< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/04/19

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس / الغرور / إذا استمتع بالمرأة فبانت كتابيّة

 

قال المحقّق الحلّي:

«السادسة: إذا استمتع امرأة فبانت كتابيّة، لم يكن له الفسخ من دون هبة المدّة ولا له إسقاط شيء من المهر. وكذا لو تزوّجها دائماً على أحد القولين. نعم، لو شرط إسلامها كان له الفسخ إذا وجدها على خلافه.»[1]

إذا تزوّج امرأة من غير اشتراط إسلامها ثمّ علم بأنّها كتابيّة ـ سواء كان الزواج دائماً أم منقطعاً ـ فلا وجه لجواز الفسخ أو التنقيص من مهرها، لكن إذا كان النكاح منقطعاً جاز له هبة المدّة المتبقيّة، وإذا كان دائماً فله أن يطلّقها.

لكن لو شرط إسلامها ضمن النكاح، فله الفسخ بالأخذ بخيار التدليس.

والعجيب أنّ المحقّق على الرغم من القول بعدم إمكان الفسخ في المسألة السابقة، فقد جوزّه هنا من غير أن توجد رواية في المسألة.

اللهم إلا أن يقال: إنّ وجه عدم جواز الفسخ في المسألة السابقة وجود صحيحة محمّد بن القاسم بن فضيل التي استفاد منها الأصحاب عدم جواز الفسخ.

وعلى كلّ حال، فيعلم من ذلك قول المحقّق أيضاً بعموم أدلّة التدليس وعدم اختصاص حقّ الفسخ بالتدليس بما ورد في النصوص.

ولكن إذا عكسنا المسألة واشترط الزوج أن تكون الزوجة كتابيّة، ثمّ علم أنّها مسلمة، فله الفسخ في هذه الصورة أيضاً والدليل عليه أيضاً تحقّق التدليس.

وأمّا قد يقال من أنّ حقّ التدليس هو فيما كان التخلّف عن الشرط بمعنى وجود النقص، وإسلام الزوجة وصف كمال وليس نقصاً.

فالجواب أنّ النقص والكمال يختلفان حسب الظروف والمواقف، فقد يكون الوصف كمالاً في حالة معيّنة، ونقصاً في حالة أُخرى، وبما أنّنا افترضنا اشتراط الزوج عدم إسلام الزوجة، فهذا يحمل على أنّ خصائص وظروف الزوج هي بنحو لا يعتبر إسلام الزوجة فيها له صفة كماليّة، لأنّ الشرط هو ما يجرّ منفعة للمشروط له.

فدعوى أنّ إسلام الزوجة صفة كماليّة مطلقاً ليست دعوى وجيهة.

قال المحقّق الحلّي:

«السابعة: إذا تزوّج رجلان بامرأتين وأُدخلت امرأة كلّ واحد منهما على الآخر فوطئها، فلكلّ واحدة منهما على واطئها مهر المثل، وتردّ كلّ واحدة على زوجها وعليه مهرها المسمّى. وليس له وطؤها حتّى تنقضي عدّتها من وطء الأوّل.

ولو ماتتا في العدّة أو مات الزوجان، ورث كلّ واحد منهما زوجة نفسه وورثته.»[2]

ما ذكره المحقّق مطابق للقواعد من غير إشكال.

إلا أنّ في المسألة روايتين:

1 ـ صحيحة محمّد بن‌ مسلم‌ عن‌ أبي جعفر(ع)، ‌ قال‌: «سألته‌ عن‌ رجلين‌ نكحا امرأتين‌ فأُتي‌ هذا بامرأة‌ هذا وهذا بامرأة‌ هذا؟ قال‌: تعتدّ هذه‌ من‌ هذا وهذه‌ من‌ هذا ثمّ‌ ترجع‌ كلّ‌ واحدة‌ إلى زوجها.»[3] [4]

2 ـ مرسلة جميل‌ بن‌ صالح‌ عن‌ بعض‌ أصحاب‌ أبي عبدالله‌(ع)‌: «في أُختين‌ أُهديتا إلى أخوين‌ في ليلة‌ فأُدخلت‌ امرأة‌ هذا على هذا وأُدخلت‌ امرأة‌ هذا على هذا؟ قال:‌ لكلّ‌ واحد منهما الصداق‌ بالغشيان‌، وإن‌ كان‌ وليّهما تعمّد ذلك‌ أُغرم‌ الصداق‌. ولا يقرب‌ واحد منهما امرأته‌ حتّى تنقضي‌ العدّة‌، فإذا انقضت‌ العدّة‌ صارت‌ كلّ‌ واحدة‌ منهما إلى زوجها بالنكاح‌ الأوّل.‌ قيل‌ له:‌ فإن‌ ماتتا قبل‌ انقضاء‌ العدّة؟‌ قال:‌ فقال:‌ يرجع‌ الزوجان‌ بنصف‌ الصداق‌ على ورثتهما ويرثانهما الرجلان.‌ قيل:‌ فإن‌ مات‌ الرجلان‌ وهما في العدّة؟‌ قال:‌ ترثانهما ولهما نصف‌ المهر المسمّى وعليهما العدّة‌ بعد ما تفرغان‌ من‌ العدّة‌ الأُولى، تعتدّان‌ عدّة‌ المتوفّى عنها زوجها.»[5] [6]

علماً بأنّ الصدوق روى الثانية في الفقيه مسنداً[7] ، وهذا وقع في كثير من روايات الفقيه.

ولكن محلّ الكلام في الرواية الثانية ذيلها، حيث ورد فيها أنّه بموت الزوج أو الزوجة حال کونها في عدّة الآخر، ينصّف المهر.

ويظهر من الصدوق في المقنع العمل بذيلها.[8]

ولکن فصّل الشيخ في النهاية وقال: «فإن ماتتا قبل انقضاء العدّة، فليرجع الزوجان بنصف الصداق على ورثتهما ويرثانهما الرجلان.

فإن مات الرجلان وهما في العدّة، فإنّهما ترثانهما، ولهما المهر المسمّى حسب ما قدّمناه في المتوفّى عنها زوجها ولم يدخل بها.»[9]

وقال ابن إدريس: «فإن ماتتا قبل انقضاء العدّة فقد روي أنّ الرجلين الزوجين يرجعان بنصف الصداق على ورثتهما ويرثانهما.

والصحيح من الأقوال أنّ بموت أحد الزوجين ـ إمّا المرأة أو الرجل ـ يستقرّ جميع المهر كملاً، سواء دخل بها الرجل أو لم يدخل.»[10]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo