< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/05/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس/الغرور/ الفروض في المسألة

 

بناءً على ما تقدّم، ففي المسألة فرضان:

الفرض الأوّل: أن لا يكون للمجعول مهراً ماليّة عرفيّة

مثل أن تجعل المرأة مهرها بتلة وردة ـ على نحو الكلّي أو العين الخارجيّة ـ أو أن تقول: «صداقي أن لا ينكح زوجي امرأة أُخرى ما دام على نكاحي» أو أن تجعل المهر عيناً خارجيّة مبهمة، ثمّ يعلم أنّ العين لا ماليّة لها، كما لو قالت: «صداقي هو كلّ ما يوجد في هذا الصندوق» ثمّ يُعلم أنّ في الصندوق قشّة، ولا فرق في المثال الثالث بين أن يقال ببطلان المهر بسبب الإبهام أو تصحيحه بالنحو المذكور ممّا سيأتي البحث فيه في المطالب الآتية إن شاء الله.

ومقتضى التحقيق في هذا الفرض أنّ المرأة بحكم من فوّضت البضع، إذ عندما يُعلم أنّ المهر المسمّى فاقد للماليّة عرفاً وبالنتيجة يفتقد المقتضي لجعله مهراً، فهو كما لو قالت المرأة عند النكاح أنّه لا مهر لنكاحها.

ومن الجدير أن نشير في هذا المقام إلى أنّه تارة يبذل المال مقابل ما تكون شيئيّته ثابتة بغضّ النظر عن وجود وعدم المستلم للمال في قباله. وتارة أُخرى يبذل مقابل ما تتوقّف شيئيّته على مستلمه، كما لو أُعطي المال مقابل تعهّد الشخص بأمر ما أو إسقاطه لحقّه أو عدم إعماله لحقّه.

والذي له ماليّة هو الشيء بالمعنى الأوّل، وأمّا الشيء بالمعنى الثاني فليست له ماليّة عرفاً، ففي الثاني يدفع المال كمرجّح لاختياره من قبل الشخص المستلم للمال لا مقابل الشيء نفسه، إذ هو مختار في أن يختاره أو لا، والمال إنّما يستلمه ليرجّح اختياره أو عدم اختياره على الطرف الآخر. وليس للعرف في مثل هذه الموارد أن يقيّم ما بذل المال بإزائه، إذ تقدم أنّه لا تتصوّر شيئيّة له بغضّ النظر عن مستلمه. ولذلك لا يوجد في العرف حدّ للمقدار الذي يطلب، وهو شأن خاصّ فيكون حسبما يراه مستلم المال. ويؤيّده أنّ في المورد الثاني يبذل المال أحياناً مقابل أمر عدميّ ـ مثل عدم إعمال الحقّ ـ ومن المعلوم أنّ الأمر العدمي لا تكون له ماليّة.

الفرض الثاني: ثبوت الماليّة العرفيّة للمجعول مهراً وفقدانه الماليّة الشرعيّة

ولهذا الفرض صورتان :

الصورة الأُولى: يعيّن المهر كلّيّاً في الذمّة

مثل أن تقول المرأة: «إنّ مهري جرّة من الخمر»، وفيه حالتان:

الحالة الأُولى
: أن تعلم المرأة أنّ المجعول مهراً ليس له ماليّة شرعيّة.

ففي هذه الحالة تكون المرأة بحكم التي فوّضت بضعها، فعندما تكون عالمة بعدم ماليّة المهر المسمّى شرعاً، فقصدها لذلك المهر كلا قصد، لأنّ وجوب المهر في النكاح حكم شرعيّ وليس من باب العوضيّة عن البضع، وتعمّدها في مخالفة الشرع في هذه الحالة معناه أنّها تريد أن لا تنتفع ممّا جعله الشرع لانتفاعها منه.

ولكن إن اعتبرنا المهر عوضاً عن منافع البضع، فلا يبعد حينئذٍ أنّ تستحقّ قيمة الخمر عند مستحلّيه، لأنّ قصدها لجعل ما ليس له ماليّة شرعيّة بدلاً عن منافع بضعها، لا يلازم قصد المجّانيّة، وبالنتيجة عندما يتعذّر أداء المهر بما له من خصائص ـ بسبب تعلّق نهي شرعي به ـ فيجب جبران ماليّته ضمن بدل قيميّ، وستأتي تتمّة الكلام وتفصيل وجهه في الحالة الثانية.

لكن بما أنّنا لا نقول ببدليّة المهر عن منافع البضع، فهي في حكم المفوّضة لبضعها، كما تقدم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo