجوعها إليه، فلها أخذ المهر من الزوج بعد إبراء الغارّ، وللزوج الرجوع إليه بعد الأداء.»[9]

على أنّه ينتج من هذا الكلام أن لو لم يمكن الرجوع إلى المغرور لأيّ سبب كان، فالمضمون له يستطيع من خلال الرجوع إلى الغارّ أن يطالبه بالغرامة، بينما إذا اعتبرنا حقّ الرجوع إلى الغارّ منحصراً في المغرور، فلن يحقّ للمضمون له أن يرجع إلى الغارّ.

ونتابع الکلام حول تحقيق هذه الدعوی في الجلسة الآتية إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo