< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/04/24

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس / الغرور / دلالة الآية الشريفة

 

ما ذكره المحقق الكركيّ في خصوص دلالة الآية الشريفة ممّا تقدّم في الجلسة السابقة، فلا يمكن الالتزام به، لأنّ المتفاهم منه عرفاً أنّه لو لم يمكن إمساك الزوجة بالمعروف بأيّ سبب كان، فلا ينبغي للزوج أن يذرها كالمعلّقة، بل يجب عليه أن يتركها بالطلاق، سواء كان عدم الإمساك لمشكلة في الزوج أو بسبب اشتباه في أُمور خارجيّة أوجبت عدم إمكان تعيين الزوجة، إذ لو كان للزوج طريق لتسريح الزوجة، فإنّ العرف يعتبر عدم استخدامه هذا الطريق من عدم إمساكها بمعروف وإن لم يكن الزوج مقصّراً في إيجاد هذه الظروف.

وقال کاشف اللثام: «يحتمل طلاق الحاكم أو فسخه أو تسلّط المرأتين على الفسخ، وانتفاء الجميع للأصل، ومنع تعذّر الإمساك بالمعروف.

وكذا الحكم فيما بعد الدخول، فالتخصيص بما قبله لما سنذكره من التنصيف.

ويجوز أن يكون الدخول مرجّحاً للزوجيّة كالقرعة، بل أولى إلا أن يكون دخولاً يعلم وقوعه لا للزوجيّة.»[1]

ولكن كما تقدّم، فعندما تتمّ دلالة الآية الشريفة فلا يبقى وجه لسائر الاحتمالات المطروحة في المسألة ـ ومنها الرجوع إلى القرعة ـ إذ لو لزم طلاق الزوج فلا يبقى مشكل يستدعي الرجوع إلى القرعة.

وما ذيّله كاشف اللثام في كلامه واعتبر وقوع الوطء موجباً لترجيح الزوجيّة ومقدّماً على القرعة، فمن غرائب الكلام إذ لا دليل على الترجيح بالدخول شرعاً.

إذن يتعيّن من بين الاحتمالات المذكورة الاحتمال الذي بيّنه العلامة من إلزام الزوجين بالطلاق.

وبعد الطلاق إذا تزوّج أحد الزوجين إحدى الزوجتين، فإنّ الطلاق السابق لا يعدّ ضمن الطلقات الثلاث، إذ لا يعلم كونها زوجة حين الطلاق السابق. كما أنّه لو تزوّج كليهما وطلّق إحداهنّ مرّتين، فله أن يتزوّجها مرّة أُخرى من غير محلّل، إذ لا يوجد علم إجماليّ بتوجّه الحرمة الفعليّة بتلك الزوجة المحدّدة.

وأمّا إذ تزوّجهما ثمّ طلّق كلاً منهما مرّتين، فيلزمه اجتناب كليهما ما لم يأت محلّل، لأنّه يعلم إجمالاً بحرمة إحداهنّ من دون محلّل.

وإذا تزوّجهما وطلّق إحداهنّ مرّتين ثمّ تزوّجها مرّة أُخرى ثمّ طلّق الزوجة الأُخرى مرّتين، فسيحصل له علم إجمالي بأنّه إمّا أن يكون نكاح المرأة الأُولى باطلاً أو لا يجوز له نكاح المرأة الثانية من غير محلّل، فعليه في هذه الصورة أن يراعي الاحتياط ويطلّق الأُولى أوّلاً ولا يتزوّج أيّاً منهما من غير محلّل.

 

قال المحقّق الحلّي:

«الثامنة: كلّ موضع حكمنا فيه ببطلان العقد فللزوجة مع الوطء مهر المثل لا المسمّى، وكذا كلّ موضع حكمنا فيه بصحّة العقد فلها مع الوطء، المسمّى وإن لحقه الفسخ. وقيل: إن كان الفسخ بعيب سابق على الوطء لزمه مهر المثل، سواء كان حدوثه قبل العقد أو بعده، والأوّل أشبه.»[2]

والوجه في وجوب دفع مهر المثل في صورة الحكم ببطلان العقد أنّ الوطء في هذه الحالة وطء شبهة.

وأمّا في صورة الحكم بإمكان فسخ النكاح، فإنّ الشيخ فصّل المسألة في المبسوط فقال: «أيّهما فسخ نظرت؛ ...إن كان بعد الدخول فإن كان العيب حدث بعد العقد وقبل الدخول، سقط المسمّى ووجب مهر المثل، لأنّ الفسخ وإن كان في الحال فإنّه مستند إلى حال حدوث العيب، فيكون كأنّه وقع مفسوخاً حين حدث العيب. وإن كان حدوثه قبل الدخول فكأنّه مفسوخ قبل الدخول وحصل الدخول في نكاح مفسوخ فوجب مهر المثل.»[3]

والوجه في دعوى الشيخ أيضاً أنّه يرى الفسخ مؤثّراً من حين سببه لا من حين الفسخ، بينما تقدّم سابقاً أنّ تأثير الفسخ إنّما هو من حين الفسخ نفسه، ولا دليل على تأثيره في زمان سابق على تحقّق الفسخ ـ على نحو الشرط المتأخّر ـ بل إطلاقات الأدلّة على خلافه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo