< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/04/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس / الغرور / روايات في خصائص المهر

 

وردت روايات في خصائص المهر، منها:

1 ـ معتبرة أبي الصبّاح‌ الكنانيّ‌ عن‌ أبي عبدالله(ع)، قال‌: «سألته‌ عن‌ المهر، ما هو؟ قال:‌ ما تراضى عليه‌ الناس‌.»[1] [2]

2 ـ حسنة فضيل‌ بن‌ يسار عن‌ أبي جعفر(ع)،‌ قال‌: «الصداق‌ ما تراضيا عليه،‌ من‌ قليل‌ أو كثير، فهذا الصداق‌.»[3] [4]

3 ـ حسنة الحلبيّ‌ عن‌ أبي عبدالله(ع)، قال‌: «سألته‌ عن‌ المهر؟ فقال:‌ ما تراضى عليه‌ الناس‌ أو اثنتا عشرة‌ أوقيّة‌ ونشّ‌ أو خمسمائة‌ درهم‌.»[5] [6]

4 ـ حسنة جميل‌ بن‌ درّاج‌ عن‌ أبي عبدالله(ع)،‌ قال‌: «المهر ما تراضى عليه‌ الناس‌ أو اثنتا عشرة‌ أوقيّة‌ ونشّ‌ أو خمسمائة‌ درهم‌.»[7] [8]

5 ـ خبر زرارة‌ بن‌ أعين‌ عن‌ أبي جعفر(ع)‌، قال‌: «الصداق‌ كلّ‌ شي‌ء‌ تراضى عليه‌ الناس،‌ قلّ‌ أو كثر، في متعة‌ أو تزويج‌ غير متعة‌.»[9] [10]

6 ـ خبر زرارة‌ عن‌ أبي جعفر(ع)،‌ قال‌: «الصداق‌ ما تراضيا عليه،‌ قلّ‌ أو كثر.»[11] [12]

7 ـ موثقة جميل‌ بن‌ درّاج،‌ قال‌: «سألت‌ أبا عبدالله(ع) عن‌ الصداق؟‌ فقال:‌ هو ما تراضى عليه‌ الناس‌ أو اثنتا عشرة‌ أوقيّة‌ ونشّ‌ أو خمسمائة‌ درهم. وقال:‌ الأوقيّة‌ أربعون‌ درهماً والنشّ‌ عشرون‌ درهماً.»[13] [14]

واستفاد منها الأصحاب أوّلاً: أنّ المعتبر في المهر هو أن يکون مالاً في العرف والشرع، وثانياً: لا حدّ له شرعاً من حيث القلّة والكثرة.

أمّا الدعوى الثانية فسنبحثها لاحقاً والآن نتناول البحث عن شروط ما يقع مهراً.

قال المفيد في المقنعة: «المهور كلّ ما كانت له قيمة من ذهب وفضّة ومتاع وعقار وأشباه ذلك. وقد يقوم مقام كلّ واحد ممّا عدّدناه وينوب منابه ما تستحقّ عليه الأُجور من الصناعات. ويجوز أيضاً على تعليم سورة من القرآن أو آية منه أو شيء من الحكم والآداب.»[15]

وقال الديلمي في المراسم: «المهور على ضربين: ذهب وفضّة، وما له قيمة.

فالذهب والفضّة لا شكّ في كونهما مهراً.

وما له قيمة على ضربين: ما له قيمة في شرعنا، والآخر له قيمة في غير شرعنا.

والأوّل على ضربين: ما له ثمن كالثياب والأمتعة، وما عليه أجر وعوض.

وهو على ضربين: ما له عوض سائغ في الشريعة، وما له عوض غير مرسوم في الشريعة.

فالأوّل: تعليم الصنائع والعلوم والقرآن. وكلّ هذا ينعقد به النكاح ويكون مهراً، إلا قسمين، وهما: ما لا قيمة له في الشريعة كالخمر ولحم الخنزير، وما له عوض لم تسوّغه الشريعة كتعليم المحظور.»[16]

وقال الشيخ في النهاية: «المهر ما تراضيا عليه الزوجان ممّا له قيمة ويحلّ‌ تملّكه، قليلاً كان أو كثيراً.»[17]

وقال ابن البرّاج في المهذّب: «سائر ما يجوز أن يكون ثمناً لمبيع أو أُجرة لمكترٍ يصحّ أن يكون صداقاً، قليلاً كان أو كثيراً.»[18]

وبالنسبة إلى اشتراط ماليّة المهر فقد ادّعى ابن إدريس عدم الخلاف عليه بين المسلمين حيث قال في السرائر: «الصداق ما تراضى عليه الزوجان ممّا له قيمة في شرع الإسلام ويحلّ‌ تملّكه، قليلاً كان أو كثيراً بلا خلاف بين المسلمين، إلا ما ذهب إليه السيد المرتضى في انتصاره، فإنّه قال: إذا زاد على خمسين ديناراً لا يلزم إلا الخمسون.»[19]

وقد يشكل بأنّ المذكور في الرواية هو مجرّد اشتراط تراضي الطرفين، ولا دلالة فيها على لزوم ماليّة المهر، فإذا كان المهر ما يمكن تملّكه من غير ماليّة، فلا إشكال في جعله مهراً مع تراضي الطرفين. بل حتّى لو لم يكن ممّا يملك، فيمكن اعتبار شمول هذه الأخبار له، مثل أن يجعل مهر المرأة شرطاً غير ماليّ.

لكنّ الجواب أنّ الروايات المذكورة لا إطلاق فيها، بل ظاهرها أنّه يجب أن يكون ممّا للقلّة والكثرة فيه اعتبار، والظاهر من القلّة والكثرة أنّهما متعلّقان بالجهة الماليّة لا الحجم والوزن وأمثالهما.

إذن فضرورة ماليّة المهر كما أنّها تستفاد من الأخبار فهي مطابقة لدعوى ابن إدريس أيضاً ولا خلاف فيها بين المسلمين.

وأمّا هل يجب أن يكون المهر عيناً أم لا إشكال في كونه منفعة؟ يمكن التمسّك فيه بإطلاق الأخبار المذكورة، لأنّ القلّة والكثرة معتبرة في المنفعة أيضاً، فما تراضى عليه الطرفان فلا إشكال في اعتباره مهراً.

 

قال المحقّق الحلّي:

«ويصحّ العقد على منفعة الحرّ، كتعليم الصنعة والسورة من القرآن، وكلّ عمل محلّل، وعلى إجارة الزوج نفسه مدّة معيّنة. وقيل بالمنع استناداً إلى رواية لا تخلو من ضعف مع قصورها عن إفادة المنع.»[20]

قد تقدّم أنّه يمكن بالتمسّك بإطلاق الأخبار لندّعي صحّة جعل المنفعة مهراً، وهذا يستفاد من إطلاق بعض الكلمات المتقدّمة وكذا صريح بعضها الآخر، بل ادّعى آخرون الشهرة فيه.

على أنّ هناك أخباراً تدلّ عليه أيضاً.

منها: صحيحة محمّد بن‌ مسلم‌ عن‌ أبي جعفر(ع)، قال‌: «جاءت‌ امرأة‌ إلى النبيّ(ص)‌ فقالت:‌ زوّجني! فقال‌ رسول‌ الله(ص):‌ من‌ لهذه؟‌ فقام‌ رجل‌ فقال:‌ أنا يا رسول‌ الله!‌ زوّجنيها! فقال:‌ ما تعطيها؟ فقال:‌ ما لي شي‌ء.‌ فقال:‌ لا. قال:‌ فأعادت‌ فأعاد رسول‌ الله(ص)‌ الكلام‌ فلم‌ يقم‌ أحد غير الرجل‌ ثمّ‌ أعادت‌. فقال‌ رسول‌ الله‌(ص)‌ في المرّة‌ الثالثة:‌ أتحسن‌ من‌ القرآن‌ شيئاً؟ قال:‌ نعم.‌ فقال:‌ قد زوّجتكها على ما تحسن‌ من‌ القرآن‌ فعلّمها إيّاه.»[21] [22]

ومنها: خبر بريد العجليّ‌ عن‌ أبي جعفر(ع)، قال: «سألته‌ عن‌ رجل‌ تزوّج‌ امرأة‌ على أن‌ يعلّمها سورة‌ من‌ كتاب‌ الله‌ عزّ وجلّ؟ فقال:‌ ما أُحبّ‌ أن‌ يدخل‌ بها حتّى يعلّمها السورة‌ ويعطيها شيئاً. قلت: أيجوز أن‌ يعطيها تمراً أو زبيباً؟ قال:‌ لا بأس‌ بذلك‌ إذا رضيت‌ به‌، كائناً ما كان.»[23] [24]

ومع ذلك فقد ذهب جماعة من الأصحاب إلى المنع عمّا كان المهر فيه إجارة الزوج، وهذا ما سندرس كلماتهم فيه في الجلسة الآتية إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo