< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/04/18

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس / الغرور / تنقيص سدس المهر – تنصيف المهر

 

القول الرابع: تنقيص سدس المهر

قال المحقّق في نکت النهاية: «قال الراوندي في تفسير مشكل النهاية: ينتقص السدس، لأنّ «الشيء» في عرف الشرع السدس، واستدلّ بما ذكره في باب الوصية.

وهو غلط من وجهين:

أحدهما: أنّ الرواية خالية من ذكر لفظة «الشيء» وإنّما ذكرها الشيخ في النهاية، ونحن نطالبه بذلك التفسير. وأظنّ الراوندي حيث ذكرها الشيخ في النهاية ظنّها حجّة أو منقولة عن صاحب الشرع، وهو وهم منه.

ولو قال: الرواية تضمنّت «ينتقص» ولابدّ من مفعول، وأقلّه لفظة «شيء».

قلنا: هذا غلط آخر، لأنّ «الشيء» إذا كان عندك سدساً لم يجز أن تضمر هنا «شيئاً»، وإنّما يصحّ إضمار «الشيء» إذا جعل على بابه منكراً غير دالّ على شيء معيّن.

الثاني: أن نسلّم أنّ الشرع نطق بانتقاص شيء ونسلّم أنّ «الشيء» في باب الوصيّة مفسّر بالسدس، لكن لم إذا كان في الوصيّة مفسّراً بالسدس يكون في كلّ موضع كذلك‌؟ ثمّ ينتقض ذلك بالإقرار والأوامر. ثمّ‌ تبطل دعواه باستعمال لفظة «الشيء» لغير السدس كقوله تعالى: ﴿وَ لا يَحِلُّ‌ لَكـُمْ‌ أَنْ‌ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ‌ شَيْئاً﴾[1] [2] ولم يرد السدس.»[3]

القول الخامس: تنصيف المهر

قال صاحب الجواهر: «قد يقال: إنّ الأولى تقديره بالنصف عملاً بالنصوص المعتبرة المستفيضة الواردة في تقديره بالأمة بعشر قيمتها ونصف عشر قيمتها الظاهرة في كون التفاوت بين البكارة والثيوبة ـ التي لا فرق فيهما بين الأمة وغيرها ـ بالنصف وإن اختلفا في كون ذلك نصف عشر القيمة ونصف المسمّى الذي قد وقع العقد والتراضي عليه، بل هو الأقوى في النظر إن لم يكن إجماع على خلافه.»[4]

لكن لا وجه لهذه الدعوى، إذ أوّلاً: خلافاً لما قاله صاحب الجواهر فالتفاوت في المهر للبكارة والثيبوبة بحسب أحوال الأشخاص، ولا تؤثّر البكارة والثيبوبة في مهر جميع الأشخاص على نحو سواء، خاصّة لو كان اختلافهم من حيث الحريّة والرقيّة.

وثانياً: لو سلّمنا قبول دعواه، فيحتمل قوياً أنّ ما ذكره الإمام(ع) في خصوص الأمة فهو بسبب أنّ مهر الأمة البكر والثيّب واختلافهما كان بهذا المقدار في عصر صدور الرواية، ولا دليل على كون المقدار المذكور تعبّديّاً أو ذا خصوصيّة معيّنة، بل الدليل على خلافه.

فبناءً على ما تقدّم من كون جواز التنقيص من المهر هو فيما إذا اشترطت البكارة ضمن العقد لمقدار المهر، نقول: إنّ المتفاهم عرفاً من هذا الشرط هو دخل وصف بكارة الزوجة في تعيين مقدار المهر المسمّى، وأنّ المقدار قد عيّن بالتناسب مع وجود البكارة، فلو علم بثيبوبتها عند تعيين المهر لتمّ تحديده بهذا الوصف، ولذلك فلنسبة الفرق بين مهر مثل الباكرة والثيّب مدخليّة في تعيين مقدار المهر المسمّى، فإذا علم أنّ الزوجة تفتقد وصف البكارة، فينقص من مهرها بتلك النسبة، وبالنتيجة يمكن الالتزام بقول ابن إدريس ـ أي القول الثاني ـ في المسألة.

وما ذكره المحقّق من أنّ الحاكم يعيّن مقدار المهر فهو أيضاً يرجع إلى هذا المعنى، لأنّ الحاكم يحتاج لتحديد المهر إلى وجود ملاك للتعيين، ولا يبدو وجود ملاك غير ما تقدّم في المقام.

ثمّ إنّ آخر ما يمكن طرحه في المسألة، هو دعوى صاحب الجواهر في خصوص العيب المتجدّد.

قال في الجواهر: «يقوى ثبوت النقصان مع العلم بتجدّد الثيبوبة، لترك الاستفصال في الصحيح المزبور الذي يمكن تأييده بكونه كالمبيع قبل قبضه في ضمانه على البائع حتّى يقبض، اللهمّ إلا أن يدّعى ظهور النصّ في سبق الثيوبة أو مجهول الحال، فيكون ترك الاستفصال فيه لذلك، ويمكن منعه.»[5]

فقد يتوهّم أنّه لا وجه لهذه الدعوى، إذ ـ كما تقدّم ـ ليس المراد من البكارة والثيبوبة هو وجود أو انعدام غشاء البكارة، وإنّما المراد كون الزوجة غير مدخولة أو مدخولة، ولا يتصوّر فرض صيرورتها مدخولاً بها بعد العقد.

ولكن هناك فروض لذلك أيضاً، مثل أن تكون المرأة حال العقد باكرة ثمّ زنت بعد العقد أو وطئت شبهة.

إلا أنّ الظاهر من صحيحة محمّد بن جزّك أنّ البكارة شرط ضمن العقد، والشرط محقّق بالبكارة حال العقد في الفرض، فلا وجه لإمكان التنقيص من المهر في صورة تحقّق الثيبوبة بعد العقد.


[1]  .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo