< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/05/25

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: التدليس / الغرور / إمكان الاكتفاء بلفظ واحد في النكاح

 

يشكل ذيل الكلام المنقول عن صاحب الجواهر في الجلسة السابقة من جهات:

فأوّلاً: لا يدلّ عدم الخلاف بل إجماع الأصحاب على وحدة العقد، إذ من المعلوم أنّ وحدة العقد أو تعدّده ليسا من الأحكام الشرعيّة حتّى نحاول كشف حكمها الشرعي بهذه الأدلّة، وإنّما هي من الموضوعات العرفيّة الملقى تشخيصها إلى العرف.

وثانياً: لا يمكن الالتزام باعتبار وحدة مورد العقد العرفيّة في صحّته ولا في وحدته، إذ لو كان المراد من الصحّة، صحّة العقد لدى الشارع، فنعلم عدم ورود دليل شرعيّ فيه، وأمّا إذا كان المراد منه الصحّة العرفيّة، فإنّ العرف لا يحكم بفساد ما لم يكن مورد العقد فيه واحداً، بل يحكم بتعدّد العقد وانحلاله بحسب موارده.

وثالثاً: لا تدلّ العمومات إلا على صحّة مثل هذا العقد وليست ناظرة إلى وحدته.

ورابعاً: من الغريب ما قيل من جريان حكم العقد الواحد على العقد من جهة وحكم العقود المتعدّدة من جهة أُخرى عليه، لأنّ العقد المذكور إمّا واحد وإمّا متعدّد، فلا يمكن اعتباره واحداً من جهة ومتعدّداً من جهة أُخرى.

فالحقّ إذن أنّه إذا تزوّج الرجل بأكثر من امرأة في إيجاب وقبول واحد أو تزوّج عدد من الرجال عدّة نساء بإيجاب وقبول واحد، فهذا العقد ينحلّ إلى عقود بعدد الأطراف، فليس عقداً واحداً.

وأمّا أصل مسألة إمكان الاكتفاء بلفظ واحد في النكاح ـ فيقول وكيل الزوجتين للزوج في الإيجاب مثلاً: «زوّجتك موكّلتَيّ» ويقول الزوج «قبلت» ـ فهو من حيث صدق العقد عليه عرفاً مشمول بالعمومات، فلا إشكال في العقد من حيث الصحّة.

قال المحدّث البحراني في الحدائق: «إنّ ما ذكر من صحّة النكاح في هذه الصورة لم أقف فيه على نصّ بخصوصه، إلا أنّ الظاهر دخوله تحت العمومات، والأصحاب قد علّلوا ذلك بوجود المقتضي للصحّة ـ وهو العقد الجامع لشرائطه ـ وانتفاء المانع، إذ ليس إلا جمع المهر على شيء واحد وهو لا يصلح للمانعيّة، لأنّه على تقدير صحّة المهر يظهر حقّ كلّ واحدة بالتوزيع، وعلى تقرير البطلان لا يؤثّر في العقد كما سيأتي بيانه وهو يرجع إلى ما ذكرناه.»[1]

 

المقام الثاني: حكم المهر المجعول لعدّة نساء

إذ نكح الرجل عدّة نساء بلفظ واحد وجعل مهراً لمجموعهنّ في ضمن العقد ـ مثل أن يقول وكيل النساء: «زوّجتك موكّلاتي على صداق 100 دينار» ـ فهل يصحّ هذا المهر أم أنّه فاسد؟

قال في جامع المقاصد: «لو تزوّج رجل عدّة نساء بمهر واحد، صحّ النكاح والمهر، لانتفاء الجهالة، حيث إنّ المجموع معلوم ولا يضرّ جهالة استحقاق كلّ واحدة منهنّ، لأنّ العقد جرى على الكلّ، واستعلام حقّ كلّ واحدة منهنّ يحصل بأدنى تأمّل.»[2]

وقال في المسالك: «هل يصحّ‌ المهر أم لا؟ فيه وجهان:

أحدهما: وهو الذي قطع به المصنّف والأكثر، الصحّة، لأنّه معلوم جملةً، وحصّة كلّ‌ واحدة يمكن علمها بعد ذلك، كثمن المبيعين في عقد واحد.

والثاني: البطلان، لأنّ المهر هنا متعدّد في نفسه وإن كان مجتمعاً، وحصّة كلّ‌ واحدة منه ليست معلومة عند العقد، وعلمها بعد ذلك لا يفيد الصحّة، كما لو كان مجهولاً منفرداً وعلم بعد ذلك. ونمنع صحّة البيع للملكين غير المشتركين بثمن واحد، كما هو مذهب الشيخ في الخلاف وغيره، ولأنّه كعقدين والثمن غير معلوم بالنسبة إلى كلّ‌ واحد منهما، واختاره في المبسوط إذا اختلفت القيمتان.»[3]

وقال المحقّق السبزواري في الکفاية: «لو تزوّج امرأتين وأكثر بمهر واحد، صحّ‌ النكاح عندنا. وهل يصحّ‌ المهر؟ فيه وجهان.»[4]

وقال صاحب الحدائق بعد ذکر الوجهين المذکورين في المسالك للصحّة والبطلان: «لم يتعرّض الأكثر لذكر البطلان ولا لذكر وجهه.

أقول: حيث كانت المسألة عارية من النصّ، أشكل الكلام فيها سيّما مع تدافع هذه التعليلات، وإن كانت لا تصلح لتأسيس حكم شرعي.»[5]

وقال صاحب الجواهر: «لو جمعهما بمهر واحد... فهل يكون باطلاً و إن لم يبطل به عقد النكاح... أو أنّ المهر صحيح كالعقد... للعمومات التي لم يعلم تخصيصها بأزيد من العلم به جملة واحدة في العقد الواحد في البيع، فضلاً عن المهر الذي قد عرفت الحال فيه وأنّه يحتمل من الجهالة ما لا يحتمله غيره، لأنّه ليس معاوضة محضة، ويعلم حينئذٍ حصّة كلّ واحد منهما بعد ذلك، بل هو الموافق ل‌قوله(ع): «المهر ما تراضى عليه الزوجان» الصادق على ذلك، على أنّ المسمى في مقابلة البضعين من حيث الاجتماع، ولا يلزم من التقسيط الحكمي التقسيط اللفظي، ولعلّ هذا هو الأقوى.»[6]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo